قائمة الموقع

إلى المتباكين على حلّ الدّولتين.. متى كان هذا الحلّ ممكنًا؟

2023-12-27T13:29:00+02:00
شمس نيوز -

هبة دهيني

على هوامش القضيّة الفلسطينيّة، يتباكى كثيرون من الّذين يزعمون أنّ الحلّ لمشكلة الاستعمار هو مُصاحبتُه! لطالما عرّفتُ عن نفسي "بعربيّةٍ من بلاد الشّام"، مؤكّدةً أنّني لستُ عربيّةً لأجل الدّول الّتي لم تتذكّر مناخ غزّة حين احتفلت بمَناخ عالميّ، ولا من أجل الحكومات الّتي تذكّرت غزّة حين اعترفت بحلٍّ زائفٍ لدولتين، ولا لأجل الرّؤساء "العرب" الّذين ينتبهون لاسم فلسطين على خارطة الشّرق الأوسط حين يوقّعون على اتّفاقيّات سلام وتطبيع مع العدوّ "الإسرائيليّ".

أنا عربيّة لأجل العراق واليمن وبلاد الشّام، لأجل كلّ صاروخ يُطلق من العراق لدكّ إيلات، ومن اليمن لدكّ السّفن "الإسرائيليّة" في البحر الأحمر، ومن الجنوب اللبنانيّ لدكّ مستوطنات الجليل، ومن سورية لدكّ مستعمرات المحتلّ في الجولان، ومن فلسطين لدكّ حشود العدوّ من تحت الأرض ومن فوقها. عربيّةٌ مقاومة لأجل التحرير والعودة، لا لأجل حكومات و"حلّ الدّولتين"!

"حلُّ مقترح للصّراع العربي-"الإسرائيلي"، يقوم على تراجع العرب عن مطلب تحرير كامل فلسطين، ويقوم هذا الحل على أساس دولتين في فلسطين التاريخية تعيشان جنبًا إلى جنب، هما دولة فلسطين إلى جانب الكيان الصهيوني المحتل، وهو ما تم الترويج له منذ الموافقة على قرار مجلس الأمن الدولي الرقم 242 الصادر بعد حرب حزيران 1967 وسيطرة "إسرائيل" على باقي أراضي فلسطين التاريخية، إضافة الى سيناء المصرية والجولان السوري... وكان قد تحدث عنه المفكر السياسي وعالم اللسانيات الأمريكي "نعوم تشومسكي" الذي يعدّ أول من اقترح هذا الحل المزعوم وروّج له في الجامعات الأمريكية، مباشرةً بعد هزيمة العرب في حرب 67"، هذا هو التّعريف الرّسميّ لحلّ الدّولتين، فمتى كان هذا الحلّ ممكنًا؟

على الرّغم من ما يحمله مقترح "حل الدولتين" من إجماع وقبول من قِبَل الكثير من الدول، خاصة بلسان وزير الخارجية الأمريكي السابق، جون كيري الذي قال إنّ "حل الدولتين هو الحل الوحيد والممكن من أجل تحقيق السلام"، إلّا أنّه ما زال يواجه انقسامات حادة، من جهة أصحاب الأرض -الفلسطينيّين- الذين يرفضون التّخلّي عن شبر واحد من فلسطين التّاريخيّة، ومن جهة المستعمرين الصهاينة من أجل تحقيق نفوذهم وأطماعهم في المنطقة. إذ تُبدي الكثير من الأحزاب السياسية والجماعات اليمينية المتطرفة داخل الكيان المحتلّ امتعاضها مما يسمى بـ"حل الدولتين"، رافضةً أيّ محاولة للاعتراف بالحق الفلسطيني داخل "أرض الميعاد"، بحسب مسمّاهُم، إذ ما فتئت هذه الفئات تدعو بشكل علني إلى ترحيل الفلسطينيين، من كامل الأرض الفلسطينية، أو إبادتهم.

واليوم، في ظلّ الحرب التي يشنها العدو "الإسرائيليّ" على قطاع غزة، وفي ظلّ

المقاومة المستمرة تحت مسمّى "وحدة الجبهات"، صار "حلّ الدّولتين" حلًّا أقرب للوهم، إذ أنّ الموقف "الإسرائيلي" الأخير بات أكثر تشدّدًا، ففي مقابلة بثتها قناة "سكاي نيوز" البريطانية، يوم الخميس، رفضت سفيرة الكيان المحتلّ في بريطانيا "تسيبي هوتوفلي" أي حل يتضمن إقامة دولة فلسطينية. وأدرجت "ذا تايمز أوف إسرائيل" تصريحًا لمسؤول صهيونيّ يقول فيه إنّ "نتنياهو يقول ذلك بصوت عال وصريح، "إسرائيل" ليست متحمسة لفكرة الدولتين". إلّا أنّ الولايات المتحدة الأميركية لم تُخفِ انتقادها "لنتنياهو" بلسان رئيسها "بايدن" خلال فعالية انتخابية في واشنطن، إذ أعلن أنّه "ينبغي على "نتينياهو" تغيير موقفه بشأن حل الدولتين".

هذا وقد كان الكيان الاستعماري يتوسّل "حل الدولتين" لأجل قيام "دولته" الوهميّة، اليوم، لا زال صاغرًا يتوسّل، ولكنّ توسٌّله تبدّل نحو عدم تطبيق مثل هذا الحلّ، رفضًا لبقاء الفلسطينيّين، ودعمًا لاحتلال كل فلسطين، بأكثر الوسائل عنصرية، وفاية وإجراما، وقطعًا، تحت مسمّى السّلام المختبئ وراء أقنعة مشروع الهيمنة "الأميركي الاستعماري".

وقد عزز اتفاق أوسلو المشؤوم، بعد ثلاثين عاما، من المفاوضات العبثية، وما تخللها من زرع مئات المغتصبات في الضفة الغربية والقدس المحتلتين، وزيادة أعداد المستوطنين الى نحو مليون.. عزز أوهام التسوية و"حل الدولتين"، باعتراف رئيس سلطة رام الله محمود عباس وكل المتربعين اليوم على رأس منظمة التحرير!..

ومن جهة أخرى، ينادي الفلسطينيون وقواهم المقاومة بتحرير فلسطين التاريخية "من النّهر إلى البحر"، هذه الجملة تثير غضب المنادين بالحلّ الموهوم، والصهاينة الطامعين بإبادة الشعب الفلسطينيّ والسيطرة على كافة أراضيه.

ومع ذلك، لا يزداد الشعب الفلسطيني سوى تمسّكًا بالأرض التاريخية، ومقاومةً لكلّ من يعاند حقّه بالعودة إلى أراضيه، خاصّةً بعد الطّوفان الذي جرف هيبة الاحتلال ومكانته العالميّة، ولا زال يجرف حتّى اللحظة جنوده ومستوطناته!

 

اخبار ذات صلة