بل ساعات من موعد احتفال حزب الله بذكرى اغتيال قائد «قوة القدس» الإيرانية، اللواء قاسم سليماني، قرّرت "إسرائيل" كسر قواعد الاشتباك مع لبنان، وتجاوز الخط الأحمر الذي رسمه الأمين العام لحزب الله، السيد حسن نصرالله، قبل عدة أشهر. فاغتالت نائب رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس»، صالح العاروري، في غارة جوية استهدفته في الضاحية الجنوبية لبيروت.
وقد فتحت الجريمة الأبواب على مسارات تبدو مختلفة عن السائد الآن، سياسياً وعسكرياً وأمنياً، خصوصاً أن حزب الله أعلن في بيان نعيه العاروري أن «الجريمة لن تمر من دون رد وعقاب». وهو ما يُنتظر أن يشرحه السيد نصرالله في خطابه المرتقب عند السادسة من مساء اليوم، ولا سيما أنه كان قد أكّد في آب الفائت أن «أي اغتيال على الأرض اللبنانية يطاول لبنانياً أو فلسطينياً أو سورياً أو إيرانياً أو غيرهم، سيكون له رد الفعل القوي». كما شدّد على عدم السماح لـ«أن تُفتح ساحة لبنان للاغتيالات، ولن نقبل على الإطلاق بتغيير قواعد الاشتباك القائمة»، علماً أن نصرالله أطلق وعيده يومها بعد تهديد "إسرائيلي" باغتيال العاروري الذي يقيم على الأراضي اللبنانية، بالتحديد.
وقد اعتبر حزب الله في بيانه الجريمة أنها امتداد لاغتيال القائد في الحرس الثوري في سوريا رضي الموسوي ضمن «سياسة الاغتيال والتصفيات الجسدية لكل من عمل أو خطّط أو نفّذ أو ساند عملية طوفان الأقصى البطولية وساهم في الدفاع عن شعب فلسطين المظلوم». وعدَّ الحزب الاغتيال «اعتداءً خطيراً على لبنان وشعبه وأمنه وسيادته ومقاومته وما فيه من رسائل سياسية وأمنية بالغة الرمزية والدلالات، وتطوراً خطيراً في مسار الحرب بين العدو ومحور المقاومة، وأنّنا في حزب الله نُؤكّد أنّ هذه الجريمة لن تمرّ أبداً من دون رد وعقاب، وأنّ مقاومتنا على عهدها ثابتةٌ أبيّةٌ وفيّةٌ لمبادئها والتزاماتها التي قطعتها على نفسها، يدها على الزناد، ومقاوموها في أعلى درجات الجهوزية والاستعداد، وأنّ هذا اليوم المشهود له ما بعده من أيام، فصبراً جميلاً وصبراً جميلاً، وإنّ الله هو المستعان وإنّ النصر بإذن الله تعالى لقريب قريب».
وكان العدو شن بواسطة طيرانه غارة على مكتب وسيارة في منطقة المشرفية، في الضاحية الجنوبية، ما أدى إلى اشتعال النيران في الشقة، وفي السيارة، قبل أن يتبين أن المكان هو مقرٌّ لحركة «حماس»، لم يكن معروفاً من قبل. واستشهد إلى جانب العاروري، القائدان في «كتائب القسام» سمير فندي (أبو عامر) وعزام الأقرع (أبو عمار)، إضافةً إلى 4 من كوادر حركة «حماس»، هم: أحمد حمود واللبنانيون محمود زكي شاهين ومحمد بشاشة ومحمد الريس. كما أسفرت عملية الاغتيال عن سقوط العديد من المصابين، الذين نُقلوا إلى المستشفيات للعلاج.
من جانب الدولة، طلب رئيس الحكومة نجيب ميقاتي من وزير الخارجية عبدالله بو حبيب تقديم شكوى عاجلة إلى «مجلس الأمن الدولي». واعتبر في بيان أن الاستهداف «جريمة إسرائيلية جديدة تهدف حكماً إلى إدخال لبنان في مرحلة جديدة من المواجهات (...) وتوريط للبنان وردّ واضح على المساعي التي نقوم بها لإبعاد شبح الحرب الدائرة في غزة عن لبنان»، محذّراً من «لجوء المستوى السياسي "الإسرائيلي" إلى تصدير إخفاقاته في غزة نحو الحدود الجنوبية لفرض وقائع وقواعد اشتباك جديدة». وبناءً على طلب ميقاتي، أوعز بو حبيب إلى كل من مندوب لبنان لدى الأمم المتحدة في نيويورك، هادي هاشم، وإلى القائم بأعمال سفارة لبنان في واشنطن، وائل هاشم، «إجراء الاتصالات اللازمة وتقديم احتجاجيْن».
كما صدرت مواقف مندّدة بعملية الاغتيال أبرزها من: الحزب التقدمي الاشتراكي والحزب الشيوعي والجماعة الإسلامية ورئيس تيار المردة سليمان فرنجية والنائبين فيصل كرامي وحسن مراد.