انسحبت قوات العدو، أمس، من أحياء التفاح والدرج شرقي مدينة غزة، بعد عشرة أيام من قتال ضارٍ، دمّرت فيه المقاومة عشرات الآليات، ونفّذت العديد من العمليات النوعية، التي توزّعت ما بين الكمائن القاتلة، وعمليات الالتحام المباشر، والقنص الدقيق.
وأظهرت المقاطع التي نشرتها كلٌّ من «كتائب القسام» و«سرايا القدس»، أن العمل في هذين الحيَّين، كان الأكبر زخماً وإبداعاً في كلّ المواقع التي توغّل فيها العدو في شمال وادي غزة. على أن البصمة الإجرامية التي تكرّرت في أحياء التفاح والدرج، هي ذاتها في جميع المناطق التي انسحب منها العدو: دمار كبير وشامل طاول المنازل والبنى التحتية والمقدرات العامة، بما فيها شبكات الكهرباء والمياه والصرف الصحي.بالقرب من مفترق السنافور، التقينا أحمد غزال، أثناء عودته من رحلة تفقّد منزله بالقرب من مدرسة «أبو بكر الرازي»، في عمق المنطقة الشرقية من الحي.
يقول الشاب، في حديث إلى «الأخبار»: «ما عرفت الشارع إلّي فيه دارنا، كل الدور معجونة مع بعض، فش أي ملامح للمنطقة». أمّا بالقرب من صيدلية «التفاح»، حيث وقفنا، واتجهت أنظارنا إلى الجهة الشرقية، فلا يمكن أن تتجاوز الشعور الحادّ بالرهبة والخشوع: الدمار على مدّ البصر، والمنطقة التي كانت مزدحمة بالمنازل، أضحت ساحة جرداء. هناك، التقينا محمد الجزار، وهو رجل خمسيني يكسو ما تبقّى من شعر أسود في رأسه، الغبار. يقول الرجل: "أمضيت خمس ساعات في محاولة البحث عن جدران بيتي فلم أجده. دخلت الحي، فوجدت جثث الشهداء التي داستها الدبابات، تملأ الشوارع. لم يُبقوا في التفاح حجراً على أخيه".
وبالعودة إلى البعد العسكري للانسحاب من «التفاح»، تقدّر أوساط المقاومة أن العدو لم يعطِ العمل العسكري في الحي المساحة الزمنية الكافية للإنجاز؛ إذ انسحب تحت النار، فيما حتى اليوم الأخير من التوغّل، كانت المقاومة تعلن أنها استطاعت تدمير عشرات الآليات والالتحام المباشر مع الجنود. وبناءً على ما تقدّم، عاد الصحافيون الإسرائيليون، ليؤكدوا أن العملية العسكرية ستنتهي، وفي المقابل، ستكون المقاومة قادرة على المبادرة إلى تنفيذ عمليات إطلاق صواريخ لثلاث سنوات مقبلة، ما يعني ضمنياً، الفشل في تحقيق الأهداف المعلنة، وعلى رأسها «تدمير» حركة «حماس»، حكومياً وعسكرياً.
وفي أحدث دليل على ذلك، واصلت المقاومة، أمس، إطلاق رشقات صاروخية غزيرة، من المناطق نفسها التي انسحب الاحتلال منها لتوّه. أيضاً، أعلنت كلٌّ من «القسام» و«السرايا»، دكّ حشود العدو بالعشرات من قذائف «الهاون».