غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

إخفاقات الشمال تنسحب جنوباً: خانيونس تخيّب العدو

شمس نيوز -

لا يشير منحنى العمل المقاوم في اليوم الخامس والتسعين من عمر الحرب، إلى أن المقاومة تلقّت تلك الضربات التي يتحدث عنها جيش الاحتلال، إذ يعكس الواقع الميداني، استقراراً في الأداء المقاوم، يتناسب مع حجم التوغّل البري وتركيزه. وفي حين خرجت مناطق شمال وادي غزة من مهداف العملية البرية، برزت البريج والنصيرات، إلى جانب خانيونس بطبيعة الحال، في واجهتها، حيث تقدّم كل من «كتائب القسام» و«سرايا القدس» أداءً ميدانياً خارجاً عن إطار التقليد.

وإلى جانب مواصلة استهداف الدبابات والآليات المتوغّلة بالقذائف المضادّة للدروع، فجّرت المقاومة، أول من أمس، فتحة نفق بمجموعة من جنود العدو، في عملية يُرجح أنها استُخدمت فيها بقايا الصواريخ الحربية التي لم تنفجر. وتسبب الحدث الأخير الذي وصفه الإعلام العبري بأنه «حدث أمني خطير»، بمقتل ستة جنود، وإصابة العشرات. وعلى خطٍّ موازٍ، نفّذت المقاومة عملية نوعية أخرى، في المحور الجنوبي لقطاع غزة، باستهدافها شاحنة تقل نحو 29 جندياً بصاروخ موجّه، ما تسبب بمقتل وإصابة كل من كانوا فيها.

كل تلك الوقائع، إلى جانب الأداء التقليدي للمقاومة، من عمليات القنص وتفجير الدبابات وتنفيذ الكمائن القاتلة، دفعت الصحافي "الإسرائيلي"، يائير ألتمان، الذي يعمل في «القناة 14»، إلى القول: «الجميع يتحدث عن جبهة الشمال مع لبنان، لكنّ هذه الأيام هي الأصعب للجيش في غزة».

وفي هذا السياق، يوضح مصدر مقرّب من المقاومة، في حديثه إلى «الأخبار»، أن «كتائب المقاومة تقوم بعمليات تبادل للخبرات، وهو ما أكسب المقاومين امتياز قراءة السلوك العسكري لجيش العدو، وتوقّع خطواته التالية قبل أن تحدث فعلاً، وهذا واحد من المكاسب الميدانية لاستدامة الحرب». ويتابع المصدر: «أصبح مفهوماً سلفاً على سبيل المثال، أن الدبابات "الإسرائيلية" تحاذر العبور من خطوط الاشتباك الشرقية التي تحوي الخطوط الدفاعية التقليدية، وتفضّل تنفيذ عمليات التفاف من عدة مسارات، من المحاور الغربية للمدن والأحياء.

بعد 95 يوماً من الحرب، جيش الاحتلال فقد الإبداع، وأصبح يعيد تكرار نفسه، بينما المقاومة استعادت زمام المبادرة، وحلّلت كل معطيات الميدان السابقة، وعملت بناءً عليها».

معركة طويلة في الجنوب

يختلف الموقع الجغرافي لمدينة خانيونس، عنه في مناطق شمال وادي غزة؛ إذ أن المدينة تمتلك خاصرة هي الأكثر عمقاً في قطاع غزة، ففيما لا تتجاوز خاصرة منطقة المغراقة القريبة من مفترق «نتساريم» (شمالاً)، الـ6 كيلومترات، تتجاوز في خانيونس الكبرى الـ15 كيلومتراً، ما يعني أن القذيفة التي تُطلق في المناطق الشرقية من المدينة، لا يسمع صداها في تلك الغربية منها، وهي حالة لا يمكن أن تحدث في المناطق الشمالية من وادي غزة. وعلى هذه الخلفية، أجبرت مساحة المدينة الواسعة، العدو، على استقدام 6 من ألويته القتالية، مدعّمة بأكثر من 300 دبابة، للسيطرة عليها. على أن هذا الطموح، دونه ما جهّزته المقاومة طوال الخمسين يوماً الأولى من الحرب، من خطط ميدانية وإجراءات لوجستية، تعطيها أفضلية المواصلة إلى مدى غير محدود من الصمود والقتال.

حول ما تقدّم، يؤكّد مصدر ميداني مطّلع، في حديث إلى «الأخبار»، أن العدو «يجابه تعقيدات كأداء في الميدان، أبرزها المرونة العالية التي تبديها المقاومة، فضلاً عن المشاركة الفاعلة لكلّ الأذرع العسكرية للفصائل في الميدان، ولا سيما كلّ من "كتائب القسام" و"سرايا القدس"، و"لجان المقاومة الشعبية" و"كتائب المجاهدين"»، مشيراً إلى أن «هذا الحضور أعطى زخماً للعمل العسكري».

وفي محاولة استحضار نموذج ليوم من أيام العمل الميداني، يقول: «فيما فجّرت "كتائب القسام" نحو ثماني آليات، واستهدفت شاحنة كانت تقلّ عشرات الجنود "الإسرائيليين" بقذيفة مضادّة للدروع، دمّرت "السرايا" ثلاث آليات، وواكبت العمل الميداني برميات مكثّفة من قذائف الهاون»، لافتاً إلى أن «هذا التناغم في الأداء العسكري، يساهم في إرباك القوات الراجلة للعدو، حيث المدفعية تحرم الجنود في نقاط التموضع والتخييم، الشعور بالأمان والاستقرار، ما يزيد من حالة الإرباك بين قوات الإمداد والتغذية المعلوماتية في المواقع الخلفية، والدبابات المتوغّلة في الميدان».

شمال غزة والمرحلة الثالثة

تؤكد الوقائع الميدانية الحالية أن المرحلة الثالثة من الحرب، هي الإعلان المبطن عن نهاية العملية البرية الكبرى، من دون تحقيق أيٍّ من الأهداف. فبعد الانسحابات الكبيرة من مساحات شاسعة في شمال القطاع، يتلخّص الجهد العسكري "الإسرائيلي"، في قصف مستمر من الطائرات المُسيّرة على تجمّعات المواطنين، إلى جانب الرمايات المدفعية التي تستهدف المناطق المحاذية للنقاط التي تعسكر فيها الدبابات "الإسرائيلية"، لكي تمنع المواطنين من الزحف تجاه منازلهم المخلاة.

وأكّد هذا التقدير وزير «الأمن القومي»، إيتمار بن غفير، الذي عبّر عن غضبه من تراجع حدة العمليات في شمال غزة بينما تستمر الرمايات الصاروخية على مستوطنات غلاف القطاع، بقوله: «التقارير والمقابلات في الخارج التي أفادت بأن الكابينت المصغّر قرّر إنهاء مرحلة العمليات الكبيرة والانتقال إلى نشاط محدود في غزة، هي في الواقع إعلانات عن نهاية حرب القهر، والانتقال إلى حرب الاستنزاف، الكابينت المصغّر ليس له تفويض بإعلان ذلك، ليس هكذا ننتصر».