غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

"إسرائيل" أمام «العدل الدولية»: الإبادة المكتملة

شمس نيوز -

خضر خروبي

تواجه "إسرائيل"، خلال الأسبوع الجاري، امتحاناً دبلوماسياً محرجاً، وإنْ ليس بالضرورة صعباً، أمام «محكمة العدل الدولية»، وهي أعلى هيئة قضائية تابعة للأمم المتحدة، على خلفية دعوى تقدَّمت بها جنوب أفريقيا، تتّهم كيان الاحتلال بارتكاب جرائم حرب في قطاع غزة ترقى إلى مستوى الإبادة الجماعية، في خطوة قانونية هي الأولى من نوعها منذ بدء الحرب.

الدولة الأفريقية، وهي طرف موقّع على «اتفاقية منع الإبادة الجماعية» أسوة بـ"إسرائيل"، سبق أن استدعت دبلوماسيّيها من تل أبيب بسبب العدوان على غزة، قبل أن تتقدّم بشكوى أمام «الجنائية الدولية»، خلال شهر تشرين الثاني الماضي، للتحقيق في ممارسات الاحتلال في القطاع، طالبت أخيراً في شكواها أمام «العدل الدولية» بإلزام العدو بوقف حربه ضدّ الفلسطينيين، علماً أن "إسرائيل" ليست من الموقّعين على اتفاقية «الجنائية الدولية» المعروفة بـ"نظام روما الأساسي"، والتي تُعنى بالادّعاء على شخصيات يشتبه في تورّطها بارتكاب جرائم حرب، بما في ذلك الإبادة الجماعية، والجرائم ضدّ الإنسانية، خلافاً لمحكمة العدل، المعنية بالنزاعات بين الدول.

وإذا كان البعض يرى في موافقة تل أبيب على المثول أمام «العدل الدولية»، وانتدابها رئيس المحكمة العليا "الإسرائيلية" السابق، القاضي أهارون باراك، لتمثيلها لدى المحكمة، سابقة غير مألوفة في إظهار "إسرائيل"، ولو من حيث الشكل، «احتراماً» لأعراف وقوانين «المجتمع الدولي»، فإن آخرين يضعونه في سياق سياسة التضليل وقلب الحقائق التي دأب القادة "الإسرائيليون" على انتهاجها منذ بدء الحرب؛ ولا سيما أن شخص باراك في ذاته، يشكّل استثماراً سياسياً ودعائياً في «ميثولوجيا المحرقة» بغرض استعطاف الرأي العام العالمي، وتحديداً الغربي منه، ذي «الحساسية المفرطة» حيال المسائل المتعلّقة بـ"معاداة السامية"، التي باتت مرادفاً لأيّ خطاب معادٍ "لإسرائيل". وليس أدلّ على انتهاجها تلك السياسة، أكثر من إصرار حكومة بنيامين نتنياهو على أن اتهامات بريتوريا، بما في ذلك الاتهام بالاستخدام العشوائي للقوّة، والتهجير القسري للسكان، «تفتقر إلى الأساس القانوني والواقعي.

وفي حين شبّه رئيس جنوب أفريقيا، سيريل رامافوزا، معاملة "إسرائيل" للفلسطينيين بنظام الفصل العنصري (السابق في بلاده)، منتقداً المجتمع الدولي الذي «وقف عاجزاً حيال الغارات الجوية المكثّفة» على المدارس والمرافق الصحية والأطقم الطبية والإغاثية وسائر المنشآت المدنية، ردّ الجانب "الإسرائيلي" باتهام بريتوريا بالتعاون مع «منظمة إرهابية تدعو إلى تدمير إسرائيل»، في إشارة إلى حركة «حماس».

اختيار باراك: «تمثيل دور الضحية» نهج إسرائيلي

عملاً بأحكام الاتفاقية، والتي تقضي بانتداب قاضيَين إضافيَين لتمثيل طرفَي النزاع، ضمن هيئة المحكمة، إلى جانب القضاة الخمسة عشر، الذين يؤلّفون هيئة المحكمة الأصيلين، أثار وقوع اختيار حكومة الاحتلال على القاضي أهارون باراك، لهذه الغاية، انتباه المتابعين، بعد أنباء أولية كانت ترجّح فرضية تكليف أحد القضاة الأميركيين بتلك المهمّة.

وفي هذا الصدد، يشير أستاذ القانون ورئيس برنامج الأمن القومي والقانون في «معهد الديموقراطية في إسرائيل»، أميحاي كوهين، إلى أن استعانة حكومة نتنياهو بباراك، تُعدّ ملحوظة لسببَين: الأول، هو نية الأخيرة إرسال رسالة مفادها «أنها تأخذ الشكوى المقدّمة ضدّها على محمل الجدّ، وأنها بصدد القيام بكل ما في وسعها لإنجاح مساعيها» في رد الدعوى وإثبات بطلانها، فيما يتّصل الثاني بمحاولتها الاستفادة من نجاح باراك في تسويق نفسه كـ"شخصية مستقلّة"، على نحو يدفع عنه التهم التي قد توجَّه إليه من قِبَل الداخل والخارج، على أنّه «مبعوث للحكومة الإسرائيلية»، في إشارة إلى تخوّف نتنياهو من تضاؤل حماسة حلفائه الغربيين لدعم ائتلافه الحكومي وممارساته في غزة. ومن جهته، يقول الصحافي "الإسرائيلي"، عميت سيچال: «بما أن الدعوى القضائية مبنيّة على ادّعاء بالإبادة الجماعية، وهو مفهوم تطوّر في القانون الدولي بعد المحرقة، فإن تعيين أحد الناجين من المحرقة يُعدّ أمراً على درجة من الأهمية» في هذا السياق.

«العدل الدولية»: تحدّي الفاعلية

وفيما سيتمّ البدء بجلسات الاستماع اليوم الخميس، على أن تستمر غداً الجمعة، تُثار التساؤلات حول مدى إمكانية نجاح الشكوى في دفع "إسرائيل"، في ضوء تمتّعها بغطاء دبلوماسي وعسكري أميركي منقطع النظير، إلى وقف الحرب في غزة. ذلك أن قرارات المحكمة، وإنْ كانت ملزمة قانوناً، إلّا أنه لا يتمّ احترامها غالباً لاعتبارات سياسية، أساسها التوازنات الدولية التي تخضع لها كلّ هيئات الأمم المتحدة، و"العدل الدولية" ضمناً، وهذا ما حدث مثلاً لدى اعتماد المحكمة، في آذار 2022، قراراً يدعو روسيا إلى وقف الأعمال العدائية في أوكرانيا، الأمر الذي تجاهلته موسكو.

وفي ظلّ ترجيح إصدار حكم مؤقت من جانب المحكمة في غضون أسابيع، في انتظار قرار نهائي قد يستغرق سنوات، تؤكد المديرة المساعدة لـ"برنامج العدالة الدولية" في منظمة «هيومن رايتس ووتش»، بلقيس جرّاح، أنّ القضية المرفوعة من قِبَل جنوب أفريقيا «توفّر فرصة مهمّة لمحكمة العدل الدولية من شأنها أن تسمح لها بالتدقيق في تصرّفات "إسرائيل" في غزة، وفقاً لأحكام اتفاقية منع الإبادة الجماعية لعام 1948»، موضحةً أن الدولة الأفريقية «تتطلّع إلى الحصول على إجابات واضحة وحاسمة حول ما إذا كانت "إسرائيل" ترتكب إبادة جماعية ضدّ الشعب الفلسطيني».

وتعرب الجرّاح عن أملها في أن تعطي الشكوى «دفعاً إضافيّاً أكبر على المستوى الدولي لجهود إحقاق العدالة بصورة محايدة، ونزيهة، سواء أمام «الجنائية الدولية»، أو غيرها من الهيئات (الدولية القضائية)».

*(المصدر: صحيفة الأخبار)