يكتسب المسار التفاوضي بين المقاومة الفلسطينية والعدو الصهيوني زخماً إضافياً، بعد اجتماع باريس، وما نتج عنه من مسوّدة أوّلية لصفقة تبادل أسرى محتملة. ويصل، اليوم، وفدان من حركتَي «حماس» و«الجهاد الإسلامي» وبقية الفصائل، إلى القاهرة، حيث ستُقدم إليهم ورقة الصفقة التي تتضمّن في مرحلتها الأولى، الإفراج عن نحو 35 أسيراً إسرائيلياً، مقابل عدد كبير من الأسرى الفلسطينيين، في ظلّ هدنة تمتدّ على 6 أسابيع، يجري خلالها إدخال كميات كبيرة من المساعدات الإنسانية إلى كامل قطاع غزة.
وأعلن رئيس المكتب السياسي لـ«حماس»، إسماعيل هنيّة، أمس، موقف الحركة «الأوّلي» من «المقترح الذي تمّ تداوله في اجتماع باريس، وندرسه لتقديم الردّ عليه». وأكّد هنيّة أن «ردّنا سيكون على قاعدة أن الأولوية وقف العدوان على غزة وسحب قوات الاحتلال خارج القطاع»، مضيفاً أن «حماس منفتحة على مناقشة أي أفكار جدّية، شرط أن تفضي إلى وقف شامل للعدوان وتأمين إيواء أهلنا النازحين»، إضافة إلى «مبادرات تقضي بإعادة الإعمار، وإنجاز عملية تبادل جدّية للأسرى».
بدوره، جدّد الأمين العام لـ«الجهاد الإسلامي»، زياد النخالة، "موقفنا الثابت، بأننا لن ننخرط في أي تفاهمات من دون أن نضمن وقفاً شاملاً لإطلاق النار، وانسحاب قوات الاحتلال، وضمان إعادة الإعمار، وحلاً سياسياً واضحاً يضمن حقوق الشعب الفلسطيني".
ويأتي ذلك فيما تأمل مصر التوصّل إلى هدنة إنسانية قبل نهاية الأسبوع المقبل، سيُستكمل بحثها خلال الساعات المقبلة عبر عدة لقاءات، يُعقد جزء منها بشكل افتراضي بمشاركة مسؤولين أميركيين، بحسب مصادر مصرية مطّلعة تحدثت إلى «الأخبار».
وفي هذا السياق، من المتوقّع في مصر أن تحمل زيارة وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، المرتقبة بداية الأسبوع المقبل إلى المنطقة، الإعلان عن المدى الزمني لوقف إطلاق النار المؤقّت، على عكس جولاته الأخيرة، والتي لم تسفر عن أي نتائج. وأشارت المصادر إلى أن مصر تعتقد أن «الهدنة الطويلة الأمد باتت الخيار الوحيد المتاح في الوقت الحالي، خصوصاً إذا جرى ضمان إدخال مساعدات تحسّن من الوضع الإنساني»، و«عدم حدوث اختراقات "إسرائيلية" لما سيجري الاتفاق عليه»، مستدركةً بأن القاهرة "لا تتبنّى المقترح الباريسي بشكل كامل".
من هنا، بدأت مصر مشاورات موسّعة مع أطراف إقليمية، وفي مقدّمتها السعودية والإمارات والأردن، بشأن مرحلة ما بعد التهدئة المرحلية، وسط تشديدها على «ضرورة بلورة موقف فلسطيني موحّد وحكومة قادرة على مخاطبة العالم وإنهاء الانقسام الداخلي» خلال فترة الهدنة، وهو الأمر الذي ترى فيه القاهرة أنه «يتطلّب ضغوطاً من كلّ الأطراف، بما فيها قطر، على القيادات الفلسطينية سواء في الضفة أو غزة»، وفق المصادر.
ورغم عدم وجود رؤية مصرية متكاملة في هذا الإطار، إلا أن القاهرة بدأت، من خلال بعض النقاشات الأولية التي جرت في الأسابيع الماضية، بلورة مقترح في شأن «حكومة فلسطينية جامعة»، ستكون مسؤولة عن التفاوض مع «المجتمع الدولي». وفي سياق متّصل، حافظت مصر على الوضع الأمني على محور «فيلادلفيا» من دون تغيير، مع الاتفاق على مناقشات أمنية بشأنه مع الجانب "الإسرائيلي"، وبحضور أميركي، بعد دخول الهدنة المفترضة حيز التنفيذ، علماً أن وفداً أمنياً "إسرائيلياً" زار القاهرة أول من أمس، لمناقشة هذه المسألة.
"إسرائيلياً"، أفادت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، أمس، بـ«وجود تفاؤل في "إسرائيل" بأن المفاوضات ستنجح هذه المرة، على الرغم من أن المسؤولين "الإسرائيليين" ليسوا متأكدين مما إن كانت حماس ستوافق في نهاية المطاف على التراجع عن مطلبها وقف الحرب، وانسحاب قوات الاحتلال، كشرط أساسي للتفاوض على صفقة».
وأوضحت الصحيفة أن هذا التفاؤل نابع، على ما يبدو، من عزم الولايات المتحدة، على «تحقيق نتائج ملموسة». وفي حين نقلت «معاريف» عن رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، قوله: «لن نخرج الجيش الإسرائيلي من قطاع غزة ولن نطلق سراح آلاف الإرهابيين»، هدّد وزير «الأمن القومي»، إيتمار بن غفير، بأن «صفقة سيئة ستؤدي إلى إسقاط الحكومة». كما اعتبر وزير المالية، بتسلئيل سموتريتش، أن «ما نسمعه عن اتفاقات لوقف الحرب، معناه خسارة كل الإنجازات التي حقّقناها بدماء محاربينا».
في المقابل، أكّد زعيم المعارضة "الإسرائيلية"، يائير لابيد، في رسالة إلى نتنياهو، «أننا سنمنح الحكومة شبكة أمان لكل صفقة تبادل أسرى يتم التوصّل إليها».
ومن المتوقّع أن ينعقد «الكابينت الأمني والسياسي»، يوم غدٍ، للتشاور بشأن الصفقة، فيما يزور وزير الشؤون الاستراتيجية "الإسرائيلي" رون ديرمر، واشنطن، اليوم، حيث سيلتقي مسؤولين في إدارة جو بايدن، لبحث خطط اليوم التالي.