في سياق بحث آلة الحرب "الإسرائيليّة" عن نصرٍ مزعوم، ووفق محاولاتها المستمرّة في إبادة قطاع غزّة بكلّ الوسائل المُتاحة والمدعومة أميركيًّا، قامت هذه الأخيرة مع حلفاءٍ لها بسحب التمويل لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، في أعقاب "مزاعم" "إسرائيلية" بأنّ بعض موظفيها "متورطون" في عمليات السّابع من أكتوبر.
في ما يخصّ "الأونروا"، تقدم الوكالة مجموعة واسعة من المساعدات والخدمات للاجئين الفلسطينيين وأحفادهم، كالتعليم والرعاية الصحية وتحسين مخيمات اللاجئين، وتهديدها يمسّ خدمات التعليم والرعاية الصحية لملايين من الفلسطينيين، إذ تُعتبرُ المصدر الرّئيسيّ لتوظيف اللاجئين، الذين يشكلون معظم الموظّفين فيها البالغ عددهم أكثر من 30 ألف موظف في جميع أنحاء الشرق الأوسط، كما ويتمركز أكثر من 10 آلاف من موظفيها في قطاع غزة، ووقف تمويلها يعني وقف خدماتها للاجئين الفلسطينيين، ما يعني قطع مساعداتها عن الملايين منهم، الّذين يعتمدون على "الأونروا" للحصول على لقمة عيشهم، وبالتالي سيتمكن الاحتلال من تهجيرهم قسريًّا بحثًا عن غذاء ومأوى، بعدما أعلن رسميًّا تقويض الوكالة!
وبالحديث عن "الأونروا" كهدف جليّ للعدوّ "الإسرائيليّ"، فقد كشفت وسائل إعلام عبريّة، أنّ حكومة بنيامين نتنياهو قد صادقت على خطّة أعدّتها وزارة الخارجية، تهدف إلى إخراج الوكالة من القطاع، إذ تسعى الحكومة لتأكيد زعمها بانتماء موظفين في الوكالة في قطاع غزة إلى حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، وبالتّالي إيجاد حجّة لفرض حصار ماليٍّ عليها، والتوقف عن تمويلها، لتعطيل خدماتها وتهديد إمكانيّاتها وإغلاق مراكزها، ساعيةً لإخراجها من القطاع.
وفي هذا الصّدد أشار الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى أنه بالإضافة إلى برامجها في قطاع غزة، تقدم "الأونروا" مساعدات إنسانية حيوية للاجئين الفلسطينيين في الأردن والضفة الغربية ولبنان وسورية، وفي قطاع غزة، تقدم الوكالة الأممية المساعدات المنقذة للحياة لأكثر من مليوني مدني، وتدير ملاجئ تأوي أكثر من مليون شخص، وتوفر الغذاء والمياه وخدمات الرعاية الصحية، وبالتالي هناك حاجة إلى استمرار تقديم الدعم "للأنروا" لمواصلة دورها الإنساني.
واعتبر "محمد زيارة" وزير الأشغال العامة والإسكان الفلسطيني أن وقف تمويل منظمة الأونروا يعد عقابًا جماعيًّا ضمن خطة التهجير، مؤكّدًا أنّ الهجمة على وكالة "الأونروا" ليست جديدة، وهناك تحريض على وقف التمويل لأن الوكالة الأممية تخدم الفلسطينيين واللاجئين، خاصة في غزة.
من هنا، فإنّ قرار الولايات المتحدة هُوَ انتقامٌ بأسباب واهية ضدّ الخدمات الحيوية التي تقدمها الوكالة في مجالات الصحة والتعليم والإغاثة، وبالتالي ضد الشعب الفلسطينيّ عمومًا، والغزّاويّ خصوصًا، فالوكالة تشكو أصلًا منذ سنوات من عجز في الموازنة اضطرها إلى تقليص بعض خدماتها المقدمة للاجئين في غزة ومناطق خدماتها، إذ وخلال الحرب الحالية، أثارت "الأونروا" غضب "تل أبيب" بسبب بيانات لها وتصريحات لمسؤولين فيها، عن قصف الاحتلال أهدافًا مدنية بما فيها مدارس الوكالة ومراكز الإسعاف، وكان وزير الخارجية في كيان الاحتلال"يسرائيل كاتس" قد قال إن "بلاده ستسعى إلى منع الأونروا من العمل في غزة بعد الحرب".
إيقافُ تمويل "الأونروا" يعني فقدان الدعم الحيوي للعائلات الفلسطينية، بما في ذلك التغطية الطبية والتعليم والبنية التحتية، وفي ظلّ العدوان "الإسرائيليّ" على غزّة اليوم، فالأهالي باتوا يرزحون تحت خطّ المجاعة حرفيًّا، وهم بحاجة أكثر من أيّ وقتٍ مضى إلى مساعداتٍ تنقذهم من براثن الحرب والجوع والفقر.
مبرّراتٌ واهيةٌ يتمسّك بها العدوّ "الإسرائيليّ" مع تسع دول أخرى أُعلن عنها: "الولايات المتحدة، المملكة المتحدة، كندا، ألمانيا، إيطاليا، سويسرا، فنلندا، هولندا، أستراليا" لتهديد حياة اللاجئين الفلسطينيين، محاولين طمسَ القضيّة الفلسطينية وقضية اللاجئين وحق العودة، عبر سياسة التجويع الممنهج التي يسوقها المحتلّ ضدّ "الأونروا"!.
بقلم: هبة دهيني