غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

هآرتس.. “اليوم التالي” فلسطينياً: عباس مع “التكنوقراط” وحماس مع “تربيع الدائرة”.. ماذا عن السنوار؟

images.jpg
شمس نيوز -متابعة

أثار وزير الخارجية المصري سامح شكري، عاصفة كبيرة في مؤتمر الأمن الذي عقد في ميونيخ، عندما رد على سؤال وزيرة الخارجية "الإسرائيلية" السابقة تسيبي ليفني، وقال: “أعتقد أنه من الصحيح أن حماس الآن خارج إجماع الشعب الفلسطيني والسلطة الفلسطينية (بسبب رفضها) الاعتراف بإسرائيل وإيجاد حل من خلال المفاوضات وعدم تنازلها عن تأييد العنف”. كان هناك جزء آخر في رد شكري: “ويجب فحص المسألة المتعلقة بتقويض سلطة حماس في قطاع غزة، ولماذا حصلت على التمويل لتعميق الانقسام بين حماس والتيار الرئيسي للفصائل الفلسطينية التي صنعت السلام – السلطة الفلسطينية وم.ت.ف والرأي العام. هذه مسألة تم إبعادها، ومن الجدير تناولها الآن”، بذلك أطلق شكري سهماً مشحوذاً وموجهاً بشكل جيد.

شكري، الذي هو غير معين من قبل الحكومة المصرية لعلاج القضية الفلسطينية (هذه القضية ينشغل فيها رئيس المخابرات عباس كامل)، فجر لغمين بجملة واحدة، ويبدو أنه سيضطر قريباً للتوضيح بأن “أقوالي أُخرجت عن سياقها”. في حين أن الرئيس المصري ورئيس المخابرات يحاولان منذ سنوات إجراء مصالحة فلسطينية داخلية بين فتح وحماس، في تموز الماضي، في اللقاء الذي عقد في العلمين بمصر، تم بذل جهود أخرى، فشلت أيضاً، لتشكيل حكومة وحدة فلسطينية – وزير الخارجية المصري لا يمكنه تحطيم القاعدة التي بنيت عليها خطة مصر ما دام الرئيس نفسه لم يعلن بأنه غيّر سياسته.

معلوم من قصده شكري بخصوص تمويل حماس وزيادة قوتها، ولكن إلقاء مسؤولة تقوية حماس على رئيس الحكومة نتنياهو لا يجب أن يطمس الدور الذي قامت به مصر وقطر. بعد عام 2015 رأت مصر في حماس حليفة لها ضد الإرهاب الإسلامي في شبه جزيرة سيناء، وعملت سواء بعد عملية “الجرف الصامد” أو عملية “حارس الأسوار”، على تنفيذ خطة إعادة إعمار قطاع غزة، وحتى إنها خصصت لذلك نصف مليار دولار تقريباً. ولكن شكري لا ينوي محاسبة قطر، بالأحرى عدم محاسبة رئيسه أو رئيس المخابرات المصرية. مسألة تقوية وتمويل حماس تحولت إلى قضية تاريخية تشغل بالأساس السياسة في "إسرائيل".

بقدر ما يمكن تعلمه من تصريحات كبار قادة م.ت.ف، بما في ذلك رئيس السلطة الفلسطينية نفسه، هناك إجماع فيما يتعلق بحماس، تستمر حوله نقاشات تشارك فيها دول عربية أخرى مثل السعودية وقطر وتركيا ومصر نفسها. نقاشات تستهدف دفع حماس للانضمام إلى م.ت.ف لتشكيل حكومة متفق عليها، تتحمل المسؤولية في قطاع غزة ضمن خطة سياسية شاملة، حسب خطة يمضي بها الرئيس الأمريكي. في حين أن "إسرائيل" تسوق شعارات وتصريحات فارغة تقصف بها نية حل الدولتين، دون أن تقترح أفكاراً ملموسة لإدارة القطاع، نرى أن الفلسطينيين اليوم يسوقون خطط عمل.

الإثنين الماضي، أنهى محمود عباس زيارة قصيرة له للدوحة عاصمة قطر، التقى فيها حاكم قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني. وحسب وسائل الإعلام الفلسطينية، عبر عباس عن موافقته على تشكيل حكومة “خبراء”، وبارك نية قطر التوسط بين حماس وفتح لدمج حماس في صفوف م.ت.ف. هذه الموافقة لا تعني أن محمود عباس تنازل عن المبادئ الثلاثة الأساسية التي عرضها في لقاءات القاهرة، التي بحسبها يجب على حماس الاعتراف بأن م.ت.ف هي الممثل الوحيد للشعب الفلسطيني، وتبني القرارات الدولية في القضية الفلسطينية، بما في ذلك اتفاقات أوسلو، والتنازل عن الكفاح المسلح.

ما زالت الفجوة كبيرة، ومحمود عباس نفسه رفض الالتقاء مع هنية في الدوحة. ولكنه سمع من حاكم قطر بأن حماس مستعدة للعودة ومناقشة تشكيل حكومة خبراء تستمد الصلاحيات من م.ت.ف. وثمة أقوال أوضح قالها عضو اللجنة التنفيذية في م.ت.ف رمزي رباح. ففي مقابلة مع “إندبندنت العربية”، قال إن حماس مستعدة للموافقة على شروط الانضمام لـ م.ت.ف والاعتراف بدولة فلسطينية في حدود 1967، خصوصاً التنازل عن مكانها في حكومة الخبراء إذا تم تشكيلها.

هذه قضية أساسية، لأن هذا التنازل يعني أن م.ت.ف، التي ستضم في عضويتها حماس، ستكون هي مصدر الصلاحيات لأي حكومة فلسطينية، لكن ستقف حكومة فلسطينية في واجهة العرض لا تكون حماس شريكة فيها، هكذا تستطيع م.ت.ف تربيع الدائرة: تشكيل حكومة توافق عليها واشنطن، وترسيخ مكانتها بصفتها ممثلاً لـ “جميع الفلسطينيين”، وتكون حماس جزءاً منها.

سمعت في السابق أفكارا مشابهة أيضاً، والآن من غير الواضح إذا كانت حماس مستعدة للتنازل عن الكفاح المسلح. لم تنجح مصر بإقناع حماس في تبني هذه الأسس، ولكن ربما في الظروف التي نشأت عقب حرب، فستتمكن قطر من إيجاد حل مؤقت على الأقل لمسألة إدارة قطاع غزة. وقال رباح، الذي سئل عن إمكانية تشكيل هذه البنية السياسية: “أوجدت الحرب ظروفاً جديدة لم تكن من قبل”؛ أي أنه إذا كان معظم الخلاف قبل الحرب متركزاً في مسألة السيطرة وتوزيع المناصب والميزانيات والأجندة السياسية، فإن حماس الآن وصلت إلى مفترق طرق تقلصت فيه البدائل التي بين يديها.

السؤال هو: إلى أي درجة تتحدث حماس الآن بصوت واحد، وإلى أي درجة ستكون التفاهمات التي سيتم التوصل إليها بين قيادة حماس الخارج وحركة فتح ملزمة للسنوار؟ قيادة حماس تشاهد أمامها مصير ومستقبل الحركة والحاجة للحفاظ على مكانتها السياسية، لكنها لا تسيطر على الأرض. فالسنوار ما زال صاحب البيت في ساحة القتال. وهو غير قادر على إدارة عملية سياسية تتعلق بدمج حماس في م.ت.ف وتشكيل حكومة لإدارة غزة. ولكنه بسلوكه هذا، يستطيع إفشالها إذا لم يُستجب لشروطه، وأساسها وقف إطلاق نار طويل ونهائي.

في الوقت الحالي، يطرح اسم محمد دحلان مرة أخرى، الذي يمكنه لعب دور الوساطة بين فتح وحماس، وبعد ذلك إدارة عملية للنظام الفلسطيني في القطاع. منذ فترة قصيرة، التقى دحلان مع هنية في قطر، وقال إنه شريك كامل في جهود الوساطة القطرية بين التنظيمات الفلسطينية. يسعى دحلان لاستعراض حضوره كلما سنحت الفرصة. في 2017، على خلفية الأزمة بين مصر وحماس، نشر أنه تم التوصل إلى بضعة تفاهمات بين مصر وحماس، منها تشكيل لجنة لإدارة شؤون غزة بميزانية تبلغ 50 مليون دولار، وسيترأسها محمد دحلان، ويبقى ملف الأمن والداخلية في يد حماس، وسيكون دحلان المسؤول عن السياسة الخارجية وتجنيد الأموال وإدارة موضوع المعابر بين غزة ومصر وبين غزة و"إسرائيل"، وسيكون المسؤول عن إجراء الاتصالات مع "إسرائيل" في المواضيع المتعلقة بالمعابر وغيرها. تم حفظ الفكرة في حينه كما ظهرت، ومن غير الواضح إذا بقيت قابلة للحياة الآن. ولكن التقارير الكثيرة حول جهود الوساطة تدل على الضغط الذي ينبع من جدول زمني للعملية العسكرية المتوقعة في رفح، التي مجرد الاستعداد لها يضع واشنطن والدول العربية ذات العلاقة والتنظيمات الفلسطينية في سباق يلزمها بصياغة خطة عمل واقعية على الأقل للمدى القصير.

------------------

الكاتب: تسفي برئيل

المصدر: هآرتس

التاريخ: 19/2/2024