تشهد القاهرة لقاءات مكثفة بشأن الحرب في غزة، إذ ينتظر أن يجري مبعوث الرئيس الأميركي إلى الشرق الأوسط بريت ماكغورك اجتماعاً اليوم الأربعاء، مع مدير جهاز المخابرات المصري عباس كامل، ومسؤولين مصريين يحضر فيه ملف النوايا "الإسرائيلية" بشأن اجتياح رفح.
في هذا الوقت، وصل رئيس المكتب السياسي لـ"حماس" إسماعيل هنية، أمس الثلاثاء إلى العاصمة المصرية، على رأس وفد من قيادة الحركة، وسط تعثر مفاوضات التوصل إلى اتفاق لوقف الحرب في غزة، وتكهنات بأن يعرض المسؤولون المصريون التصور الذي حمله ماكغورك على قيادة الحركة.
وقال مصدر في الحركة، لـ"العربي الجديد"، إن "زيارة الوفد الذي يترأسه هنية، ويضم في عضويته نائب رئيس الحركة في غزة خليل الحية، والقائم بأعمال رئيس مكتب الحركة بالضفة زاهر جبارين، لم تكن مجدولة، وجاءت بشكل مفاجئ، بناء على مطلب ودعوة مصرية".
تصور أميركي جديد لوقف النار برمضان
من جانبه، رجح مصدر مصري مطلع أن الزيارة "قد تكون مرتبطة بالزيارة المرتقبة لبريت ماكغورك، الذي من المقرر أن يصل العاصمة المصرية خلال ساعات، بتصور جديد يتضمن وقفاً لإطلاق النار خلال شهر رمضان (الذي يبدأ في 10 مارس/آذار المقبل) مقابل إطلاق سراح عدد من الأسرى المدنيين و6 من الأميركيين".
وقال مسؤول كبير في إدارة بايدن لوكالة "رويترز" إن المبعوث الأميركي سيجري مباحثات بشأن إطلاق سراح الرهائن، فيما قال مسؤولون أميركيون آخرون إن مفاوضات الرهائن الجارية بناءة لكنها تتطلب المزيد من العمل المتواصل.
كما نقل موقع "أكسيوس"، أمس الثلاثاء، عن ثلاثة مسؤولين أميركيين و"إسرائيليين"، قولهم إنّ ماكغورك سيلتقي عباس كامل، ومسؤولين مصريين آخرين في القاهرة، اليوم الأربعاء قبل أن ينتقل إلى "إسرائيل".
بحث نوايا إسرائيل اجتياح رفح
من جهتها، أكدت مصادر مصرية وغربية، في أحاديث خاصة، لـ"العربي الجديد"، أنّ ماكغورك سيجري محادثات حول نوايا "إسرائيل" اجتياح رفح.
في السياق ذاته، كشف مصدر مصري مطلع على جهود القاهرة بشأن ملف العدوان على قطاع غزة، أن الزيارة المرتقبة لماكغورك، "ستشهد طرح اتفاق هدنة (مُعدل) يشمل شهر رمضان، وقد يمتد لما بعده بأسبوعين إضافيين، بحيث يجرى خلال تلك المدة إطلاق سراح أسرى مدنيين و6 أسرى أميركيين، مقابل حزمة مساعدات إنسانية واسعة ومنع اجتياح رفح قبل شهر رمضان".
ولفت المصدر إلى أن "هناك تحولاً حدث أخيراً يمكن رصده في الموقف الأميركي، والذي بات غير ممانع لاجتياح رفح"، مشيراً إلى أن "تحركات واشنطن في الفترة الراهنة، تهدف فقط لتفويت الفرصة أمام أي تصعيد خلال شهر رمضان، الذي يتمتع بخصوصية دينية، وسط مخاوف من تصاعد الجبهات إذا استمرت الحرب خلال رمضان".
من جهته، قال مصدر قيادي في "حماس" إن الحركة "أوقفت التفاوض غير المباشر حول صفقة تبادل الأسرى في الوقت الراهن"، مضيفاً أن "الاحتلال يستخدم ورقة المساعدات الإنسانية لسكان القطاع حالياً، كسلاح للضغط على المقاومة وإجبارها على إطلاق سراح أسراه مقابل لا شيء".
"حماس": الحراك معلق حتى إشعار آخر
وقال القيادي بالحركة إنه "ربما يكون هناك حراك على مستوى الوسطاء، لكن بالنسبة للحركة وقيادتها، فالأمر معلق حتى إشعار آخر". وأوضح أنه "لا يمكن أن يكون هناك اتفاق والنوايا مبيتة لاجتياح رفح. هذا يحدث ولا تزال ورقة الأسرى في يد المقاومة، فماذا سيحدث حال تم إطلاق سراحهم من دون أن يكون هناك اتفاق ملزم بوقف إطلاق النار".
وأوضح أن "الاحتلال عمل خلال الأيام الماضية على حصر مطالب المقاومة في المساعدات الإغاثية فقط لسكان القطاع، علماً بأن المساعدات بشكل عام خارج أي اتفاق، كونها إلزامية على الجميع، وكذلك بقرار محكمة العدل الدولية، التي دعت الاحتلال لوقف كافة الإجراءات التي تقود إلى الإبادة الجماعية".
وقال المصدر في "حماس" إن الاحتلال "سعى للضغط على الحركة بوسائل متعددة خلال الأيام الماضية، منها ما هو مباشر وما هو غير مباشر"، مشدداً على أن المقاومة "لا تزال على موقفها المتمسك بالمبادئ الثلاثة لتمرير أي اتفاق، وهي: وقف إطلاق النار، والانسحاب من غزة، وإعادة الإعمار. وبخلاف ذلك ولو اجتاح رفح فإن الاحتلال لن يحرر أياً من أسراه حياً".
في هذه الأثناء، قال السفير المصري السابق في تل أبيب عاطف سالم، لـ"العربي الجديد"، إن "الموقف الأميركي لا ينفصل ولا يتعارض مع موقف "إسرائيل"، فالإدارة الأميركية تقدم المساندة، والسلاح والذخيرة، والخبرة العسكرية، والدعم الكامل في مجلس الأمن الدولي".
وأضاف أن "إسرائيل وأميركا تصران على وقف إطلاق نار مؤقت، وشروط محددة، تتعارض مع متطلبات حركة حماس، ولكن من المعتقد أنه سيتم التوصل إلى وقف إطلاق نار في الفترة المقبلة، نظراً لعدة عوامل، أهمها دور عائلات الرهائن في الضغط على حكومة الاحتلال "الإسرائيلية"، والتوازنات بين الجانبين السياسي والعسكري في إسرائيل، وكذلك الضغوط الأميركية".
من جهته، قال الناشط السياسي الفلسطيني المصري، رامي شعث، لـ"العربي الجديد"، إنه "من الطبيعي أن ترفض المقاومة، أي اتفاق تهدئة مؤقتة، فمثل هذا التصرف يجوز أن يُقدم عليه العدو بشكل منفرد، ولكن التوصل لاتفاق تهدئة يشمل تبادلاً للأسرى، يجب أن يشمل أيضاً وقفاً دائماً لإطلاق النار وليس مؤقتاً".
وأضاف أن "وقف إطلاق النار المؤقت، يمكن أن يلجأ إليه الاحتلال إذا زادت عليه الضغوط الخارجية، أو من قبل عائلات قتلاه، ووقتها يمكن أن يتخذ القرار بشكل منفرد. ولكن من حق المقاومة الاستمرار في العمليات العسكرية ضد جنود الاحتلال المتبقين في غزة".
وتابع شعث: "تأجيل التهدئة وإصرار الاحتلال على الهجوم على رفح، ما يزال قائماً، ورأينا كيف كانت اعتداءات الاحتلال على غزة ومستشفى الشفاء، ومن ثم دير البلح، ومن ثم خانيونس، واليوم يتحدث عن رفح".
العدو لم يستطع تحقيق أي من أهدافه
وقال: "الحقيقة أن هذا العدو فاشل، ولم يستطع تحقيق أي من أهدافه ولن يستطيع، وحتى لو تمكن عسكرياً من الدخول إلى رفح، فهي تكتل من المدنيين وبالتالي سيزيد من المجازر التي علينا وقفها، وحتى لو لا قدر الله استطاع، فلن يستطيع تحقيق أهدافه، وسيضطر أن يتوقف ويتفاوض على أسراه، وإلا فسوف يموتون".