قال القيادي في حركة "حماس"، أسامة حمدان، إن "الاحتلال الإسرائيلي يشن حرب تجويع معلنة ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة بقصد القتل".
وأشار حمدان، خلال مؤتمر صحفي مساء اليوم الجمعة لمواكبةً لتطورات العدوان المتواصل ضد قطاع غزة، إلى الجوع الذي يعاني منه الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، خاصّة في محافظة شمال القطاع، حيث لا يجد أهله ما يسدّون به رمَق أطفالهم، ووصل بهم الحال إلى استخدام أعلاف الحيوانات لطحنها وخَبزِها.
وأعاد حمدان التذكير بأن هذه الحرب بدأت بقرار واضحٍ لرئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو ووزير جيشه غالانت -بالصوت والصورة- مَنعَ دخول الماء والغذاء والوقود إلى سكان قطاع غزة.
وقال حمدان: "إننا ندق ناقوس الخطر.. فشعبنا يواجه الموت جوعاً من خلال جريمة الاحتلال بتجويعه بقصد القتل، التي أوصلت الأمور الى الحد الذي يهدد حياة عشرات الآلاف من أبناء شعبنا".
وعبر حمدان استهجانه للقرار المفاجئ لبرنامج الغذاء العالمي، بتعليق تسليم المساعدات الغذائية لمحافَظَتَي غزة والشمال، بعد ثلاثة أيامٍ فقط من محاولات إدخال كمّياتها الشحيحة جداً، في تعميقٍ للأزمة الإنسانية التي يواجهها المدنيون.
ودعا برنامج الغذاء العالمي وكافة المؤسسات الأممية بما فيها "الأونروا"، إلى عدم الخضوع لإرادة وإجراءات الاحتلال التي يتعمّد فرضها، والإعلان عن العودة للعمل في شمال قطاع غزة فوراً، "والقيام بخطوات فعالة وجادة، لإغاثة شعبنا ومواجهة خطر المجاعة الآخذِ بالتوسُّع، التزاماً بمسؤولياتهم القانونية والإنسانية".
وتطرق حمدان في مؤتمره الصحفي إلى الأوضاع في القدس المحتلة، وقال: "ليعلم عدونا أن النفوس تغلي.. والغضب آتٍ.. والانفجار قادم رداً على أية قيود على دخول المسلمين للمسجد الأقصى في شهر رمضان".
ودعا أبناء الشعب الفلسطيني في الداخل المحتلّ والقدس والضفة، إلى رفض هذا القرار، وتصعيد مواجهة الاحتلال في كل مكان.
كما دعا إلى النفير وشد الرحال والرباط في المسجد الأقصى المبارك، "حمايةً له من دنس المستوطنين الغاصبين، ولإفشال كافة المخططات الفاشية التي تستهدف الحرم القدسي والمدينة المقدّسة".
وشدد على أن المساس بالمسجد الأقصى، أو حرية العبادة فيه أو الوصول إليه، "لا ولن يمرّ دون محاسبة، مهما كانت الأثمان والتضحيات".
كما جدد النداء للأمة للدفاع عن الأقصى باعتباره "دفاع عن شرف الأمة وكرامتها، ودفاع عن البيت الحرام والمسجد النبوي الشريف وعن كل المقدسات وعن البلاد العربية والإسلامية".
وأكد حمدان أن حكومة نتنياهو، التي ترى في إطالة زمن الحرب هدفاً أساسياً، للهروب من استحقاقات مرحلة ما بعد العدوان؛ لا زالت تتبنى موقفاً متعنّتاً من المطالب العادلة التي تقدّمت بها "حماس" وفصائل المقاومة الفلسطينية، وعلى رأسها: وقف العدوان، وعودة النازحين وإيوائهم، ورفع الحصار لإعمار ما دمره العدوان.
وبيّن أن "حماس" تعاملت بروح إيجابية مع مقترحات ومبادرات الوسطاء، في الوقت الذي كانت مواقف الاحتلال وردوده على الوسطاء سلبية وتضع عراقيل كثيرة أمام التوصل لاتفاق.
وشدد على أن نتنياهو "يماطل ويراوغ ويهدف إلى تعطيل التوصل لاتفاق، ولا يهمه الإفراج عن الأسرى لدى المقاومة، بل هي ورقة يستخدمها لتحقيق أهدافه".
وأوضح أن نتنياهو يُحَمِّل وفده المفاوض أربعة لاءات، هي: لا وقف للعدوان، ولا انسحاب من القطاع، ولا عودة للنازحين إلى الشمال، ولا صفقة تبادل حقيقية.
وقال حمدان إن أهداف نتنياهو الخاصة والشخصية ومن يقف خلفه مجموعة المستوطنين المتطرفين "تصادم جميع المبادرات والمواقف المطروحة، وهو ما يستدعي من المجتمع الدولي والدول المعنية، تشخيصاً سليماً للموقف الحالي".
وأضاف إن إصرار حكومة نتنياهو على المضي في حرب الإبادة، دون مبالاة حتى بمقتل المزيد من الأسرى لدى المقاومة، تحت القصف الإسرائيلي، لن توقفها مجرد أفكار ومبادرات، "بل يستدعى مواقف حازمة وإجراءات عملية لإنهاء العدوان، والاستجابة لحقوق شعبنا وصولاً لإنهاء الاحتلال".
وأكد حمدان أن النصر الذي يُمَنِّي نتنياهو نفسه وجمهوره به "هو وهم وسراب وأضغاث أحلام، وإن نتنياهو يكذب على الجميع ويخدع أهالي الأسرى بزعمه إمكانية تحريرهم بالقوة، وهو يعلم أن هذا أمل إبليس في الجنة".
وأعاد التأكيد بأن ما فشل جيش الاحتلال في تحقيقه من أهداف، سواء بالقضاء على المقاومة، أو استعادة أسراه في غزة بالقوة؛ لن ينجح في تحقيقه في أي مرحلة من مراحل هذه الحرب، "وأن المقاومة الفلسطينية وعلى رأسها كتائب القسام، مستمرة في التصدي للعدوان، حتى كسره ودحره عن أرضنا وشعبنا".
ولفت حمدان النظر إلى التقرير الصادر عن خبراء في حقوق الإنسان، والذي أكد تعرض نساء وفتيات فلسطينيات للاعتداء من جيش الاحتلال بشكل منهجي منذ بدء العدوان، ودعا لتحقيق دولي مستقل ونزيه وسريع وشامل بهذه الجرائم، ومقاضاة الاحتلال وقيادته.
وقال إنَّ استخدام الولايات المتحدة حق "الفيتو" لتعطيل قرار مجلس الأمن لوقف حرب الإبادة، "يؤكد حالة شراكتها الكاملة في حرب الإبادة، والدعم المطلق لكافة الجرائم والمجازر والانتهاكات الفاضحة للقوانين الدولية، "ما يشكِّل ضوءًا أخضر أمريكيا واضحا للعدو الصهيوني للاستمرار في جرائمه".
وبين أنَّ حرب التجويع القائمة، والمجازر المستمرة، والتدمير المنهجي لم تكن لتستمر لولا دعم الإدارة الأميركية، "الملطّخة أيديها بدماء أبنائنا من أطفال ونساء وشيوخ، والمسؤولة مسؤولية كاملة، عن دمائهم البريئة، النازفة بفعل آلة حربية مموّلة بالكامل من واشنطن، إضافة إلى شراكة ميدانية مباشرة ومعلنة".
وثمّن حمدان مواقف الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا، ووصفها ب"الواضحة والمُنحازة لقيم الإنسانية" عبر تأكّيده أن ما يحدث في غزة هو إبادة جماعية.
وعبر عن استهجان "حماس" للحملة الإسرائيلية على الرئيس دا سيلفا، وحيّا المواقف المشرّفة لرؤساء فنزويلا وبوليفيا وكوبا وكولومبيا، الذين عبّروا عن دعمهم لموقف الرئيس البرازيلي، وطالب دول العالم كافة بالعمل على تعرية الاحتلال، وفضحه ومقاطعته، ودعم مقاومة الشعب الفلسطيني.
كما ثمّن مواقف الدول المشاركة في جلسات الاستماع العلنية التي تعقدها محكمة العدل الدولية، حول التبعات القانونية لسياسات الاحتلال في الأرض الفلسطينية.
وثمّن كذلك موقف جمهورية الصين الشعبية، وتأكيدها على قانونية سعيِ الشعوب المحتلة إلى تقرير مصيرها، بمختلف الوسائل بما فيها المقاومة المسلحة، وضرورة عدم الخلط بين الإرهاب والنضال المسلّح الذي يمارسه الشعب الفلسطيني ضد الاحتلال.
ودعا الجماهير العربية والإسلامية والأحرار في كل العالم إلى مواصلة حراكهم الجماهيري لإدانة الاحتلال، والضغط لوقف العدوان على قطاع غزَّة، وتأييد ودعم حق الشعب الفلسطيني في التحرير وتقرير المصير.