لم تشهد خريطة الميدان، في خلال يوم أمس، أيّ تغيّرات جوهرية، سوى تراجع محدود للآليات المتوغلة في محيط مستشفى «الشفاء»، من محور مفترق ضبيط إلى الجهة الجنوبية من المجمع الطبي، فيما أبقت الآليات على تمركزها في محيط مستشفيَي «الأمل» و«ناصر» غرب مدينة خانيونس. على أن الساعات الـ 24 الماضية شهدت تصاعداً كبيراً في حدّة الاستهداف الجوي في كلّ مناطق شمال وجنوب قطاع غزة، حيث شنت الطائرات الحربية أكثر من 20 غارة طاولت منازل في مدينة رفح، وعشرات الغارات الأخرى التي توزعت في مناطق شمال ومدينة غزة.
في المقابل، نفذت المقاومة عدداً من العمليات الميدانية، ركزت معظمها على استنزاف القوات المتوغلة في محيط «الشفاء»،
حيث أعلنت «كتائب القسام» أن مقاوميها قنصوا جندياً كان يعتلي إحدى البنايات السكنية هناك. وأعلنت «سرايا القدس»، بدورها، أن مقاوميها قصفوا تحشدات العدو في المحور ذاته بوابل من قذائف «الهاون» النظامية من عيار «60 ملم»، فيما أظهر مقطع مصوّر وزعه الإعلام الحربي التابع لها، تمكّن مقاومي «السرايا» من تدمير دبابة في محيط «الشفاء». أيضاً، أعلنت «كتائب شهداء الأقصى»، أن مقاوميها قصفوا تحشدات العدو في المحور ذاته بالعشرات من قذائف «الهاون»، فيما أعلنت «كتائب المجاهدين»، أيضاً، أن مقاوميها نفذوا عملية استحكام مدفعي، طاولت دبابات العدو وتحشداته في محيط «الشفاء».
وفي محور المنطقة الوسطى، أعلنت «سرايا القدس» قصف تحشدات العدو ومقر قيادة العدو في جنوب شرق موقع «كوسفيم» المحاذي للقطاع، بصواريخ «بدر 1» المحلية الصنع. كما أعلنت «القسام» قصف قوات العدو المتوغلة شرق البريج، بقذائف «الهاون».
وسط ذلك، أعلن جيش العدوّ عن مقتل ضابط برتبة رقيب من لواء «غفعاتي» في معارك جنوب قطاع غزة، فضلاً عن إصابة 22 جندياً في خلال 24 ساعة. وعلى وقع الإطلاقات الصاروخية التي تكررت خلال اليومين الماضيين، أقرّ مصدر استخباري "إسرائيلي"، لموقع «التلغراف»، بأن عدداً من مرافق تصنيع وتطوير الأسلحة التي بنتها المقاومة في داخل الأنفاق، لا تزال سليمة.
في محصلة الأمر، يمكن القول إن المقاومة، بعد أكثر من أسبوع من بدء عملية حصار مستشفى «الشفاء»، التي منيت فيها بخسائر لناحية اعتقال شخصيات وعناصر نوعية، تمكّنت من امتصاص الصدمة التي ظنّ العدوّ أنها بمثابة الضربة القاضية لكل من «سرايا القدس» و«كتائب القسام»، إذ يشير نسق الفعل الميداني، الذي شهد تصاعداً تدريجياً بعد يومٍ واحد من بدء عملية «الشفاء»، إلى أن البنية الهيكلية للأذرع العسكرية لفصائل المقاومة تمكنت من التعاطي مع الواقع الجديد. كما أن سلامة التواصل بين عناصر الميدان والأذرع الإعلامية تؤكد أن البناء التنظيمي القائم على قدر من المرونة، يؤهّله لردم كل ثغرة، قد يتسبب بها اعتقال أو استشهاد أحد مفاصل العمل.
(المصدر: يوسف فارس / الأخبار)