غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

المقاومة تتجهّز لمعارك «نتساريم»: صورة النصر "الإسرائيلي" متعذّرة

شمس نيوز -

لا يتصدَّر الحديث عن محور نتساريم، وسط قطاع غزة، أولوية مباحثات صفقة وقف إطلاق النار فحسب، إنّما صار أخيراً جزءاً من المشهد الميداني، بعدما كثّفت فصائل المقاومة الفلسطينية ضرباتها هناك، حيث أعلنت كلّ من «كتائب القسام» و"سرايا القدس" وعدد من الفصائل الأخرى، استهدافها للقوات المتمركزة في ذلك المحور، بعدد كبير من قذائف الهاون الثقيلة خلال الأيام الماضية.

وبدا واضحاً أن تركيز الجهد القتالي في تلك المنطقة، مرتبط بتعثُّر مفاوضات وقف إطلاق النار؛ ففيما يصرّ جيش الاحتلال على الإبقاء على قواته التي تفصل شمال القطاع عن جنوبه في المكان المذكور، تضع المقاومة الانسحاب من القطاع عموماً، وتحديداً من «نتساريم»، شرطاً رئيسياً لنجاح أيّ صفقة ممكنة لوقف إطلاق النار.ويتوسّط المحور المشار إليه قطاع غزة، وهو كان، قبل عام 2005، يضمّ تجمُّعاً استيطانياً كبيراً، يفصل شمال القطاع عن جنوبه، فيما يستلزم تنقل الناس بين الجزءين المرور بحاجز «أبو هولي»، الذي ظلّ، منذ نكبة حزيران 1967 وحتى الانسحاب من غزة، واحداً من أبرز مظاهر إذلال السكان وامتهان كرامتهم. ولذا، شكّل تفكيك هذا الحاجز، في عام الانسحاب، أكبر منجز حفظه الأهالي للمقاومة التي آمنوا بجدواها وقدرتها على الإنجاز.

في هذه الحرب، صار واضحاً أن إصرار الاحتلال على إبقاء قواته في «نتساريم»، يشكّل المعادِل الموازي الذي يمكن أن يفرّغ عملية السابع من أكتوبر من أيّ قيمة ودلالة، إذ سيُظهر المقاومة في صورة مَن قرَّر أن يحرّر البلاد، فأفضت به «المغامرة» إلى استجرار العدو إلى إعادة احتلال غزة. لهذا، تتمسّك المقاومة بأن أيّ وساطة ستقود إلى هدنة مؤقتة أو دائمة، أو صفقة تبادل جزئية أو كلّية، لا بد أن تفضي إلى انسحاب جيش العدو من هذا المحور، وضمان حرية الأهالي بين الشمال والجنوب، كما هو معتاد ومن دون أيّ شروط أو ضوابط.

وتشير المعطيات الميدانية الأخيرة، إلى أن المقاومة تمتلك دائماً خطّة تعاط بديلة، تكتيكية آنية، وأخرى بعيدة المدى، ستعمل فيها على تحويل وجود قوات الاحتلال في القطاع، إلى عبء سيسعى العدو للتخفّف منه بأيّ ثمن. وفي هذا السياق تحديداً، تحضر عمليات الإشغال التكتيكية الحالية، فيما من الواضح، بالنظر إلى تاريخ العمل المقاوم في ذلك المحور، أن المقاومة تمتلك خيارات وبدائل مكلفة جداً للعدو على الصعيد البشري، من الممكن تفعيلها حينما تصبح الحاجة إليها ضرورية.

في المقابل، يدرك جيش الاحتلال الذي تخزّن ذاكرته مشاهد قاسية للعمل المقاوم بأن تكلفة البقاء في المحور الأوسط من القطاع لن تكون سهلة؛ إذ أنه واكب خلال سنوات الانتفاضة الثانية (2000 - 2004)، أي في الوقت الذي لم تكن فيه المقاومة تمتلك عُشر ما تمتلكه في عام 2024 من خبرات وإمكانات، عشرات العمليات الاحترافية، التي تسبّبت بمقتل العشرات من جنوده. ويحضر هنا الحديث عن تفجير موقع محفوظة، وهو مبنى مكوّن من عدّة طبقات، كان يتّخذه جيش العدو مقرّ قيادة مبيت للجنود، حفرت أسفله المقاومة نفقاً عميقاً، وفخّخته بأطنان من المتفجرات، قبل أن تفجّره على رؤوس من فَيه.

وفي عام 2024، سيكون من المعقول أن نُقدّر، أن المقاومة لا تزال تمتلك مخزوناً وافراً من القذائف، والصواريخ التكتيكية القصيرة المدى، وصواريخ الكورنيت الموجّهة، والأهم من ذلك كله، خبرة وافرة ليس للتعاطي مع موقعٍ عسكري يتوسّط بيئة جغرافية كان يسكنها الأهالي حتى قبل خمسة أشهر، إنّما مع مواقع عسكرية محصّنة في «غلاف غزة» لم تشاهدها عيونهم أو تطأها أقدامهم من قبل. وبناءً عليه، تبدو المقاومة مطمئنة إلى أن الموقع العسكري الذي مدَّد له جيش العدو الكهرباء يوم أمس، ليس سوى واحدة من أدوات صناعة صورة انتصار مفقودة. (المصدر: الأخبار – يوسف فارس)