غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

أخفى الجثث وهال عليها بالتراب

خاص نوال العتال.. أمٌ مكلومة تبحث عن جثة نجلها تحت النخلة الرابعة!

الحاجة نوال العتال.jpg
شمس نيوز - مطر الزق

يمنة ويسرة تتنقل المسنة نوال العتال بصعوبة بين الحفر وأكوام الرمال التي أصابتها بالصدمة، تدور بعينيها الدامعتين وجسدها المرتجف باحثة عن النخلة الرابعة في الزاوية الجنوبية الشرقية من مستشفى ناصر الطبي في خانيونس جنوب قطاع غزة.

فقد استندت المسنة العتال (60 عاما) على كتف نجلها فؤاد وهي تصعد أكوام الرمال باحثة عن جثمان نجلها الذي استشهد برصاص الاحتلال ودفن مؤقتا في مقبرة عشوائية أقامها النازحون الذين حوصروا داخل المستشفى على مدى شهور من العملية العسكرية الإسرائيلية منذ بداية (ديسمبر/كانون الأول 2023 وحتى السابع من إبرايل 2024).

فمنذ انسحاب جيش الاحتلال الإسرائيلي من مدينة خانيونس تقطع المسنة العتال وغيرها العشرات من النساء والرجال عدة كيلومترات مشيا على الأقدام للوصول إلى مستشفى ناصر لتفقد الجثامين التي يعثر عليها الدفاع المدني بمساعدة الأهالي بين الفينة والأخرى.

عمليات التجريف والدمار الواسع الذي طال جميع مرافق المستشفى أصاب المسنة العتال بالصدمة؛ فقد جاءت منذ اليوم الأول لانسحاب الاحتلال إلى النخلة التي كانت علامة لمكان دفن جثمان نجلها "علاء" بهدف نقل الجثمان واحتضانه لأخر مرة في حياتها وتقبيل جبينه؛ لكنها تفاجأت بتغيير معالم المكان رأسا على عقب، فالاشجار قطعت وحرقت، والأرض حفرت، والجثامين نبشت واختلطت العظام بعضها فوق بعض.

تلتفت المسنة العتال إلة نجلها بحالة من التوتر والقلق وبنبرة يشوبها الشك تقول: "انت متاكد انك دفنت جثمان اخيك علاء تحت ظل النخلة؟!"، فأجابها وهو يتفقد المكان الذي بات خرابا: "نعم في هذا المكان".

وبخطوات مثقلة اقتربت العتال من المكان إذ كانت بقايا النخلة المحروقة ظاهرة فوق الأرض، لتشير بيدها ومال زال الشك يراود قلبها المكلوم: "هنا!؟"، في تلك اللحظة انقض فؤاد ليضرب الأرض بالفأس لإزالة الرمال واستخراج جثمان شقيقه "علاء".

أزاح فؤاد بيده اليسرى العرق عن جبينه، لكن دموعه ما زالت تسيل على وجنتيه وتتساقط على يمينه ويساره، فيما كانت نظراته مؤلمة وهو يوجه حديثه لوالدته: "دفنته بيدي هدول في هذا المكان بالعلامة وضعت الجثة في كفن، وفوقها باب خشبي -بدلا من البلاط المتعارف عليه- وحجرين كشاهدين أملا في نقله لمكان آخر بعد الحرب".

أصيب علاء في بطنه برصاص الاحتلال بتاريخ (24/1/2024) عندما كانت العملية العسكرية الإسرائيلية على أشدها، لذلك اضطر فؤاد كغيره من المواطنين على دفن جثامين الشهداء في مقابر عشوائية داخل مستشفى ناصر الطبي".

لكن الاحتلال عند اقتحامه المستشفى أقدم على نبش المقابر، وجمع الجثث بواسطة الجرافات ودفنها في مقبرة جماعية بطريقة همجية، حيث كدس الجثث بعضها فوق بعض، ثم هال عليها التراب، مما تسبب بفقدان الجثامين وعدم قدرة الأهالي على العثور عليها.

في زاوية أخرى من المقبرة الجماعية صدحت التكبيرات فجأة بين العمال الذي عثروا على جثة كاملة الأمر الذي دفع العتال للقفز من فوق الرمال، لمشاهدة الجثة والتعرف عليها، لكن محاولته باءت بالفشل، :"لم تكن الجثة لشقيقه علاء".

ولم يستبعد فؤاد العتال أن يكون جيش الاحتلال الإسرائيلي اختطف جثمان شقيقه علاء، أو تقطيع أوصاله أو دفنه في مكان آخر.

أما والدته نوال لم تقطع الأمل ولم تيأس للبحث عن علامة مميزة لجثمان نجلها علاء بين الجثامين التي يتم العثور عليها، كالملابس أو علامة ملفته في جسده، مؤكدة أنها ستستمر بالبحث عن جثمان علاء لإكرام دفنه واحتضانه للمرة الأخيرة في حياتها  وطبع قبلة الحياة على جبينه.