قائمة الموقع

بالصور المعاناة تفترس النازحين.. نازحو خانيونس يصرخون: وين بدنا نروح؟

2024-07-04T16:13:00+03:00
معاناة النازحين مستمرة
شمس نيوز - وليد المصري

"أحياناً يكون العذاب هو الطريق الوحيد المُتاح أمامك" قالها المواطن أبو محمود بصوتٍ لاهثٍ وبجبين يتصبب عرقاً وهو يجر عربتين صغيرتين بهما ما تبقى من صحون ومعالق وبقايا أثاث استخرجها من تحت أنقاض منزله المدمر في بلدة عبسان الكبيرة بمحافظة بني سهيلا شرق خانيونس جنوب قطاع غزة، قبل أن ينطلق ليلاً مشياً على الأقدام باحثاً عن مكان يأويه وأسرته، بعد أن انقطعت به السبل مُتوجِّهاً إلى "المجهول"؛ إذ تلقت المنطقة تهديدات من جيش الاحتلال الإسرائيلي؛ بالإخلاء الفوري وعدم الرجوع إليها.

في نزوحه السابع على التوالي، تسير بجانبه زوجته حاملةً زجاجتي مياه وعلى ملامحها ترتسم علامات الإرهاق والإنهاك الشديدين جراء سيرها الطويل من البلدة الواقعة شرقي مدينة خانيونس، وخلفهما ابنته التي تمسك برضيعها، وابنيه يحملان -هما الآخران- حقيبتان بهما ما تبقى من ملابس وأغطية وطحين!، يصرخ بصوت مرتفع: "احترنا يا عالم، وين بدنا نروح!"

 

لمتابعة آخر المستجدات الميدانية والسياسية للحرب على غزة اشترك بقناة شمس نيوز على منصة تيلجرام

 

وتشهد مدينة خانيونس جنوبي قطاع غزة، موجةَ نزوحٍ قسريٍّ كبيرة من المناطق الشرقية والشرقية الشمالية بعد إصدار جيش الاحتلال إنذارات وتهديدات للسكان بالإخلاء؛ تمهيداً لتوغلٍ بريٍّ جديدٍ.

وطالت التهديدات -وفق ما جاء في خارطة جيش الاحتلال- مناطق القرارة وأحيائها، بني سهيلا وأحيائها، بما في ذلك أحياء معن، وقيزان النجار، وقاع القرين، وجورة اللوت، والمنارة والسلام، وعبسان الجديدة وأحيائها، وعبسان الكبيرة وأحيائها، وخزاعة وأحيائها، والفخاري وأحيائها، والمناطق الإقليمية، والشوكة والنصر، وهو ما يعني -إضافةً إلى النزوح- خروجَ مستشفى غزة الأوروبي عن الخدمة الطبية بشكل كامل، إذ جرت عمليات إجلاء صعبة لمرضى وجرحى من المستشفى، بعد أوامر الإخلاء التي أصدرها جيش الاحتلال.

وأمام حالة النزوح الواسعة للمواطنين الذين بلغ عددهم حوالي 250 ألفَ نازح، تتفاقم معاناتهم في ظل عدم إيجاد مأوى لهم، ما اضطرهم لافتراش الطرقات، وسط أكوام من النفايات التي تحاصرهم وتسرب شديد لمياه الصرف الصحي، وانتشار للأمراض المعوية والجلدية؛ ما ينذر بكارثة بيئية وصحية خطرة، -وفق ما ذكرته وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"-.

 

معاناة تتفاقم

 

استقر المواطن أبو علي الشواف، الذي يعيل أكثر من 15 فرداً، بينهم كبار سن وأطفال مرضى، في خيمةٍ واحدةٍ نصبها أمام مقر بلدية خانيونس وسط المدينة، والتي استهدفتها مدفعية الاحتلال الإسرائيلي بالقذائف الحارقة، وسط شح خانق للمياه وانعدام لأدنى مقومات الحياة.

نزح المواطن الشواف وأسرته عدة مرات منذ بدء الحرب على غزة في السابع من أكتوبر، كان آخرها قبل يومين بعد تلقي زوجته اتصالاً مسجلاً من جيش الاحتلال، يوجههم بالإخلاء الفوري والنزوح، فجمعوا ما استطاعوا حمله من مقتنيات وحاجيات هاربين إلى ما تُسمى بالمنطقة الإنسانية في المواصي -حسب وصف جيش الاحتلال"، ولكثرة الاكتظاظ السكاني هناك وعدم وجود مكان فارغ اضطروا للنوم على قارعة الطريق مفترشين الأرض وملتحفين السماء.

في صباح اليوم التالي، أعلنت الصحف العبرية إلغاء جيش الاحتلال عمليته العسكرية ضد المناطق الشرقية لخانيونس، ما دفع الشواف والمواطنين للرجوع إلى منطقتهم، وعصر ذلك اليوم تلقى أهالي المنطقة اتصالات مباشرة من ضابط مخابرات جيش الاحتلال الإسرائيلي يهددهم بضرورة مغادرة المكان، تبعه إطلاق لعشرات القذائف المدفعية الحارقة؛ ما أدى إلى وقوع إصابات في صفوف المواطنين والبيوت بشكل مباشر، ونشوب حالة كبيرة من الخوف والهلع؛ ليهربوا مرة أخرى في رحلة نزوح مستمرة ولا تنتهي -وفق تعبيره-.

يقول لمراسل "شمس نيوز": "اضطررنا للنزوح إلى هذا المكان وسط خانيونس، لأنه المكان الوحيد المتبقي لنا في خانيونس في ظل امتلاء منطقة المواصي والبحر والإقليمي واكتظاظها الكبير بالنازحين".

ويضيف: "هذا المكان يفتقر لمقومات الحياة، لا مياه، لا حمامات، لا مأوى، لا نظافة، فقط أكوام من الرمال وركام بيوت مدمرة من حولنا".

على الأرض تجلس أم هيثم لتغيير جرح ابنها الذي أصيب بقنبلة غازية أطلقها جيش الاحتلال، ما أدى إلى إصابته إصابةً مباشرة في قدمه والاختناق.

على مقربةٍ منهم، يعمل المواطن إبراهيم أبو جامع على بناء مكان يأوي فيه أسرته من حر الشمس الحارقة، بعد أن اشترى 7 ألواح من الأخشاب لا يتجاوز طول اللوح متراً واحداً، بمبلغ باهظ، ليكسيه فيما بعد بالنايلون، ما يجعلها حارة صيفاً، وهو أشبه بطريقة عمل الدفيئة الزراعية، في ظل عدم وجود خيارات بديلة وانسداد كامل للأفق.

ولا يختلف حال المواطنة مريم أبو رجيلة كثيراً عن سابقيها، إذ خرجت مع أقاربها حافية القدمين وافترشت مع أبنائها الصغار العراةِ الأرضَ دون مأوى يقيهم حرارة الشمس الحارقة التي تضربهم بشكل مباشر، مناشدةً المؤسسات الإنسانية بتوفير خيمة لها ولأبنائها.

أما المواطن نضال الشواف فقد أثقل كاهله شراء خيمة صغيرة بمبلغ 1700 شيكل انتزعها من قوت أسرته الفقيرة، يقول: "من المفترض أن توزع هذه الخيمة على شكل مساعدات إغاثية، ولكن لا نملك إلا أن نقول: حسبنا الله ونعم الوكيل".

في حين، اضطرت المواطنة خولة أبو رجيلة للرجوع مشياً على الأقدام إلى بلدة خزاعة؛ للتمكن من قضاء حاجتها!

عدا عن ذلك، يشتكي النازحون في المكان من تسرب مياه الصرف الصحي، وانتشار الروائح الكريهة والأمراض الجلدية التي تنهش بالأطفال وكبار السن على وجه الخصوص، فالطفلة الرضيعة "شمس" التي تبلغ من العمر 7 أشهر، وتعاني التواءً في الكاحل، أًصيبت كما باقي الأطفال النازحين في المكان بمرض جلدي نجم عنه تقرحات وتشققات في أنحاء متفرقة من جسدها، وسط عدم توفر رعاية صحية، كما يشتكون من عدم توفر "حليب" أو "بمبرز" للأطفال أو أدوية لكبار السن، وعدم قدرتهم على شرائها.

 

لا مكان آمن

 

وقال المكتب الإعلامي الحكومي في غزة: إن "آلاف الأسر تنزح من خانيونس ورفح بعد مطالبة الاحتـلال بإخلائها يحد من إمكانية تلبية احتياجات السكان نتيجة العدوان، مشيراً إلى أن مجمع ناصر الطبي يعمل بالحدود الدنيا ولا يستطيع تحمل أعباء أكثر.

بدورها، أعلنت جمعية الهلال الأحمر عن اكتظاظ مستشفى الأمل بأعداد من المصابين والنازحين، بعد إخلاء مستشفى غزة الأوروبي من المرضى والجرحى ونقا الأدوات والأجهزة الطبية لمستشفى ناصر غرب خانيونس، بعد إنذار إسرائيلي بإخلاء منطقة الفخاري التي يقع في نطاقها المستشفى.

‫وقالت منسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في غزة، سيغريد كاغ، إن عدد النازحين في قطاع غزة وصل إلى 1,9 مليون شخص، معبرةً عن "قلق عميق" إزاء التقارير التي صدرت عن أوامر إخلاء جديدة في خان يونس.

‫وأوضحت كاغ، أمام مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، أنه تم تهجير أكثر من مليون شخص مرة أخرى، وهم يبحثون يائسين عن المأوى والأمان. مشيرةً إلى أن: "هناك اليوم 1,9 مليون شخص نزحوا في جميع أنحاء غزة... أشعر بقلق عميق إزاء التقارير التي تفيد بأن أوامر جديدة بالإخلاء صدرت في منطقة خان يونس".

وبيَّنت وكالة "أونروا" أن قرابة 67 بالمئة من مرافق المياه والصرف الصحي والبنية التحتية في قطاع غزة مدمرة أو متضررة جراء نحو 9 أشهر من الحرب الإسرائيلية المتواصلة.

وأوضحت "أونروا"، أن الأمراض المعدية تواصل الانتشار، ودرجات الحرارة في ارتفاع، مؤكدةً أن نقص النظافة والجفاف يهدد صحة الناس في غزة التي لا يُوجد فيها مكان آمن.

وأوضحت "أونروا"، أن الأمراض المعدية تواصل الانتشار، ودرجات الحرارة في ارتفاع، مؤكدةً أن نقص النظافة والجفاف يهدد صحة الناس في غزة التي لا يُوجد فيها مكان آمن.

 

 







 

اخبار ذات صلة