قائمة الموقع

بالصور حكاية مؤلمة لنزوح تغيَّر مساره من غزة إلى جنوب الوادي!

2024-07-08T18:32:00+03:00
حاجز نيتساريم الذي يفصل شمال قطاع غزة عن جنوبه.jfif
شمس نيوز - نهلة شعبان أحمد

يركض إياد بسرعة بين الحفر والطرق الوعرة والمتعرجة؛ وعلى يمينه ويساره كان وميض نيران الصواريخ والقذائف العشوائية يشتعل، وأعمدة الدخان الأبيض والأسود تتصاعد من كل زاوية، ومن فوق رأسه تحوم رصاصات الطائرات المسيرة؛ لكن حركته وعائلته بسرعة فائقة أنقذته من موت محقق، لحظات مؤلمة ومرعبة عاشتها مئات العائلات في مدينة غزة ليلة الاثنين الموافق (8 يوليو 2024)، ولسان حالهم يقول: "الشاطر اللي ينفذ بجلده".

يحاول الشاب إياد أهل (26 عاما) الذي وصل وآلاف العائلات الغزية قبل ساعات تقريبًا لنزوحه من حي الدرج والتفاح وغزة القديمة، أن يلتقط أنفاسه ويبتلع ريقه ويمسح الغبار الذي علق بملابسه نتيجة السير مئات الأمتار على أقدامه، في أحد المنازل ببرج السوسي قرب شارع الصناعة؛ لكن محاولته باءت بالفشل عندما وصلت عقارب الساعة إلى الثانية عشر ليلًا.

لمتابعة آخر المستجدات الميدانية والسياسية للحرب على غزة اشترك بقناة شمس نيوز على منصة تيلجرام

كاد إياد أن يغمض جفنيه، قبل أن ينفجر بركانًا من النار واللهب في محيط المكان الذي نزح إليه، قصف صاروخي ومدفعي عشوائي مفاجئ استهدف كل من "تل الهوا والصبرة والثلاثيني والجامعات والصناعة والرمال"، ما دفع الآلاف من الناس للنزوح مرة أخرى.

بكاء وصراخ يعلو تزامنًا مع الأصوات المرعبة التي يحدثها القصف الإسرائيلي، يقول إياد بصوت يملأه التعب والخوف الشديد لمراسل "شمس نيوز": "أول مرة من 9 شهور نعيش حالة رعب كبيرة أحزمة نارية في كل مكان لا يوجد هناك منطقة آمنة نذهب إليها، الكثير من الناس استشهدوا في الطرقات والشوارع أمام عيوننا ولا نستطيع فعل شيء لهم".

نزوح حي الدرج

يُمرر الشاب إياد أنامله بين خصلات شعره، محاولًا تذكر ما حدث قبل ساعات من الليلة المشؤومة، إذ يشير إلى أنه كان يعيش في حي الدرج شرق مدينة غزة، قبل أن يجبره جيش الاحتلال وجميع العائلات في الحي ذاته بإخلاء المنطقة والتوجه غربًا صوب الجامعات ومنطقة الصناعة والرمال، في تلك اللحظة كانت الدموع ترسم في عينيه كلمتين فقط: "وين نروح؟".

سار إياد وعائلته ساعات طويلة فوق ركام المنازل والحفر والطرق المتعرجة إلى أن قادتهم أقدامهم إلى برج السوسي -مفترق الصناعة- ووصلوا مع اللحظات الأولى لغروب شمس يوم الأحد الموافق (7-7-2024)، هيأت عائلة إياد نفسها للمكوث في ذاك المكان أيامًا عدة حتى ينتهي جيش الاحتلال من عمليته في منطقة الدرج.

لم يتمكن إياد من تنظيف الشقة في برج السوسي؛ ليعيش بداخلها إذ انها تعرضت للقصف والدمار والحرق، وقرر وعائلته قضاء الساعات المتبقية لأخذ قسطًا من الراحة حتى تطلع شمس اليوم الثاني لتهيئة الشقة وترتيبها لقضاء بعضًا من الأيام بداخلها.

ليلة الكابوس

ساعات فقط قبل أن يحدث الكابوس الصاعق تحديدًا في الساعة (12:30) ليلًا دوت انفجارات عنيفة ومتواصلة لم تتوقف لحظة واحدة قبل أن يندفع إياد وعائلته ليحمي نفسه على باب برج السوسي، يوضح أن الأمر استغرق ساعات طويلة: "مكثنا طوال الليل ونحن في العراء ننتظر بزوغ الشمس للفرار من القذائف الإسرائيلية".

بزغت أشعة الشمس، وكان الدخان يتصاعد تارة من عمارة سكنية وأخرى من مركز طبي وثالثة من وسط الشوارع، فيما يحجب الغبار والأتربة أشعة الشمس الصباحية من الالتصاق بأرض مدينة غزة، تحديدًا في منطقة الصناعة والجامعات وتل الهوا والرمال، يذكر إياد "أن الناس قد خرجت من فوق الركام ليس لديها أدنى فكرة عن طريق النجاة أو منطقة آمنة للنزوح إليها".

"تفاجأنا بالدبابات قرب برج السوسي وفررنا من المكان نحمل على أكتافنا أطفالنا وجزءًا من الامتعة التي نستر بها أنفسنا، رأيت الشهداء على الأرض والجرحى يصرخون ويستنجدون ونحن لا حولا ولا قوة لنا، نحاول فقط النجاة بأرواحنا" يروي إياد المشهد ويصفه بأهوال يوم القيامة.

 

قرار النزوح جنوبا

تحركت أقدام إياد وعائلته متجهة إلى الشرق بسرعة عبر شارع الثلاثيني، وبعد نقاشات حادة وآراء متعددة بين الأهل قرروا الذهاب جنوب وادي غزة، يقول إياد: "الخوف ذبحنا والجوع قتلنا ولا سبيل أمامنا سوى التوجه جنوبًا لإنقاذ سلالتنا التي استشهد منها الكثير يجب أن نحافظ عليها".

أشرف أهل وهو والد الشاب إياد يقول: كنا نعيش في عمارة مكونة من 5 طوابق في أول الحرب تحديدا بتاريخ (29-10-2023) استهدفوا العمارة ودمروها بالكامل وهنا اضطررنا للنزوح إلى مدرسة موسى بن نصير، وقبل ثلاثة أيام تم استهداف المدرسة وهذا دفعنا للنزوح إلى منزل ابنتي في حي الدرج.

كانت تضرب فوق رؤوسنا عندما أوقفنا أشرف وأسرته في أقرب نقطة على حاجز نيتساريم من شارع صلاح الدين جنوب وادي غزة يشعر أشرف بحالة من الإرهاق والتعب الشديدين يقول: "بالأمس أجبرنا جيش الاحتلال بالنزوح غرب مدينة غزة وفي ساعات الليل الأولى اليوم الاثنين اضررنا للنزوح إلى الشرق"، يضيف وهو متعب "الاحتلال بلعب معنا لعبة حقيرة ومرهقة جدًا".

 

معلبات فقط

وفيما يتعلق بالطعام والشراب شمال وادي غزة يستذكر أشرف أهل الأيام الصعبة التي عاشها وأبنائه نتيجة الجوع القاتل، إذ أشار إلى أن نجله أصيب برصاص طائرات كواد كابتر أثناء توجهه إلى دوار الكويت للحصول على "كيس طحين" وقبل أشهر توجه إلى جنوب وادي غزة لعدم توفر العلاجات اللازمة في مستشفيات شمال القطاع.

"نعيش على معلبات الفول واللحمة والخبز فقط" متسائلًا: "هل هذه الأغذية صالحة لصحة الإنسان على مدار شهور عدة؟، نحن تعبنا وموتنا من الجوع لا يوجد بندورة ولا بطاطا ولا أكلات صحية مطلقًا كيف لنا أن نعيش في شمال غزة، ما عشناه من 9 أشهر هو انجاز كبير لكن قدراتنا باتت محدودة".

يُشار إلى أن جيش الاحتلال الإسرائيلي قصف غزة بالتزامن دفعة واحدة في مناطق عدة غرب مدينة غزة -تل الهوا والصبرة والصناعة والجامعات والرمال ومنطقة مسجد فلسطين الرمال الشمالي- في ساعات الفجر الأول اليوم الاثنين (8-7-2024)، وبعد القصف المكثف نشر جيش الاحتلال خارطة لإخلاء تلك المناطق.

وفرض جيش الاحتلال حصارًا لمقر وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين -الأونروا- في منطقة الصناعة بحجة وصول معلومات استخبارية عن تحصن رجال المقاومة في المقر وتحويله لغرفة اعتقال وتحقيق كما يزعم بيان جيش الاحتلال.

 

اخترنا لكم: سعير الحرب وجَمْر الحطب مع لهيب الصيف يكوي النازحين: "حياتنا نار في نار"

 





 

اخبار ذات صلة