تقف المسنة فتحية أبو موسى أمام إحدى الكاميرات الفضائية للحديث عن التعذيب الذي تعرضت له داخل سجون الاحتلال، فهي قد وصلت لتوها إلى مستشفى شهداء الأقصى بعد الإفراج عنها ومجموعة من الأسرى المعذبين.
لكن لقاء المسنة عبر الكاميرا لم يطل كثيرًا إذ تحول إلى لقاءٍ مؤثرٍ جدًا عندما وقعت عينيها على نجلها ضياء الذي جاء من بعيد فور سماعه عن وصول والدته للمستشفى: "أُمي"، شهقت المسنة فتحية من شدة الفرحة لرؤية نجلها وقامت باحتضانه وتقبيله.
اختلطت دموع المسنة فتحية بدموع نجلها ضياء وهي تحتضنه بقوة لا تريد الفكاك عنه مرة أخرى، لحظات الاحتضان المؤثرة لا تخلوا من الكلمات المحزنة والمؤلمة أيضًا فهو يردد بقوله: "الحمد لله إنك على قيد الحياة كنت بفكر الجيش قتلك".
لمتابعة آخر المستجدات الميدانية والسياسية للحرب على غزة اشترك بقناة شمس نيوز على منصة تيلجرام
بداية الاعتقال
المسنة فتحية غادرت قطاع غزة قبل الحرب لتلقي العلاج اللازم بالداخل المحتل؛ وعندما اندلعت الحرب لجأت إلى شقيقتها في مدينة بئر السبع المحتلة؛ لكن الاحتلال الغاشم عندما علم بوجدها اعتقلها فورًا ليتم وضعها في سجن الرملة.
وأصدرت محكمة الاحتلال وفقًا للسيدة فتحية قرارًا باعتقالها لمدة شهرين؛ عاشت خلالها أيامًا صعبة جدًا صوت الآه والعذابات وصرخات الأسرى لا يغفوا عن فكرها مطلقًا تقول وعينيها ممتلئة بالدموع: "كنت أسمع صراخ الأسرى وهم يعذبون وينكل بهم طوال الوقت، هناك غرف مغلقة بداخلها والصراخ يخرج منها من شدة الضرب والإهانة والتعذيب".
قضت المسنة فتحية 45 يومًا داخل سجن الرملة قبل أن يصدر جنود الاحتلال قرارًا بالإفراج عنها مع مجموعة من الأسرى، ولعودتها إلى غزة قصة معاناة وألم كبيرة، فمع ساعات الفجر طلب منها جنود الاحتلال التوجه إلى باص بداخله عددًا من الأسرى الغزيين، وهناك تم تقيد كفيها وقدميها بمقبض بلاستيكي مؤذي جدًا.
مع وصول أشعة الشمس الذهبية إلى سطح الأرض أطلق جنود الاحتلال حرية الأسرى؛ لكن لا يمكن للعدو إلا أن يعكر صفوة الأسرى المفرج عنهم ويهددهم بالقتل، تقول المسنة فتحية لمراسل "شمس نيوز": "عندما وصلنا لنقطة الحرية أبلغنا أحد الجنود بصوت عالِ جدًا وهو يصرخ: "معكم نصف ساعة وتغادروا المكان نهائيًا".
"المكان عبارة عن صحراء بمعنى الكلمة، لا يوجد منازل كل ما هو موجود أمامنا عبارة عن ركام وحفر وعرة نتيجة تجريفها من قبل آليات الاحتلال الإسرائيلي"، تقول المسنة فتحية وهي تحاول الجلوس على الأرض: "والله اتعبت رجليا بوجعوني من الركض".
تمرر المسنة فتحية يدها اليسرى على جبينها؛ لإزالة قطرات العرق التي تشكلت لارتفاع الحرارة، فيما تخفق دقات قلبها بسرعة عالية، وهي التي وصلت لتوها إلى مستشفى شهداء الأقصى بدير البلح وسط قطاع غزة بعد ركضٍ استمر نحو ساعة من الزمن.
وحملت المسنة فتحية أمانة من داخل سجون الاحتلال للمسلمين والعرب ولأحرار العالم أجمع تقول وهي تحاول ابتلاع ريقها: "الأسرى نفسهم يطلعوا من العذاب والموت اللي عايشين فيه، لا يوجد أكل ولا شرب ولا لبس، بتمنى من كل العالم يسمع صوت الأسرى ويبذل كل جهده من أجل الإفراج عنهم هؤلاء بشر بموتوا كل ثانية داخل السجن".