يرى الخبير العسكري الفريق الأردني المتقاعد قاصد محمود أن سيناريو الرد على عملية اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في العاصمة الإيرانية "طهران" سيكون مؤلمًا لـ"إسرائيل"، لا سيما بأن جميع أطراف محور المقاومة (إيران – العراق – لبنان – اليمن- فلسطين) ستشارك في عملية الرد على الجريمة الإسرائيلية.
أهداف خبيثة
ويعتقد الفريق محمود في تصريح لـ"شمس نيوز" أن اغتيال إسماعيل هنية يحمل أهدافًا إسرائيلية خبيثة وغبية في آن واحد، ويقول: "غبية لأنها استهدفت رجل حماس الوسطي الذي يسعى لتغير سياسات الحركة بما يتأقلم مع المجتمع الدولي لإقامة الدولة الفلسطينية وإحلال السلام، وخبيثة لأنها تريد جر "إيران" للمشاركة في المعركة بشكل مباشر.
وقال: "إن اغتيال إسرائيل لإسماعيل هنية يقع ضمن استراتيجيتها التي تمارسها منذ أكثر من (80 سنة) لاعتقداها بان استهداف قادة المقاومة سواء في فلسطين أو لبنان هو سياسة إسرائيلية تحقق صورة النصر المزعوم".
وأضاف: "إن نتنياهو واقع في مربع الهزيمة الكاملة منذ بداية طوفان الأقصى وبعد مرور نحو 10 أشهر على الحرب لم يحقق نتنياهو أيَ من أهدافه السياسية والعسكرية؛ لذلك بحث عن صورة النصر التي ترفع من شأنه داخل المجتمع الإسرائيلي".
رسالة تحدي لإيران
وأكد المتقاعد محمود أن استهداف هنية في قلب العاصمة الإيرانية طهران هو رسالة تحدي واستفزاز لإيران، خاصة وأن عملية الاغتيال تأتي عقب دعوة رسمية لهنية لحضور مراسم تنصيب الرئيس الإيراني الجديد، لذلك فهي ضربة قوية لإيران".
لمتابعة آخر المستجدات الميدانية والسياسية للحرب على غزة اشترك بقناة شمس نيوز على منصة تيلجرا
وتوقع بأن الهدف الأبرز من عملية اغتيال هنية الذي يخطط له بنيامين نتنياهو وحاشيته من الوزراء المتطرفين هو دفع الجمهورية الإيرانية للمشاركة بشكل مباشر في الصراع الدائر، بالتالي تنضم أمريكا للصراع وهذا سيحول المعركة إلى حرب إقليمية مفتوحة".
ويهدف نتنياهو وفقًا للخبير العسكري، من تحويل الصراع من صراع داخل فلسطين إلى صراع إقليمي مع إيران للتهرب من فشله الذريع في السابع من أكتوبر، وما تلاه من فشل جيش الاحتلال في استعادة أسراه لدى فصائل المقاومة، وبالتالي يصبح فشله في غزة هامشيًا أمام الحرب الدائرة مع القوة الثانية في المنطقة.
ومن الأهداف التي يخطط لها نتنياهو هو تدمير إيران كقوة منافسة لها في الإقليم وإضعاف قردتها في دعم المقاومة التي تحيط بدولة الكيان، لا سيما وأن إيران على وشك امتلاك القنبلة النووية.
سيناريو مرعب
وفيما يتعلق بسيناريو الرد الإيراني على عملية اغتيال إسماعيل هنية في طهران يعتقد الخبير العسكري أن السيناريو الأرجح في هذه المرحلة هو أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية سترد بشكل مؤلم على الجريمة الإسرائيلية في أراضيها لتستعيد من خلاله كرامتها، متوقعًا أن يكون الرد من الجغرافيا الإيرانية نفسها.
ويرى بأن عملية الرد ستكون مختلفة عن السابقة التي كانت بعد استهداف "إسرائيل" للقنصلية الإيرانية في سوريا، ولفت إلى أن إيران أرسلت رسالة بأنها سترد بشكل مؤلم في قلب إسرائيل.
وفي السياق ذاته استذكر الخبير العسكري تصريحات كتائب القسام ردًا على اغتيال هنية بأن العدو أدخل الصراع في أبعاد جديدة، بالتالي يتوقع بأن الرد سيكون من أراضي الـ48 ومن الضفة الغربية والقدس المحتلتين ويتزامن ذلك مع تصريحات لبنانية بالرد على جريمة اغتيال فؤاد شكر القائد العسكري الكبير في حزب الله، ويتزامن أيضًا مع تهديدات يمنية للرد على استهداف ميناء الحديدة اليمنية، إضافة إلى جبهة العراق التي تعرضت ايضًا لاستهداف لقوات الحشد الشعبي.
ويقول الخبير العسكري: "أمام هذه الإستهدافات والاغتيالات الإسرائيلية المتزامنة فإن السيناريو الأقرب للواقع سيكون بتوجيه ضربة مشتركة من محور المقاومة وبكل أشكاله وأنواعه وأساليب قتاله، سواء كانت صاروخية أو طائرات مسيرة أو عمليات داخلية مفاجئة، وقد يستمر هذا السيناريو لمدة يوم أو يومين ثم ننتظر الرد الإسرائيلي والموقف الأمريكي".
من هو إسماعيل هنية؟
واستشهد رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إسماعيل هنية فجر اليوم الأربعاء في عملية اغتيال استهدفته في مقر تواجده بالعاصمة الإيرانية طهران، بعد مشاركته في احتفال تنصيب الرئيس الإيراني الجديد.
وولد إسماعيل هنية الذي ينحدر من بلدة الجورة قضاء عسقلان، في مخيم الشاطئ للاجئين غرب مدينة غزة عام الـ 1963، وعُرف منذ التحاقه في حركة "حماس" بقربه من مؤسسها الشيخ الشهيد أحمد ياسين، إذ عمل مديرًا لمكتبه لسنوات.
وخلال سنوات حياته، اعتُقل في سجون الاحتلال أكثر من مرة، ونُفي إلى مرج الزهور جنوب لبنان، ونجا من عدة محاولات اغتيال، كان أبرزها حين كان برفقة الشيخ أحمد ياسين عام 2003.
وبعد فوز "حماس" في الانتخابات التشريعية، ترأس إسماعيل هنية الحكومة الفلسطينية العاشرة، والتي تعرضت لحصار إسرائيلي خانق، وكان له تصريح شهير في حينه قال فيه: "سنأكل الزعتر والملح والزيتون ولن نطأطئ الهامات ولن نهون ولن نتراجع".
وفي العام 2017 تولى إسماعيل هنية رئاسة المكتب السياسي لـ "حماس" بعد انتخابات جرت داخل مجلس شورى الحركة، وعُرف بـ "الوجه السياسي لحماس" وأنّه "رجل هادئ وصاحب خطاب ورأي رصين وراجح".
وسبق أنّ قتل الاحتلال الإسرائيلي خلال الحرب الحالية عددًا من أفراد عائلة إسماعيل هنية، من بينهم 3 من أولاده و7 من أحفاده، وشقيقتيه، كما قصف منزله في مخيم الشاطئ غزة.