قائمة الموقع

هبة الحلَّاق ترسم الأمل بفطائرها الشهية.. من وسط الظلام يشرق النور! 

2024-08-05T11:56:00+03:00
مطعم الصمود
شمس نيوز – وليد المصري 

تُقَلِّب "هبة الحلَّاق" كراتِ العجين بين يديها بخفة ومرونة، بعد أن تسري عليها "بالشُّوبَك" صعوداً وهبوطاً بحركة متناسقة؛ مُحوِّلةً إياها إلى أقراصٍ دائريّةٍ بأحجام مختلفة، تُزيِّنُها بقطعٍ متنوعةٍ من الخضراوات المطبوخة، قبل أن تُدخِلها لتتحمَّر في فرنٍ حديديٍّ، وتضعها على طبقٍ زجاجيٍ تُقدِّمه إلى الزبائن حسب الطلب. 

"هبة الحلَّاق" (35 عاماً) ريادية من مدينة خانيونس جنوبي قطاع غزة، حوَّلت بأقل الإمكانات، محلَّ الملابس الخاص بأخيها، إلى مشروعٍ لصناعة المعجنات، وبيعها؛ سعياً منها لإعالة أسرتها وتوفير مصدر رزق، في ظل الحرب المستمرة على قطاع غزة منذ 10 أشهر. 

درست "الحلَّاق" تخصص "السكرتاريا الدولية"، وهي متزوجة ولها 3 أطفال، وتعلمت فنون الطبخ والطهي منذ العام 2010 في المنزل، من خلال مراقبة والدتها التي تجيد طهي كثير من الوصفات والأكلات، بجانب متابعة البرامج الخاصة بالمطبخ عبر موقع "اليوتيوب".

في السابق عملت "الحلَّاق" شيفاً في مطاعم مختلفة، وتنقلت بين مراكز التدريب المختصة في فنون الطهي والخَبْزِ، وهو ما أصقل قدرتها على إعداد الوجبات والمأكولات بطرق إبداعية ومميزة، ونمى طموحها في أن يكون لها مشروعها الخاص وعلامتها التجارية المستقلة، خاصةً أن اسمها ومنتوجاتها الغذائية أصبحتا معروفتان لدى أغلب مرتادي المطاعم.

لم تسمح "هبة" للحرب الإسرائيلية أن تسلب إرادتها وأملها أو تقف عائقاً أمام هذا الطموح، بل على عكس ذلك حفَّزت شغفها لاقتناص الفرصة -وإن كانت أقل من مستوى طموحها-، في ظل الواقع الصعب الذي تعيشه، سيما بعد إصابة والدتها وسفرها للعلاج في جمهورية مصر العربية، وتوليها جزءاً من مسؤولية رعاية وإعالة إخوانها وأخواتها، فقامت بإزالة الركام من وسط محل الملابس الذي تضرر خلال الاجتياح الإسرائيلي البري لخانيونس، وتنظيفه، وتدعيمه "بِمُعرَّشٍ خَشَبِيٍ مَكْسو بالنايلون" وتحويله إلى مطعمٍ صغيرٍ بإمكانات بسيطة لبيع المعجنات والمخبوزات الشهية.

لمتابعة آخر المستجدات الميدانية والسياسية للحرب على غزة اشترك بقناة شمس نيوز على منصة تيلجرام

حالها كحال باقي أهالي قطاع غزة، لم تسلم "الحلَّاق" من بطش الاحتلال وعدوانه، بدءاً من فقد عددٍ من أفراد أسرتها جراء تعرض منزلها للقصف وإصابتها ووالدتها وعدد من أفراد أسرتها، ولجوئهم إلى مدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، مروراً بالنزوح الثاني إلى مدينة رفح، ثم العودة مرة أخرى إلى خانيونس، متبعين في ذلك منشورات الإخلاء القسري التي ألقاها جيش الاحتلال الإسرائيلي على منطقتهم.

رحلات النزوح المتكررة ليست العائق الوحيد الذي واجه هبة الحلاق التي تكافح لاستمرار مشروعها، بل إن نقص المعدات الخاصة بالمطبخ وعدم توافرها أساساً، إضافةً إلى عدم توفر غاز الطهي، كانت عائقاً كبيراً أمامها، ما جعلها تلجأ إلى استخدام الخشب كبديل جبري؛ لإيقاد النار اللازمة لخبز ما تصنعه، وهو الأمر الذي يؤدي لاستغراق وقت أطول لنضوج المخبوزات.    
عدا عن ذلك، فإن الأجواء العامة التي تعمل فيها الحلَّاق غير مهيأة البتة، ويفتقر إلى أدنى سُبُل الراحة، لكنها تُحاول قدر الإمكان الاهتمام بأدق التفاصيل، و"صنع شيء من لا شيء" -وفق قولها-، إضافةً إلى أنها تهتم بأدق التفاصيل وتحرص على نظافته بشكل كبير. 

وتأمل الحَّلاق في إنهاء الحرب الهمجية بأسرع وقت، ووقف المقتلة الإسرائيلية الغاشمة، لتتفرغ للعمل على توسيع مشروعها، وفتح مطعم كبير ومشهور؛ لتلبية احتياجات الناس وتقديم أشهى الوجبات والمأكولات لها. 

في زاوية المطعم، وأمام طاولةٍ صغيرةٍ يقبع على سطحها باقة من الورود المجففة، يجلس "عاهد"، ليتناول فطيرة "البيتزا" الساخنة التي طلبها، يقول: "الطبخ فن وذوق.. والفطائر التي تُقدَّم هنا طعمها لذيذ وتدل على مهارة عالية لدى الشيف هبة وذوقها الطيب في إعداد المأكولات (..)".

اخترنا لكم: "لا أريد أن أنتهي في كيس".. وصية الشهيد إبراهيم الغولة ورسالته الأخيرة مؤلمة

اخبار ذات صلة