قائمة الموقع

بالصور النقود المهترئة بغزة.. وجهٌ آخر للمعاناة زمن الإبادة!

2024-08-21T12:26:00+03:00
شمس نيوز – وليد المصري

بين ركام المنازل والمحال التجارية المدمرة في منطقة السكة أحد أحياء سوق مدينة خانيونس جنوبي قطاع غزة، يقف المواطن "أحمد أكرم" تحت أشعة الشمس الملتهبة التي تضرب في رأسه، وجبينه يتصبب عرقاً، محاولاً إقناع بائع الخضار استلامَ ورقة نقدية من فئة "20 شيكل"، تظهر عليها علامات التآكل والاهتراء بشكل جليٍّ، وبالكاد تستطيع قراءة أرقامها؛ ليرد الأخير بعد تفحصٍ عميقٍ لها، بنبرةٍ مترددةٍ مجسدة في زفيرٍ طويلٍ: "شوف غيرها، هذي ما بِتِمْشِي".

"مَشِّيْها بمعرفتك يباشا" جدالٌ باتَ يتكرر بشكلٍ يوميٍّ بين الباعة والمواطنين في قطاع غزة، سببه العملات الورقية التي تآكلت، في ظل انعدام القدرة على استبدالها أو تجديدها؛ نظراً لعدم توفر السيولة النقدية في البنوك أو الأسواق، بفعل استمرار الحرب الإسرائيلية المستمرة منذ أكثر من 10 أشهر على القطاع المحاصر. 

اهتراء العملات الورقية وتآكل المعدنية وصدؤها، جراء تناقلها نفسها بشكل يومي بين أيدي المواطنين المرهقة منذ 10 أشهر، مشكلاتٌ تُفاقم معاناة سكان القطاع وتزيد أعباءً إضافيةً على كاهلهم، وسط تضخم فاحشٍ في الأسعار، وانعدام فرص العمل بشكل كبير.  

أمام بسطة خضارٍ صغيرة، يشكو البائع "ماهر عمران" (46 عاماً)، من متاعب في تسيير تجارته، بسبب العملات المهترئة والصدئة، يقول لمراسل "شمس نيوز": "العملات الورقية الموجودة في السوق متآكلة، والعملات المعدنية ظهرت عليها آثار الصدأ والخدوش بسبب عدم تجديدها، وهذا يشكل متاعب لنا مع الزبائن".

لمتابعة آخر المستجدات الميدانية والسياسية للحرب على غزة اشترك بقناة شمس نيوز على منصة تيلجرام

ويضيف، وهو يمسك كيساً يحتوي على نقود ورقية ومعدنية: "أستطيع أن أخرج لك من هذا الكيس أكثر من 700 شيكل من العملات المتآكلة والصَّدِئة، ولا أقدر على التعامل بها مع المشتري".  

في العادة، يستطيع التجار والمواطنون تجديد النقود أو استبدلها من خلال البنوك، ولكن انعدام السيولة المالية، وندرة العملات الجديدة، وإغلاق المعابر، وتضخم الأسعار، وقلة البنوك العاملة، واستمرار الحرب، -كما يشير عمران-، أمورٌ ساهمت في تكريس واقع اقتصادي جديد في القطاع المنكوب، وهو ما انعكس سلباً على الحياة.  

البائع "عمران"، يعيل 7 أفراد، ودُمِّر بيته خلال الحرب، يعيش في خيمة هي الأخرى بدأت بالتآكل جراء أشعة الشمس التي تضرب بها يومياً، يُناشد المجتمع الدولي بإنهاء الحرب في أسرع وقت، وتوفير أبسط مقومات الحياة للنازحين والسكان.   

ليس ببعيدٍ عنه، يفتتح "لؤي فرج" بسطةً لبيع أنواع المواد التموينية والمعلبات المتوفرة، حاله ليس بأفضل من سابقه، فهو الآخر يُعاني الأَمَرَّين جراء التعامل بالنقود المتهالكة، ويُواجه صعوبات مع زبائنه بسبب هذا الأمر. 

"خدها وإذا ما مِشْيَت رجعهالي" حيلةٌ يلجأ إليها البائع تكاد تكونُ حلاً مؤقتاً لتمرير بضاعته على الزبون الذي يرفض أن يستلم العملات المهترئة و"الفكة" الصدئة، ولكن سرعان ما يصدم الأخير عند إرجاعه النقود -في حال عدم صرفها- بادعاء الأول: "هذي مش من عندي"!.

على زجاج ثلاجةٍ في محل لبيع العصائر والبراد، عُلِّقت ورقةٌ كتب عليها: "المحل غير مسؤول عن العملة بعد المغادرة"؛ قطعاً للطريق على أي شخص يُحاول تمرير مثل هذه العملات، "إلِّي أوله شرط آخره نور" كما يقول صاحب المحل. 

المواطن "إبراهيم كمال"، ضاقَ ذرعاً بهذه المشكلة التي باتت تشكل له إزعاجاً وهاجساً حقيقيا، يوضح لمراسل "شمس نيوز": "نشتري من إحدى البسطات، وعند الدفع يصدمنا على تغييرها لأنها متهالكة، ولكننا لا نملك غيرها"، متسائلاً: "من وين حنجيب غيرها وفش عندنا شغل، ومش قادرين نوفر أبسط مقومات الحياة؟". 

وفي هذا الوضع المختنق بأصوات المعاناة، تبقى عبارة "مَشِّيْها بمعرفتك يباشا" تتردد بين المواطنين والباعة، وكأنها شعارٌ للبقاء والصمود على هذه الأرض، ووجهٌ آخر لإبادةٍ يُحاول الناس النجاة منها بأي وسية، ولو كانت بكلمة بسيطة.. "مَشِّيْهَا" هنا نداءٌ جديدٌ للوجع والمعاناة!.

يُشار إلى أن سلطة النقد حذرت في بيان لها من تداعيات خطيرة ووشيكة ستطال كل جوانب الحياة في حال استمرار الجانب "الإسرائيلي" في رفض استقبال العملة النقدية من فئة الشيقل المتراكمة في البنوك الفلسطينية.

اخبار ذات صلة