في إشارة إلى تزايد الخوف والهلع لدى الجمهور الإسرائيلي، بدأ العديد منهم ببناء غرف محصنة من الخرسانة في باحات منازلهم، خوفا من هجوم واسع بالصورايخ جراء العدوان الذي يشنه جيش الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، وكذلك اعتداءاته المتكررة على لبنان.
في ظل تلك الظروف والتهديدات الصاروخية ومخاطر تصعيد واسع النطاق اضطرت أفيفا برتزوف وجيف ليدرر، اللذين بقيا لأعوام من دون ملجأ في منزلهما في "تل أبيب"، إلى الشروع مؤخرا في بناء غرفة محصّنة، بحسب تقرير لوكالة "فرانس برس".
يأمل ليدرر وبرتزوف بأن توفّر غرفة من الخرسانة المسلحة بدأت تنبثق من قالب خشبي في باحة منزلهما بـ"تل موند" شمال "تل أبيب"، الحماية لهما ولأحفادهما.
عند إنجازها، ستتألف هذه "الغرفة الآمنة" من جدران بيضاء ونافذة مربعة يحميها مغلاق من الحديد، وأرضية من البلاط. وستوضع في داخلها أريكة.
قالت برتزوف، وهي اختصاصية في علم النفس، إنه في فترات النزاعات السابقة "كنا في كل مرة نقول إنه ربما يجدر بنا أن نبنى ملجأ في المنزل، لكننا لم نفعل شيئا".
وأضافت لوكالة "فرانس برس": "هذه المرة، وبعدما بدا أن (الهجمات) تقترب من منطقتنا، قلت لنفسي إنه لا يمكننا الاستمرار على هذا النحو".
تعرضت مناطق عدة في إسرائيل لهجمات صاروخية على مدى الأشهر الماضية.
وفي نيسان/ أبريل، شنّت إيران هجوما غير مسبوق على "إسرائيل" بالصواريخ والمسيّرات، ردا على قصف استهدف قنصليتها في دمشق.
وكررت إيران وحليفها حزب الله على مدى الأسابيع الماضية، التوعد بالرد على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية في طهران والقيادي العسكري في الحزب فؤاد شكر في ضاحية بيروت الجنوبية.
وتزامنا مع حرب غزة، أعلنت جماعات مسلحة مدعومة من طهران منها "المقاومة الإسلامية في العراق" والحوثيون في اليمن، استهداف مناطق إسرائيلية بصواريخ ومسيّرات.
"15 ثانية"
بالنسبة إلى برتزوف وليدرر، يبقى حزب الله الذي يملك ترسانة صاروخية ضخمة، التهديد الأكبر. وقال ليدرر، وهو طبيب يبلغ 79 عاما: "الآن نقلق أكثر لأن صواريخ حزب الله يمكنها أن تصل إلينا".
وأضاف: "نخشى أيضا أن تطلق إيران النيران باتجاهنا".
وقلّص تنامي القدرات الصاروخية للجماعات المعادية لـ"إسرائيل" من الوقت المتاح لسكانها للاحتماء من الهجمات.
فعند بناء أولى الملاجئ العامة في "إسرائيل" خلال الخمسينيات من القرن الماضي، كانت صفارات الإنذار تنطلق قبل 30 دقيقة من سقوط الصواريخ.
واعتبر مسؤول الهندسة في قيادة الجبهة الداخلية الإسرائيلية اللفتنانت كولونيل موشيه شلومو أن هذه المدة "كانت تكفي لإعداد كوب من القهوة" قبل الاحتماء.
لكن حاليا، بات أمامهم ما بين 15 و90 ثانية فقط لبلوغ مكان آمن بعد انطلاق الصفارات أو تلقي إشعار عبر الهاتف.
لذلك، تحضَ السلطات السكان على بناء غرف محصنة ملحقة بمنازلهم.
وقال شلومو الذي تحدث لـ"فرانس برس" في قاعدة عسكرية قرب "تل أبيب"، إن "مستوى التهديد في إسرائيل مرتفع للغاية".
وأشار إلى أن بعض الدول "تهدّدنا بالصواريخ والصواريخ البالستية... هذه الغرف (الآمنة) تنقذ الأرواح. هذا ما رأيناه في هذه الحرب".
تصمّم الغرف الآمنة لتحمّل عصف انفجار طنّ من المتفجرات على مسافة 15 مترا، وهي معزولة ومزودة بنظام تهوية خاص في حال التعرض لهجوم بيولوجي أو كيميائي، وفق ما أكد شلومو.
وتراوح كلفتها بين 30 و65 ألف دولار.
وفي محاولة لإقناع مزيد من الإسرائيليين ببناء غرف آمنة، قلّصت قيادة الجبهة الداخلية المدة الزمنية لنيل ترخيص إلى 14 يوما، وأنجزت 4500 طلب في الأشهر السبعة الماضية.
واقتنع برتزوف وليدرر ببناء هذه الغرفة خوفا على أحفادهما. وأوضحت برتزوف أن "لدينا العديد من الأحفاد يأتون للنوم هنا لأنهم لا يقيمون في مكان قريب... لذا فإنه يأتي من الشعور بالواجب".