تقرير: صحيفة لوموند الفرنسية
كان الأمل في التوقف عن قمع الإخوان المسلمين في مصر قصيرًا بعد أن قضى نظام المشير السيسي على الأمل الذي ولد إثر الحكم على محمد مرسي بالسجن 20 عامًا في محاكمته الأولى يوم 21 أبريل، فمن خلال الحكم بالإعدام على الرئيس المصري السابق الذي أطيح به في 2013 في محاكمة أخرى يوم 16 مايو، بين النظام أن النظام القضائي المصري يقوم بحرب كاملة وتامة على الإسلاميين.
ولا يجب أن ننخدع فالقضاء المصري يسير وفقًا لأوامر المشير الرئيس عبد الفتاح السيسي الّذي انتخب في عام 2014 بعد القضاء على كل أشكال المعارضة، حيث أن الشرطة باتت تنتقم من كلّ ثوار “الربيع العربي” في 2011، والجيش سيطر من جديد على مقاليد الحكم في البلاد، إذ قتل أكثر من 1400 متظاهر منذ الانقلاب العسكري الذي قاده المشير السيسي وزجّ بـ 15 ألف متعاطف مع الإخوان المسلمين في السجون وحكم على المئات بالإعدام من بينهم المرشد الأعلى لجماعة الإخوان المسلمين محمد بديع والداعية يوسف القرضاوي المنفي في قطر، وحجم المحاكمات السياسية الجماعية غير مسبوق في البلاد.
وعلى الرغم من حكمه المقتضب والذي كان فوضويًا وتميّز بالتعصب وعدم الكفاءة، يعد مرسي القيادي في جماعة الإخوان المسلمين أول رئيس للدولة المصرية تم انتخابه ديمقراطيًا، وارتأت الولايات المتحدة أن من الضروري الإعراب عن “قلقها العميق” إزاء “ممارسة المحاكمات والإدانات الجماعية” في حين أن البعض يشير إلى أن القضاء الأمريكي قد أصدر في الآن نفسه حكمًا بالإعدام على أحد مرتكبي هجوم بوسطن، الشاب جوهر تسارنوف من الأصل الشيشاني، ومن الضروري إدانة هذا القرار، إذ من الخطأ أن يُرد على الموت بالموت، ولكن على الأقل أجريت محاكمة جوهر تسارنوف في كنف احترام قوانين القضاء في حين أنّ من غير الممكن الإقرار بقانونية المحاكمات المصرية.
قامت الولايات المتّحدة –حليفة مصر– بعد "الانقلاب" العسكري في 2013 بتجميد جزء من المعونة المقدّرة بـ 1.5 مليار دولار والتي تقدمها سنويًا إلى البلاد، إلا أنها بدأت في إعادتها دون أن يمنعها هذا من الإعراب عن عدم موافقتها على الطريقة التي يعامل بها مرسي، كما ندّد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بالمحاكمة التي تعيد مصر إلى “مصر القديمة”، على حدّ تعبيره، وقد ذهل أردوغان –الذي منعت بلاده، شأنها شأن الاتحاد الأوروبي–، عقوبة الإعدام من صمت الأوروبيين إزاء الأحكام الصادرة في القاهرة.
ولا يمكننا إلا أن نشاطره الرأي في هذه النقطة، إذ أن صمت الأوروبيين وباريس على وجه الخصوص مطبق وحقيقة أن فرنسا باعت إلى مصر طائرات مقاتلة من نوع رافال وتدعمها في حربها على الإرهاب لا يجب أن يحرمها من التعبير علنًا عن رفضها للقمع واللجوء إلى عقوبة الإعدام.
ولم تنته بعد الرحلة القضائية السياسية لمرسي، إذ سيحاكم الرئيس السابق في قضيتين بتهمة ازدراء القضاء والتجسس، ومن الممكن أن يواجه حكم الإعدام من جديد وإذا ما اهتم الرئيس عبد الفتاح السيسي قليلًا بالمصالحة بين المصريين حيث لا يزال يعتبر بين 20 % و30 % منهم كمتعاطفين مع الإخوان المسلمين، عليه أن يلعب دور المسامح.