تقرير للإيكونوميست
في 17 مايو، وبينما احتفلت "إسرائيل" بذكرى انتصارها في حرب الأيام الستة عام 1967، كان وضع حد لصراعها مع الفلسطينيين ما يزال يبدو بعيدًا جدًا. ولم تتضمن المبادئ التوجيهية لائتلاف حكومة بنيامين نتنياهو الرابعة التي ألقت اليمين الدستورية قبل ثلاثة أيام، التزامًا بحل الدولتين، وليس هناك أي احتجاج قوي من جانب المعارضة. ولكن رغم ذلك، لا يزال جزء من المجتمع الإسرائيلي منفتحًا على الأقل للسماع عن الخسائر البشرية لهذا الصراع.
وقد نشرت منظمة “كسر حاجز الصمت” الإسرائيلية، والتي أسسها جنود سابقون، واحدًا من تقاريرها الدورية مؤخرًا، واعتمد هذا التقرير على شهادات أكثر من 60 من الجنود والضباط الذين شاركوا في قتال الصيف الماضي في غزة.
وتقدم بيانات شهود العيان من الجنود الذين كانوا إما على الأرض أو في مراكز القيادة والسيطرة، مشهدًا لما يكون عليه واقع الحرب في بيئة حضرية. وتصف الشهادات قواعد اشتباك متساهلة. وتدور العديد من الروايات حول تحديد ما إذا كان الهدف مدنيًا قبل أن يتخذ أي قرار بإطلاق النار. وفي النهاية، قتل أكثر من 2000 فلسطيني في حملة 50 يومًا من الأعمال العسكرية، وكانت الغالبية العظمى من هؤلاء من المدنيين.
وقد انتقد كثير من الإسرائيليين منظمة “كسر حاجز الصمت” في الماضي، متهمين إياها بتشويه صورة جنودهم، وتجاهل محاولات الجيش للحد من الخسائر في صفوف المدنيين. ومع ذلك، “كانت وسائل الإعلام في إسرائيل منفتحة جدًا على نشر مقتطفات من التقرير هذه المرة، ولم تكن المقابلات معنا عدائية حتى“، وفقًا لما يقوله يهودا شاؤول، وهو مؤسس المنظمة.
وكان هذا التقرير قد خضع للرقابة العسكرية قبل نشره. وفي الأسبوع نفسه الذي صدر فيه تقرير “كسر حاجز الصمت”، تم عرض فيلم “أصوات مراقبة” الوثائقي في إسرائيل، وهو عن الجنود الذين قاتلوا في حرب الأيام الستة. ويتكون الفيلم من تسجيلات صوتية لفريق صغير من المقاتلين، بما في ذلك الكاتب عاموس عوز، تم تسجيلها في الأسابيع التي تلت الحرب في عام 1967.
وكان مضمون هذه التسجيلات قد نشر أصلًا في الكتاب الذي أصبح بين عشية وضحاها الأكثر مبيعًا في "إسرائيل" في عام 1967، والذي نشر باللغة الإنجليزية في عام 1971 تحت عنوان “اليوم السابع”. وفي حين رحب العديد من الإسرائيليين بالفرصة الجديدة للتعرف بدقة أكثر على تلك الحرب، وصف آخرون بسخرية التسجيلات بأنها “مبكية”.
وكانت نسبة 70 بالمئة من التسجيلات قد خضعت للرقابة من قبل الجيش قبل ظهور مضمونها في الكتاب. وكان الجيش حريصًا على ألا تلقي قصص قتل جنوده للسجناء، وإطلاق النار على المدنيين، وترحيل القرويين الفلسطينيين، بظلالها على انتصاره الكبير.
وما فعله مخرج الفيلم الوثائقي الجديد، مور لوشي، هو أنه وجد التسجيلات الأصلية، ويقوم في الفيلم بإعادة تشغيلها أمام الجنود الذين سجلوها في الماضي، والذين أصبحوا الآن في السبعينيات من عمرهم.
ويقول أحد الجنود السابقين المسنين للكاميرا: “نحن لسنا قتلة، ولكن في الحرب، أي شخص لديه الفرصة للذهاب إلى المعركة يصبح قاتلًا“. ويقول جندي سابق آخر متحدثًا عن نتيجة الحرب، والاحتلال الإسرائيلي للفلسطينيين: “طالما أننا نضع دولة أخرى تحت الاحتلال، فنحن لسنا أمة حرة“.
ويضيف جندي ثالث متحدثًا عن الصراحة في نقل كل هذه الوقائع للآخرين: “قد لا نكون نقدم خدمة كبيرة لما يسمونه بالروح المعنوية الوطنية، ولكننا نقدم خدمة صغيرة للحقيقة“.