قائمة الموقع

بالصور الشقيقتان "حنان ومسك" بلا أقدام وبلا أم.. طفولة مبتورة وبراءة سلبتها الحرب

2024-09-08T15:27:00+03:00
الشقيقتان مسكل وحنان الدقي.jpg
شمس نيوز - مطر الزق

تصرخ الطفلة حنان (3 سنوات) وشقيقتها مسك (سنة وتسعة شهور) من أعماق قلبهما الصغير "بدي ماما؟ بدي مية؟"، فتتلقى عمتهما "شفا" صرخات الشقيقتين "الدقي" بآلام يمزق قلبها قطعًا متناثرة، ترتجف شفتيها لعدم وجود إجابة شافية تهدئ صراخ الشقيقتين فتسبقها الدموع التي تتساقط على ما تبقى من جسد "حنان".

"حنان" بترت قدميها وجزء من أمعائها، أما "مسك" فقد بتر جزء من ساقها اليسرى، واستشهدت والدتهما "شيماء" وأصيب والدهما بجروح خطرة جدًا؛ جراء استهداف إسرائيلي لمنزلهم في شارع الشيخ داوود خلف مستشفى شهداء الأقصى بدير البلح مساء الثلاثاء (3-9-2024).

بدأت الحكاية المؤلمة للشقيقتين بعد ساعات من تلقيهما لقاح شلل الأطفال، حيث تستذكر عمتهما "شفا" لمراسل "شمس نيوز" فرحة الأطفال عندما استيقظوا مبكرًا وقادوا والدهم ووالدتهم إلى أقرب مركز تطعيم، تقول: "لقد أخذ أخي وزوجته أطفالي وأطفاله وذهبوا إلى مركز تطعيم الأطفال، وكانا مسرورين لتلقي الأطفال اللقاح من أجل حمايتهم من مرض خطير يُشل حركة الإنسان في ظل ما نعيشه من معاناة حرب الإبادة المستمرة".

 


 

وتضيف وكلها فرح: "جلس شقيقي وزوجته شيماء وطفلتهما حنان ومسك في بيتي وتناولوا الغداء وتحدثنا وضحكنا كثيرًا وبعد ساعات الظهيرة عادوا إلى منزلهم"، تتوقف "شفا" برهة من الوقت ثم تستذكر بقولها: "كانت ساعات جميلة بحق، الأجواء هادئة، لا صوت لطائرات الاستطلاع ولا يوجد قصف، اعتقدت للوهلة الأولى أن الاحتلال استجاب للدعوات الأممية بهدنة إنسانية من أجل تطعيم الأطفال اللقاح، لكن ما حدث بعد ساعات العصر كانت بمثابة الفاجعة".

استلقى شقيق "شفا" على باب شقته ليأخذ قسطًا من الراحة، أما زوجته فقد نامت مع الهواء البارد داخل الشقة مع طفلتيها "حنان ومسك"، تسترسل "شفا" في حديثها لـ"مراسلنا" وهي تبتلع ريقها وتغمض عينيها لتكمل الرواية المؤلمة.

لمتابعة آخر المستجدات الميدانية والسياسية للحرب على غزة اشترك بقناة شمس نيوز على منصة تيلجرام


أدارت الساعة عقاربها إلى الخامسة ونصف بعد عصر الثلاثاء (3-9-2024)؛ فتبدد الهدوء وانقلبت الدنيا رأسًا على عقب، صاروخ استطلاع موجه، تبعه صاروخ من (طائرة إف16) فتحول المكان لكومة من الركام.


 

غبار الركام يتصاعد وألسنة النيران تلتهم الحجارة والحديد وكل شيء في طريقها يتم صهره، تسبب المشهد المرعب باستشهاد "شيماء" وإصابة زوجها الذي كان أقرب منها إلى النافذة بينما قوة الانفجار قذفت الطفلة "حنان" إلى بيت جيرانها على بعد أكثر من 10 أمتار ولحقت "مسك" بها.

"سمعتُ خبر استشهاد أم وطفلتها، قلتُ في نفسي حنان استشهدت، لم نكن نعرف أين هي؟! فقد اختفت آثارها، وبعد بضعة دقائق من البحث وجدها الجيران بجوار منزلهم، نقلت للمستشفى وهي بوضع خطر وكانت قدماها مبتورتين، وأنفاسها بالكاد يتم سماعها، دخلت مباشرة إلى العناية المكثفة وهناك أمضت ساعات وساعات حتى تمكن الأطباء من إنقاذها"، تفاصيل دقيقة ومؤلمة نقلتها عمتها "شفا" إلى "مراسلنا" في وضع نفسي صعب.

وتكمل شفا قصة الشقيقتين "حنان ومسك" وهي تضع كمادات المياه الباردة تحت ذراع الطفلة "حنان" محاولة تخفيف درجة حرارتها المرتفعة، وبكفها الآخر تمسح وجهها المليء ببقع الدماء، وبين فينة وأخرى تتساقط قطرات من دموع شفا على ما تبقى من جسد حنان.

تحاول "شفا" التقاط بعض الكلمات، فتقول: "هذا هو بنك أهداف نتنياهو في الحرب! أطفال تلقوا تطعيم شلل الأطفال، وبعد ساعات ألقى نتنياهو عليهم قنابل وصواريخ أمريكية الصنع، أين الأمن والأمان الذي يردده العالم الظالم؟!، أقصى حلم أطفال غزة هو اللعب والمرح والطعام والشراب والأمن والأمان؛ لكن "إسرائيل" تقتل براءة وأحلامهم الأطفال والعالم صامت بل هو مشارك في مجازر نتنياهو وجرائمه ضد شعبنا في غزة".


 

أكثر ما يؤلم "شفا" ويمزق قلبها هو اليوم الذي تستفيق فيه "حنان" و"مسك" من غيبوبة الإصابة وتنتهي مرحلة الشفاء داخل قسم الأطفال في مستشفى شهداء الأقصى دون تركيب طرف صناعي للشقيقتين، تقول "شفا": "أحسب ألف حساب لليوم الذي تخرج فيه حنان ومسك من المستشفى وتشاهداني أثناء اللعب مع بناتي وألبسهن ملابس جميلة وأشتري لهن الأحذية حينها ستتساءل الطفلتان: نريد أن نلبس حذاء؟ ونرتدي ملابس؟ ونطلع مع ماما وبابا!". خَفَتَ صوت "شفا" برهة من الوقت وحاولت استجماع قوتها؛ لكن قطرات الدموع التي وقفت على باب عينيها سقطت واحدة تلو الأخرى لتتحول إلى نهر من الدموع على وجنتيها.

تقف "شفا" عاجزة عن تلبية ما تطلبه الشقيقتان، وتحاول قدر المستطاع أن تقدم لهن كل شيء، تقول وهي توجه رسالة للعالم الظالم: "كل ما نطلبه من هذا العالم أن يستفيق من غيبوبته وأن يتدخل لوقف الحرب وإنهاء معاناة شعب دمره نتنياهو بمجازر وتهجير وتجويع على مدار 11 شهرًا ويزيد".

ولم تنسَ "شفا" أن تناشد المؤسسات الخيرية المختصة بتركيب أطراف صناعية، للعمل بكل جهدها لتطبيب جراح غزة وأهلها الذين بترت أطرافهم، ومن ضمنهم الشقيقتان "حنان ومسك الدقي" لإنقاذهن من مستقبل أسود صنعه نتنياهو القاتل لسكان وأطفال غزة.


 



 

اخبار ذات صلة