قائمة الموقع

"الجالونات" البائسة.. معركة من نوع آخر تؤرق النازحين!

2024-09-28T12:18:00+03:00
جالونات.jpg
شمس نيوز -عبدالله نصيف

يتشاكس الحاج السبعيني أبو محمد مع أولاده الأربعة داخل خيمتهم البائسة المهترأة، فيصرخ في وجوههم معاتباً إياهم لعدم ملء جالون مياه الشرب حتى آخره، فتتدخل زوجته مدافعة عن أولادها: "يا حاج أبو محمد انظر تحت الجالون، المياه تسيل منه، المشكلة في الجالون وليس في اولادك"، يرد عليها "لتشتروا واحداً جديداً"، يرد ابنه الوسط "سعر الجالون 70 شيكلاً"، يشخر الحاج أبو محمد باستغراب واستنكار شديدين، ويلعن تلك الحرب المجنونة.

يبدو أن لعنة الحرب اصابت كل شيءٍ في قطاع غزة، فلم تترك شاردة ولا واردة إلا أتت عليها، لك ان تتخيل ان تلك اللعنة وصلت واصابت حتى "جالونات" المياه، التي يستخدمها النازحون للشرب والطبخ والاستحمام والاستخدامات المنزلية.

عامٌ كامل وتلك الجالونات البلاستيكية المسكينة تنزح مع النازحين، تحل وترحل معهم وإلى جانبهم أينما حلَّوا وارتحلوا، حتى   أصابها الاهتراء والتلف، من كثرة النقل من مكان إلى مكان، ومن كثرة التعبئة؛ نتيجة الاجتياحات المتصاعدة للنازحين، ونتيجة بٌعد مسافة صنابير وصهاريج المياه عن خيام النازحين.

المشكلة لا تقف عند هذا الحد، أذ تفاقمت شكوى النازحين من ارتفاع أسعار جالونات المياه، التي وصلت أسعارها إلى حوالي 70 شيكلا (أي 20 دولار أمريكياً)، وامام تلك الأسعار المرتفعة يلجأ الناس إلى حيلة أخرى لا تنجح في غالب الأمر، وهي اصلاح تلك الجالونات، التي تتعطل وتتلف ثانية بعد يومين على اقصى تقدير، وتعود "ريما الى عادتها القديمة"، وتبدأ الجالونات بالسيلان مرة أخرى.

النازحة حلا أبو الكاس (52 عاماً) واحدة من بين النازحين الذين عانوا من أزمة جالونات المياه، إذ أصاب العطب والعطل والاهتراء جميع جالوناتها، إذ أصابها الإحباط والتعب نتيجة ملء جالونات المياه من الصهريج الخيري الذي يبعد عن خيمتها حوالي 150 متراً، وما أنْ تصل بعد تكون قد ملأت الجالون (سعة 20 لتراً) حتى تتفاجأ أن كمية المياه التي وصلت بها إلى خيمتها لا تتجاوز 5 لتر.

ونزحت أبو الكاس مرات عدة مصطحبة تلك الجالونات إلى جانبها في كل نزوح، إذ نزحت من حي التفاح شرق مدينة غزة إلى رفح جنوباً، ومن رفح إلى خانيونس، ومنها إلى النصيرات في وسط القطاع، هذا كله أدى الى تلف واهتراء الجالونات.

تقول: "حاولت اصلاح الجالون بطرق عدة، لكن لم ينجح الأمر، حاولت استبداله بواحد جديد فوجئت بارتفاع الأسعار".

الفتى محمد أبو عجوة (12عاماً) هو الآخر يجتهد في وقف نزيف جالوناته وسيلانها، يقول ممازحاً مراسل "وكالة شمس نيوز الإخبارية": "الجالون ينزف مثل أبناء شعبنا، بده عناية مركزة مع قوة النزيف".

ويضيف "لدينا في الخيمة حوالي 4 جالونات للمياه، 2 لـ(المالحة) و2 للمياه (الحلوة)، لكن الأربعة جالونات اصابهم التلف، ولا نعرف كيف نتدبر امورنا، خاصة ان اسعارها مرتفعة للغاية، خاصة ان ابي لا يعمل بسبب النزوح والحرب".

ويقترح الفتى أبو عجوة مع سابقته أبو الكاس بضرورة أن توزع المؤسسات الخيرية جالونات مياه مجانية على النازحين، أو ان يستورد القطاع الخاص جالونات تكسر أسعار الاحتكار في السوق، ما يُخَفِضُ من أسعارها، فمن الجيد أنْ يصل سعر الجالون الى حوالي 20 شيكلا (6 دولارات)، وإن كان الأفضل توزيعها مجانياً على النازحين البائسين.

اخبار ذات صلة