قائمة الموقع

خبر أول مولود في الإسلام.. بايع النبي ابن سبع وشهد اليرموك وفتح مصر وشمال إفريقيا

2015-05-21T11:14:27+03:00

إعداد/شمس نيوز

يعج التاريخ الإسلامي القديم والحديث بالأحداث العظام، التي كتبها بماء الذهب رجال عظام، تربوا على موائد النبوة، وتشربوها من الهدي المحمدي المؤيد بالوحي من رب السماء..

الثاني من شعبان لعام الهجرة، بزغ فجر أول مولود في الإسلام، وأصغر من بايع النبي صلى الله عليه وسلم، وواحد من أشجع الغلمان في التاريخ الإسلامي، إنه الصحابي الشبل عبد الله بن الزبير رضي الله عنه، القدوة للمجاهدين من بين أعلام النبلاء والصحابة، في سيرته أسرار أفلح من وقف عليها وتأملها وعمل بها.

هو عبد الله بن الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى القرشي الأسدي. وأمه السيدة "أسماء بنت أبي بكر الصديق" رضي الله عنهم. وهو أحد العبادلة، وأحد شجعان الصحابة، يكنى أبا بكر نسبة لجده الصديق.

مولد عبد الله بن الزبير :

ولد  عام الهجرة، وحفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو صغير، وحدَّث عنه بجملة من الحديث، وهو يُعَدّ أول مولود للمسلمين في المدينة بعد الهجرة، وكان فرح المسلمين بولادته كبيرًا، وسعادتهم به طاغية؛ لأن اليهود كانوا يقولون: سحرناهم فلا يولد لهم ولد.

ونشأ عبد الله بن الزبير رضي الله عنه نشأة طيبة، وتنسم منذ صغره عبق النبوة، وكانت خالته السيدة عائشة رضي الله عنها تُعنَى به وتتعهده، حتى كنيت باسمه، فكان يقال لها: "أم عبد الله"؛ لأنها لم تنجب ولدًا.

قصة بيعة عبد الله بن الزبير للرسول  :

فعن هشام بن عروة، عن أبيه وزوجته فاطمة، قال: خرجت أسماء حين هاجرت حبلى، فنفست بعبد الله بقباء. قالت أسماء رضي الله عنها: فجاء عبد الله  بعد سبع سنين ليبايع النبي، أمره بذلك أبوه الزبير، فتبسم النبي حين رآه مقبلاً، ثم بايعه.

أهم ملامح شخصية عبد الله بن الزبير :

1- كثرة حبه للعبادة بجميع أنواعها :

يروي عبد الملك بن عبد العزيز، عن خاله يوسف بن الماجشون، عن الثقة بسنده قال: قسَّم عبد الله بن الزبير الدهر على ثلاث ليال؛ فليلة هو قائم حتى الصباح، وليلة هو راكع حتى الصباح، وليلة هو ساجد حتى الصباح.

2- حبه الشديد للجهاد :

لم يكن غريبًا على من نشأ هذه النشأة الصالحة أن يشب محبًّا للجهاد؛ فقد شهد وهو في الرابعة عشرة من عمره معركة اليرموك الشهيرة سنة (15هـ/ 636م)، واشترك مع أبيه في فتح مصر، وأبلى بلاءً حسنًا، وخاض عمليات فتح شمال إفريقيا تحت قيادة عبد الله بن سعد في عهد عثمان بن عفان ، وأبدى من المهارة والقدرة العسكرية ما كفل للجيش النصر، كما اشترك في الجيوش الإسلامية التي فتحت إصطخر.

بعض مواقف عبد الله بن الزبير مع الرسول صلى الله عليه وسلم :

وهو أول مولود ولد في الإسلام بعد الهجرة للمهاجرين، فحنَّكه رسول الله بتمرة لاكها في فِيه، ثم حنّكه بها، فكان ريق رسول الله صلى الله عليه وسلم أول شيء دخل جوفه، وسمّاه عبد الله، وكناه أبا بكر بجدِّه أبي بكر الصّدّيق رضي الله عنه.

موقف عبد الله بن الزبير مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه:

تنبَّأ له عمر بن الخطاب  بمستقبل باهر؛ لما رأى من رباطة جأشه وثبات قلبه واعتداده بنفسه؛ فقد مرَّ عمر بعبد الله وهو يلعب مع رفاقه من الصبيان، فأسرعوا يلوذون بالفرار هيبةً لعمر وإجلالاً له، في حين ثبت عبد الله بن الزبير، ولزم مكانه، فقال له عمر : ما لك لم تفر معهم؟ فقال عبد الله : لم أجرم فأخافك، ولم يكن الطريق ضيقًا فأوسع لك.

موقف عبد الله بن الزبير مع معاوية بن أبي سفيان :

كان لعبد الله بن الزبير  مزرعة بمكة بجوار مزرعة معاوية ، وكان عمال معاوية  يدخلونها، فكتب ابن الزبير  لمعاوية  خطابًا كتب فيه: (من عبد الله بن الزبير ابن ذات النطاقين وابن حواري الرسول إلى معاوية ابن هند  آكلة الأكباد، إن عمالك يدخلون مزرعتي، فإن لم تنههم ليكونَنَّ بيني وبينك شأن، والسلام).

فلما وصل الخطاب لمعاوية  كتب له خطابًا ذكر فيه: (من معاوية ابن هند آكلة الأكباد إلى ابن الزبير ابن ذات النطاقين وابن حواري الرسول، لو كانت الدنيا لي فسألتها لأعطيتكها، ولكن إذا وصلك خطابي هذا فضُم مزرعتي إلى مزرعتك، وعمالي إلى عمالك، فهي لك، والسلام). فلما قرأها بلَّها بالدموع، وركب من مكة إلى معاوية في الشام، وقبَّل رأسه، وقال له: "لا أعدمك الله عقلاً أنزلك هذه المنزلة".

بعض الأحاديث التي نقلها عبد الله بن الزبير رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم :

يروي عروة، عن عبد الله بن الزبير ، أنه حدثه أن رجلاً من الأنصار خاصم الزبير  عند النبي في شِرَاج الحَرَّة التي يسقون بها النخل، فقال الأنصاري: سرِّح الماء يمر. فأبى عليه، فاختصما عند النبي، فقال رسول الله للزبير: "اسْقِ يا زبير، ثم أرسل الماء إلى جارك". فغضب الأنصاري، فقال: أن كان ابن عمتك! فتلوَّن وجه رسول الله، ثم قال: "اسْقِ يا زبير، ثم احبس الماء حتى يرجع إلى الجَدْر". فقال الزبير : والله إني لأحسب هذه الآية نزلت في ذلك: {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} [النساء: 65].

وعن أبي نعيم، حدثنا عبد الرحمن بن سليمان بن الغسيل، عن عباس بن سهل بن سعد، قال: سمعت ابن الزبير على المنبر بمكة في خطبته يقول: يا أيها الناس، إن النبي كان يقول: "لو أن ابن آدم أُعطِي واديًا مَلْئًا من ذهب أحبَّ إليه ثانيًا، ولو أعطي ثانيًا أحب إليه ثالثًا، ولا يسدّ جوف ابن آدم إلا التراب، ويتوب الله على من تاب".

ما قيل عن عبد الله بن الزبير :

- قال عمر بن عبد العزيز رحمه الله يومًا لابن أبي مُلَيْكة: صِفْ لنا عبد الله بن الزبير . فقال: "والله ما رأيت نفسًا رُكّبت بين جَنْبين مثل نفسه، ولقد كان يدخل في الصلاة فيخرج من كل شيء إليه، وكان يركع أو يسجد فتقف العصافير فوق ظهره وكاهله، لا تحسبه من طول ركوعه وسجوده إلا جدارًا أو ثوبًا مطروحًا، ولقد مرَّت قذيفة منجنيق بين لحيته وصدره وهو يصلي، فوالله ما أحسَّ بها ولا اهتزَّ لها، ولا قطع من أجلها قراءته، ولا تعجَّل ركوعه".

- وسئل عنه ابن عباس  فقال على الرغم مما بينهم من خلاف: "كان قارئًا لكتاب الله، مُتَّبِعًا سنة رسوله، قانتًا لله، صائمًا في الهواجر من مخافة الله، ابن حواريّ رسول الله، وأمه أسماء بنت الصديق، وخالته عائشة زوجة رسول الله، فلا يجهل حقه إلا من أعماه الله".

وفاة عبد الله بن الزبير :

توجّه الحَجَّاج الثقفي بعد مقتل مصعب بن الزبير على رأس جيش كبير من عشرين ألفًا من جند الشام إلى الحجاز، وضرب حصارًا على مكة، فأصاب أهل مكة مجاعة كبيرة. وراح عبد الله بن الزبير  يسأل أمه أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها، ماذا يفعل وقد تخلّى عنه الناس؟ فقالت له: "إن كنت على حقٍّ فامضِ لشأنك، لا تمكّن غلمان بني أميّة، وإن كنتَ إنما أردت الدنيا فبئس العبد أنت! أهلكت نفسك ومن معك؛ القتل أحسن". فقال: "يا أُمَّتِ، إني أخاف إن قتلوني أن يمثِّلوا بي". قالت: "إنّ الشاة لا يضرُّها سلخها بعد ذبحها".

فخرج من عندها، وذهب إلى القتال، فاستشهد في المعركة في (17 من جمادى الأولى 73هـ/ 4 من أكتوبر 692م)، وبوفاته انتهت دولته التي استمرت نحو تسع سنين. وكان عُمر ابن الزبير  يوم استشهاده 72 سنة.

 

اخبار ذات صلة