منذ هجوم السابع من أكتوبر في محيط قطاع غزة، بدأت "إسرائيل" تزرع بذور اندثارها، وخروجها من خارطة العالم، وبدأ العد التنازلي سريعا ليتبخر الحلم الصهيوني في السيطرة على الشرق الأوسط وإقامة مملكة "إسرائيل" الكبرى..
إن حالة العنجهية وجنون العظمة الذي يسيطر على عقلية رئيس حكومة دولة الاحتلال بنيامين نتنياهو وقادة حكومته المهترئة، يتناسب تماما مع متطلبات المرحلة الختامية المؤرخة لزوال الكيان، إحقاقا للنبؤات العقائدية في القرآن والتوراة والإنجيل. فنتنياهو يزداد تعنتا وإصرارا على المضي قدما نحو التصعيد ومزيد من الفوضى في المنطقة، حتى يبلغ جنونه منتهاه، وحتى يختتم المشهد تماما كما تسير سنة الله في الكون، وكما يعلم بنو صهيون علم اليقين كيف ومتى تكون نهايتهم المحتومة..
ضربة صاروخية إيرانية ناجحة بكل المقاييس، تبّرت وصدّعت جزءً مما علا الصهاينة في فلسطين والمنطقة، وانتقلت بالعالم كله إلى صفحة جديدة من الصراع الخاتم المرتقب، وكسرت مفرق رأس نتنياهو وقادة جيشه الذين اعتقدوا أن مجازرهم في فلسطين ولبنان قد حققت لهم ردعا أخافوا به وأرهبوا كل عروش العرب والعجم، ومهدوا بهذه المجازر للسيطرة على قرار العالم العربي كله، استنادا لأحلام سرابية عششت في خيال قادة الاحتلال، وبناءً على تقديرات خاطئة مبالغ فيها ثبت خلال 13 دقيقة فقط أنها أوهام لا سبيل لها نحو التحقق..
ثلاثة عشر دقيقة أضاءت سماء فلسطين السليبة، وأعادت نشوة الأمل إلى غزة المكلومة المنكوبة، وأثبتت للقاصي والداني أن بيت العنكبوت الذي بُني لاصطياد الذباب من الغثاء، لا يمكن أن تعلق فيه مخالب الأُسود.. هيهات هيهات..
إن من أهم الاستنتاجات التي يجب أخذها في عين الاعتبار بعد الضربة الصاروخية التي شلّت دولة الاحتلال من كريات شمونة حتى إيلات في دقائق معدودات، وأسقطت أصنام الرمل التي ما فتئ عبيد الكراسي يسجدون لها لعلها تقربهم إلى أمريكا زلفى، هي أن شطب دويلة الكيان من الأرض وجعلها هباءً منثورا لا يستغرق أكثر من ساعتين، إذا توفرت الإرادة وإذا صدر القرار.
بعد هذه الضربة لم يعد هناك مكان للخطوط الحمراء، ولا لأوهام ترسيخ المعادلات ورسم الحدود، وإنما صار واجبا أن يكون الهدف السامي تحرير القدس ويافا وحيفا وعكا والمجدل وكل فلسطين، وإرجاع الصهاينة إلى بلاد التيه والتشريد التي جاءوا منها حفاة عراة مطرودين لا يقبل بهم أحد في أرضه، لأن العالم كله بمن فيهم أمريكا وأوروبا يعلمون يقينا أن اليهود هم أساس كل شر على وجه الأرض، وأنهم إذا دخلوا قرية أفسدوها وأظهروا أطماعهم في السيطرة والعلو والسيادة..
إنها مرحلة جديدة بكل المقاييس، لا مكان فيها للضعفاء، ولا حظوظ فيها لأمة الغثاء، ولا كرامة فيها إلا لمن انتزع تلك الكرامة انتزاعا دون أدنى حساب لكل أدوات القوة التي تملكها دويلة الكيان بدعم مطلق من الشيطان الأكبر.
خياران لا ثالث لهما أمام هذه الأمة.. إما ذبابا يعلق في خيوط العنكبوت.. وإما أسودا تمزق مخالبها وأنيابها هذا البيت الأوهن..
*أحمد عمر*
*صحفي من غزة*