قائمة الموقع

الحرب تسرق منا كل شي.. الخوف من أن تسرق ظلالنا!

2024-10-03T22:42:00+03:00
بقلم: علا حوسو

وأرى للموت ألف يدٍ تمتد نحوي، تشدني إلى الغرق في بحرٍ لا قاع له، ولا أجد للنجاة قشةً أتعلق بها. أفتح مواقع التواصل وكأنني أفتح جراحًا لا تلتئم، صورةٌ لزوجةٍ احتضنت فراغًا أبديًا بعد. رحيل زوجها، وأخرى لأمٍّ ودعت ابنتها الوحيدة دون وعدٍ باللقاء. مشاهد الفقد أصبحت مثل سحابة قاتمة تحجب النور عن حياتي، تتكرر أمامي بصوتٍ صامت، يحمل وجوهًا لا تعود أبدًا.

الفراق في هذه الحرب يشبه الطعنات التي لا تلتئم، والعدد الذي لا ينقطع من الشهداء يثقل قلبي كل يوم. أرى في عيون الناس حبًا ووداعًا مؤلمًا، كأننا نقول كلماتنا الأخيرة ونحن ما زلنا على قيد الحياة. خوفي من الموت والفراق يلاحقني في كل خطوة، كأنهما ظلٌّ ثقيلٌ يتنفس معي، يخترق أحلامي ويغلق عليّ أبواب الأمل.

في غزة، الفراق ليس حدثًا عابرًا، إنه واقعٌ دائم، يمتد من الشوارع إلى البيوت، من الأرواح التي تُزهق إلى القلوب التي تُكسر. عدد الشهداء يتزايد، وكأن السماء تمطر أرواحًا تودعنا كل يوم، وأنا أراقب بصمت، أخاف أن يأتي دوري، أو دور من أحب.

كل ما حولي يذكرني بأن الحرب لا تسرق فقط الأرواح، بل تسرق منا الحياة ونحن أحياء، تتركنا نعيش في خوفٍ مستمر من فقدان آخر. كيف أعيش وأنا أترقب الفراق كضيفٍ لا يطرق الباب، يدخل دون استئذان؟ كيف أهرب من موتٍ يحيط بي من كل جانب؟

الموت ليس نهاية، بل بداية لفراقٍ لا يشفى، لحزنٍ يتجدد مع كل غروب. أخاف من الموت، لكن خوفي الأكبر هو من الفراق الذي يتركنا ممزقين، نعيش بنصف قلوبنا والبقية مع من رحلوا،أخشى أن يأتي يومٌ أكتب فيه عن نفسي كواحدة من هؤلاء الذين فارقوا أحبائهم بلا وداع، أو أن أكون شاهدةً على فراقٍ آخر يأخذ مني أغلى ما أملك.

الحرب تسرق منا كل شيء، تتركنا خائفين من أن نفقد حتى ظلالنا.

أتمنى أن تنتهي هذه الفراقات والوداعات، أن تنقضي الحرب وترحمُ الحياة قلوبًا قد فاضَ بها الوجع.

اخبار ذات صلة