غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

رسائل من نار في تصريحات أمين سر المجلس العسكري

محلل عسكري لـ"شمس نيوز": مقاتلو "سرايا القدس" أبدعوا وكان لهم دور حاسم في "طوفان الأقصى"  

شمس نيوز - خاص

يُوافق الاثنين، الذكرى السنوية الأولى لمعركة "طوفان الأقصى"، ففي ساعات الصباح الأولى ليوم السابع من أكتوبر من العام 2023م، قلبت المقاومة الفلسطينية موازين القوى وقوَّضت الركائز الأساسية للاستراتيجية العسكرية الإسرائيلية، من خلال مباغتة جيش الاحتلال، واقتحام مستوطنات غلاف غزة، وقتل وأسر عدد كبير من الجنود والمستوطنين، في أكبر فشل عسكري واستخباراتي يتعرض له جيش الاحتلال ومنظومته الأمنية منذ تأسيسه.

ومنذ اللحظة الأولى لانطلاق المعركة، انخرطت سرايا القدس فيها، وكانت جزءاً منها كتفاً بكتف مع كتائب القسام وباقي الفصائل، حيث اقتحم مجاهدو السرايا المستوطنات الإسرائيلية وتمكنوا من أسر أكثر من 30 جندياً إسرائيلياً، كما أعلن الأمين العام للحركة القائد زياد النخالة، وهو ما أضاف إلى رصيدهم العسكري إنجازاً نوعياً في سجل المواجهات مع الاحتلال. 

وفي الذكرى الأولى للمعركة، أكد أمين سر المجلس العسكري لسرايا القدس القائد أبو أحمد، أن "طوفان الأقصى أثبت أن الكيان الصهيوني قابل للهزيمة، والمقاومة بأقل الإمكانيات هشاشة ووهن العدو وجيشه، وهذه رسالة يجب أن تلتقطها ترسانات العرب العسكرية".

وشدد القائد أبو أحمد، على أن "القوة الصاروخية في سرايا القدس وعلى مدار عام كامل واصلت أداءها بكل جدارة، وتحكمنا بمدى النيران وفق خطط ميدانية أعددناها، وما زال في جعبتنا ما يمس بهيبة الجيش الصهيوني".

ولفت إلى أن ما ظهر في الميدان من تكتيكات ومهارات وقوة في أداء مجاهدي سرايا القدس هو نتاج تراكم خبرات لمعارك عديدة خضناها باقتدار ضد العدو الصهيوني في العقد الأخير وارتقى خلالها خيرة قادتنا ومجاهدينا.

السرايا أبدعت في الميدان

ويرى المحلل العسكري خالد غرير، أن “معركة طوفان الأقصى أخلت بالتوازن العسكري الذي كان قلقاً وغير مستقر بالنسبة للاحتلال الإسرائيلي؛ بسبب تنامي قدرات المقاومة في مختلف الجبهات”، لكنه يُشير إلى أن “هذا التنامي لم يستثمر بشكل قوي إلى أن جاءت معركة طوفان الأقصى، وبالفعل غيرت معادلات القوة".

تلك المعادلات، وفقاً للمحلل غرير، لم تتغير فقط على مستوى الجبهات، وإنما على مستوى الإقليم، وهو ما ساهم في تغيير الكثير من المعطيات مع استمرار المعركة وعلى مستويات كبيرة.

ويوضح غرير، لـ"شمس نيوز"، أن أداء المقاومة الفلسطينية خلال المعركة كان رجولياً، وبطولياً، ومفاجئاً للجميع، للصديق والعدو، وامتلكت قدرة على الاستمرار تحت ظروف قاسية، وإدارة المعارك رغم هول المعركة وإجرام العدو.

وفقاً للمحلل العسكري غرير، كان لسرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، دورٌ فاعلٌ وحاسمٌ في المعركة، فهي شاركت في القتال منذ اللحظة الأولى للمعركة، واقتحمت مستوطنات العدو وأسرت أكثر من 30 صهيونياً.

ويقول: "كان لافتاً مشاركة سرايا القدس في معركة طوفان الأقصى بشكل واسع وفي كافة الألوية، بل وقامت السرايا بتوثيق الكثير من عملياتها الميدانية الناجحة والنوعية وتم بثها على وسائل الإعلام".

وتحمل تصريحات أمين سر المجلس العسكري للسرايا القائد أبو أحمد، رسائل ودلالات قوية بالنار والبارود، أبرزها أن جميع أذرع المقاومة الفلسطينية موحدة في خندق المقاومة، وأن سرايا القدس أكثر قوةً وعزماً على مواصلة الطريق حتى التحرير في الذكرى الأولى لمعركة "طوفان الأقصى"، وأن من ورائها شعب عظيم يحتضنها ويدافع عن أرضه. 

لمتابعة آخر المستجدات الميدانية والسياسية للحرب على غزة اشترك بقناة شمس نيوز على منصة تيلجرام

من خلال رؤية المحلل غرير وقراءته المعمقة، فإن العقيدة القتالية لأبناء سرايا القدس والجهاد الإسـلامي عموماً لا تؤمن بالتفاوض مع العدو ولا ترى جدوى من الدخول في سجالات ومسارات تنافسية لإدارة الحدث، وكان نتيجة هذا الفكر وهذه العقيدة أن انخرطت في الميدان وفوضت حماس بملف التفاوض رغم محاولات من الغرب لفتح باب خلفي للتفاوض مع قيادة الجهاد.

ويُحسب للعقل العسكري لسرايا القدس، وفقاً للمحلل العسكري خالد غرير، أنها وضعت هدفاً ميدانياً مهماً وقابلاً للقياس وهو استمرار قصف غلاف غزة؛ لمنع المستوطنين من العودة إلى مستوطناتهم حتى يعود المهجرون من شمال القطاع إلى بيوتهم، مشيراً إلى أن "هذا الهدف يحرج قوات العدو لأنه يجعل كل الجهود العسكرية المبذولة من طرف جيش الاحتلال بلا جدوى عند انطلاق رشقات الصواريخ باتجاه العمق"، وهو هدفٌ تستمر السرايا بتطبيقه وتكرس مواردها رغم الحصار للاستمرار بتطبيقه. 

على صعيد الحرب الإعلامية، يشير غرير إلى أن سرايا القدس لم تكن تولي توثيق العمليات أهمية كبرى سابقاً، ولكنها أولته قدراً كبيراً من الأهمية في معركة طوفان الأقصى، كما أنها تؤمن بتساوي أدوار مجاهديها سواء في داخل فلسطين أو خارجها وهو الأمر الذي قد يجعلها القوة رقم 1 فلسطينياً في قادمات الأيام"، وفقاً لما يستشرفه المحلل العسكري.

ويضيف: "السرايا هي جناح لفصيل غير مقيد بمسؤوليات حكومية ولا مكبل باتفاقيات دولية وبالتالي فإن الجمهور يحصي لها إنجازات دون أن يحملها تبعات إخفاقات او سوء تقدير لأي موقف وهذا يعتبر ذخر استراتيجي ستحصد ثماره لاحقاً". 

وبالنسبة له، فإن السرايا تعتبر الأكثر توافقيةً بين أجنحة الفصائل، إذ كانت ولا تزال تقوم بعمليات مشتركة في غزة والضفة مع أجنحة عسكرية لفصائل متعددة من خلفيات متباينة حتى أصبح ذلك سمة من سماتها".

ويوضح: "تُعتبر سرايا القدس هي القوة رقم 2 في غزة والضفة، ولكنها القوة الفلسطينية رقم 1 في لبنان بسبب العلاقة الوثيقة بحزب الله، ومثلها في سوريا، لذلك قامت باستثمار حضورها القوي في ساحات مختلفة وبشكل موحد، فشاركت بكفاءة في القتال داخل، غزة وأيضاً قامت بالتصعيد في الضفة الغربية بشكل لافت وقوي، وبنفس الوقت قاتلت في لبنان بمجاهديها من الساحة اللبنانية ومن الساحة السورية وهذا إنجاز حصري خاص بسرايا القدس".

أبرز ما يلفت نظر المراقب المهتم للشؤون العسكرية والاستراتيجية هو أن المقاومة الفلسطينية من خلال معركة "طوفان الأقصى" لعبت دوراً هاماً وحاسماً في تقويض ركائز الاستراتيجية العسكرية الإسرائيلية، كما يؤكد المحلل العسكري غرير".

هذه الركائز، كما يقول، تقوم على الاستعلام والقدرات الاستخبارية العالية، فقد ضللت المقاومةُ العدو ونفذت عملية أدت إلى تفكيك "فرقة غزة" بلواءيها ووحداتها من مختلف الاختصاصات وهو رقم قياسي في القرن الحادي والعشرين، قد لا تتمكن جيوش نظامية من تكرار نفس الفعل.

كما أن المقاومة لا زالت تحرج الاستخبارات الصهيونية من خلال الاحتفاظ بمئة أسير وأسير في قطاع غزة الصغير، وتشغل منظومة القيادة والسيطرة وتدير المعارك بمجلس عسكري وقيادات ميدانية وشخصيات مصنفة خطرة للغاية.

يُضاف إلى ذلك، سعي قوات الاحتلال إلى تطبيق إجراءات تردع أعداءها من مهاجمتها، لكن هذا الأمر لم يفلح تحديداً مع المقاومة الفلسطينية كبداية حيث هاجمتها على حين غرة، موقعة فيها خسائر فادحة، وفتحت الباب واسعاً أمام جبهات أخرى لتقوم بصفع الكيان الغاصب على مرأى داعميه.

وينبِّه المحلل العسكري غرير، إلى أن المقاومة الفلسطينية حطمت نظرية “الحسم والنصر المطلق”، إذ تريد قوات الاحتلال بهذه الركيزة ضمان الانتصار وحسم المعارك بأقصر مدة زمنية وأقل الجهد الممكن، بينما تمكنت المقاومة الفلسطينية المحاصرة والتي تعتبر الأضعف من حيث التسليح والعديد مقارنةً بالجبهات الأخرى من جر أحد أقوى الجيوش وأكثرها تطوراً في العالم إلى حربٍ مفتوحةٍ استمرت لسنة وكانت وبالاً نكيراً على الاحتلال وعلى كافة الصعد”.

ويرى غرير، أن “معادلة القوة الجديدة التي يحاول الاحتلال صياغتها هي معادلة كل شيء أو لا شيء؛ لأنهم يعلمون أن ما كان لديهم من إجراءات وتدابير لم تكن فاعلة وغير كافية”.

ويعتقد أن “أمام جيش الاحتلال خيار وحيد وهو خوض مسار العنف حتى النهاية، والنهاية هي تحقيق حلم إسرائيل الكبرى أو تحرير فلسطين وهجرة اليهود إلى الشتات مجدداً”. 

وفي معرض رده عن إمكانية استمرار المقاومة في تحمل الضغط العسكري الإسرائيلي في ظل التحديات اللوجستية والحصار المستمر، أكد المحلل العسكري غرير أن “المقاومة لا يُشترط بها الاحتفاظ بالقدرة على تنفيذ كافة العمليات، كقصف المدن والمغتصبات في العمق، بمعنى أنه حتى لو استمر القتال لسنوات فإن المقاومة ستمتلك دائماً الرجال، وبالتالي هي قادرة على تنفيذ عمليات صغيرة ومؤثرة كعمليات القنص مثلاً والتي تكاد تكون تكلفتها شبه معدومة، هي تقوم بتصنيع الهاونات وقذائفها وبالتالي ستحتفظ بهذه القدرة لفترات زمنية طويلة، كذلك الأمر فيما يخص العبوات التي تصنعها بأحجام وأوزان مختلفة وبعض الصواريخ قصيرة المدى”.

ويشدد في ختام حديثه على أنه “لا يمكن استنزاف المقاومة بالمعنى الذي يروج له الصهاينة”، مشيراً إلو أنه “عند توقف القتال ستسارع المقاومة إلى تعويض ما تم استهلاكه من أسلحة وذخائر في سياق المعارك وستعود إلى استعداد قتالي أكبر وخبرة ميدانية أعلى”