الجميع كان يعرف أو يتوقع النهاية، حتى السنوار نفسه كان يعرف نهايته، كان يعرف أن ثمن " طوفان الأقصى" قد يكون حياته، كل الذين قارعوا المحتل وأوجعوه رحلوا شهداء، لكن ما لم يتوقعه أحد هو طريقة رحيل السنوار، والتي فاجأت الجميع وأثبتت حقائق عرفناها منذ عام.
حادثة استشهاد السنوار وما تبعها من ردود فعل، هي أيضًا كما كل الأحداث التي شهدناها خلال عام وما يزيد عن ذلك، حملت معها عدة عوامل ومؤشرات وحقائق لا يمكن اأن تغيب، تتمثل في الفشل الاستخباراتي و الفشل العملياتي وسقوط السردية الإسرائيلية، والأهم من ذلك التخبط الذي لازم الاحتلال منذ السابع من أكتوبر وحتى اليوم، ولعلنا نتحدث عن هذه الحقائق والتي برزت من جديد في حادثة استشهاد السنوار وهي كما يلي:
الفشل الاستخباراتي: صحيح أن انجازًا حصلت عليه إسرائيل بقتل السنوار، لكن هناك فشل استخباراتي ما زال يلازمها منذ اليوم الأول من الحرب، فقد قُتل الرجل بالصدفة ودون أي معلومة استخباراتية، بل كان في دائرة لا تتوقعها أجهزة الاحتلال، أي أن عامًا كاملًا قضته الاستخبارات تبحث في واد والرجل في واد آخر، بالتالي السنوار استطاع أن يخدع ويغيب الاحتلال خلال الحرب كما قبلها، إنه رجل خارج التوقعات.
الفشل العملياتي: بجانب ما سبق فإن فشلا على الأرض قد جرى، القوة التي قتلت السنوار بالصدفة عملت دون معلومة ودون أن تتحقق من الموجودين داخل المبنى، أي أن الاحتلال لم يتعلم الدرس وكان من الممكن أن يقتل أسرى بالخطأ لو وجدوا بالمبنى كما قتل أسراه سابقًا، كانت هناك فرصة للقبض على السنوار لا قتله ولو جرى ذلك لكان هناك انجاز إسرائيلي غير مسبوق، وهذا لم يحصل لأن هناك فشل عملياتي على الأرض، والمستوى الأمني في إسرائيل يدرك ذلك.
سقوط السردية الإسرائيلية: حادثة استشهاد السنوار تعتبر أكبر سقوط للسردية الإسرائيلية خلال الحرب، منذ السابع من أكتوبر عملت إسرائيل على شيطنة السنوار، ولا ننكر انها نجحت في التأثير على الرأي العام الفلسطيني وحولت السنوار إلى الشخصية التي جاءت بالهلاك لغزة لدى جزء من الغزيين، وصورته بأنه المختبئ تحت الأرض وغير المهتم بمعاناة الغزيين، كما صورته بأنه المحاط بالأسرى الذين يتخذهم كدروع بشرية تحت الأرض، حتى وصل بها الحال إلى القول إنها لم تغتاله لأنها لا تريد قتل الأسرى الذين حوله، لكن بالنهاية سقطت هذه السردية بصورة واحدة أظهرت السنوار القائد المشتبك الذي لم يختبئ وقاتل حتى الرمق الأخير.
التخبط الإسرائيلي: لم تتخلص إسرائيل من حالة التخبط حتى في لحظة قتلها لأكبر أعدائها وهو السنوار، صورة جثة السنوار التي انتشرت دليل تخبط، كيف تقدم لعدوك صورة مثل هذه وتسقط سرديتك وتظهر شجاعته؟، التصريحات وحالة السباق بين غالانت ونتنياهو للتصريح بشأن السنوار دليل تخبط، كيف لا تظهر بصورة القوي المتوحد في لحظة التخلص من عدوك؟، التراجع تدريجيًا في الرواية ومحاولة تصوير الحدث على أنه انجاز بفضل الاستخبارات هو تخبط، والأهم من كل هذا التخبط ما جرى من تخبط فيما يتعلق في مصير الأسرى وصفقة التبادل وهذا ما سنتحدث عنه لاحقًا.