غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

شهادات مفزعة من جباليا.. الاحتلال أعدم طبيباً وابنه ويمنع الماء عن الأطفال

مجزرة جباليا معركة طوفان الأقصى.
شمس نيوز - الجزيرة نت

شَعر أبو جمال صالح بالجزع حينما رأى جاره الطبيب ناصر حمودة برفقة ابنه الشاب أحمد يخرجان من المنزل بحثاً عن بعض الماء، فهذه المجازفة قد تؤدي إلى الموت برصاص قناصة قوات الاحتلال التي تجتاح وتحاصر مناطق شمال قطاع غزة.

لكنّ صالح، الذي كان يراقب المشهد من نافذة المنزل، كان يدرك أن الطبيب حمودة قد اتخذ قراره بعد أن فاضل بين أمرين: إما أن يموت أطفاله عطشاً، وإما أن يخاطر بنفسه.

وسرعان ما وقع ما كان يخشاه صالح، فقنّاصة الاحتلال الذين يتربصون بالمواطنين العُزل كانوا لهما بالمرصاد، فأطلقوا عليهما النار وأردوهما شهيدين على الفور.

وقال صالح: إن "جثتَي الطبيب حمودة (52 عاماً) وابنه أحمد (22 عاماً) ملقتان في الشارع منذ الأربعاء الماضي، والكلاب والقطط تنهش فيهما، ونحن عاجزون عن فعل أي شيء".

ويسكن صالح في "شارع عبد ربه" المشهور باسم "مزايا" في بلدة جباليا المجاورة للمخيم الذي يحمل نفس اسمها، وتحاصرهم قوات الاحتلال منذ 15 يوماً برفقة عشرات العائلات.

وتشن إسرائيل منذ أسبوعين عدواناً على شمال قطاع غزة، أسفر عن استشهاد أكثر من 400 مواطن وهدم مساحات كبيرة من المباني والبنى التحتية. ووجد آلاف المواطنين، خاصة في مخيم وبلدة جباليا، أنفسهم محاصرين داخل منازلهم، دون طعام أو شراب، أو قدرة على التحرك.

وحسب صالح، فإن الطائرات المسيّرة صغيرة الحجم المعروفة باسم "كواد كابتر" تجوب الشوارع والأزقة وتدخل المنازل عبر النوافذ، وتطلق النار على المواطنين، وتقتلهم عمداً.

كما تمنع قوات الاحتلال المواطنين المحاصرين من النزوح من منازلهم نحو مناطق آمنة، وتقتل من يجرؤ على مغادرة المنزل، أو حتى النظر من النوافذ. وفي الوقت ذاته، لا تسمح للمواطنين بالتزود بالماء والطعام.

وأضاف أبو جمال صالح: "أطفالنا قد يفارقون الحياة في أي لحظة، منذ 4 أيام لم يأكلوا أو يشربوا، الآن هم في حالة إعياء شديدة وملقون على الأرض".

وفي منزل هذا الرجل يوجد 20 طفلاً، و4 سيدات، و4 رجال. وقال: "كنا في السابق نشرب مياهاً وسخة، ونأكل من القمامة، لكننا الآن لا نجد شيئاً، آخر وجبة أكلناها كانت قبل 4 أيام وهي خبز ناشف".

يمتلك صالح بطارية لشحن هاتفه الجوال، ويتحدث منه بشكل مقنن كي يبقى على تواصل مع العالم الخارجي. وأضاف "أتحدث وأنا مرعوب، نحن محاصرون وننتظر الموت، نخاف أن يدخلوا علينا (جنود الاحتلال) في أي لحظة ويقتلونا".

وتابع: "لا أكل ولا شرب، أقسم بالله شربنا الماء الوسخ، لكن الآن لا نجده، في الشهور الماضية أكلنا أكل الدواب لكن في هذا العدوان أخرجنا الطعام من القمامة وأكلناه، وحتى القمامة لا نجدها الآن".

وأكد صالح أن هناك العشرات من جثامين الشهداء ملقاة في الشوارع، وتمنع قوات الاحتلال انتشالها. وقال: "هناك شهداء ملقون في الشوارع، لا أستطيع النظر من الشبابيك لكن أقدّر أن في منطقتنا حوالى 40 شهيداً".

وأضاف: "أي شخص يحاول الخروج من المنزل يتم إعدامه من القناصة والطائرات المسيّرة". ومن بين الشهداء الذين سقطوا في الطرقات، أحد أقاربه، ويدعى مهند محمد صالح، موضحاً: "قتلوه إعدام بالطائرة المسيّرة".

وأشار إلى الآليات التي يتم تحريكها عن بُعد، وتستخدمها قوات الاحتلال في تفجير المنازل، وقال: "هناك سيارات تدخل المنازل ويتحكمون فيها بالريموت، أنا رأيتها وصلت منزلنا ثم رجعت، وهي تلقي قنابل صغيرة".

من جهتها، قالت آمنة، شقيقة أبو جمال صالح: "تعبنا، تعبنا، مش قادرين، أنقذونا، الحقونا، لدينا 20 طفلاً، مش قادرين نطعمهم أو نسقيهم، منظرهم يقطع القلب، نتوسل لكم أن تنقذونا وتنقذوا أطفالنا".

ولفتت إلى أن الأطفال يعيشون حالة إعياء شديدة بسبب قلة الطعام والشراب، محذرة أنهم قد يفارقون الحياة في أي لحظة، منوهة إلى وجود طفلين لديهم يعانيان من وضع خطير وهما معتصم (12 عاماً)، وأخوه عليان (7 أعوام)، مستدركة: "كل الأطفال وضعهم صعب".

وأكدت: "إذا بقينا هنا في المنزل سنموت عطشاً وجوعاً، وإذا خرجنا نبحث عن طعام أو شراب يقتلوننا بالرصاص والمدفعية مثلما حدث مع الدكتور (جارنا) ناصر حمودة، نتوسل إليكم قدموا لنا أي مساعدة".

وكشفت آمنة صالح عن جريمة إعدام قوات الاحتلال طفلة من جيرانها، من عائلة شعبان. وقالت: "هناك صبية من عائلة شعبان لا أعرف اسمها، عمرها 16 عاماً، وهي معاقة وقفت على شباك منزلها قبل 6 أيام تقريباً، ونادت وطلبت ماء وطعاماً، فأطلقوا عليها النار وسقطت من الشباك على الأرض، فجاءت الجرافة (الإسرائيلية) وأهالت عليها التراب ودفنتها".

وأضافت: "البنت اعتقدت أنهم سيرأفون بها كونها معاقة، وتجرأت أن تقف على الشباك لكنهم قتلوها ودفنوها بالجرافة". وذكرت أن شقيق الطفلة واسمه أسامة شعبان (22 عاماً) أُصيب أيضاً برصاص قوات الاحتلال.

ولا تعد المحنة الحالية الأولى للسيدة آمنة صالح، حيث تذكر أن قوات الاحتلال قتلت خلال الحرب ابنها وابنتها وزوج ابنتها وأطفالها، وتختم حديثها قائلة: "قتلوهم أمامي ولم أستطع أن أفعل لهم شيئاً".