قائمة الموقع

محمد النجار يروي لـ"شمس نيوز" كيف تحولت ليالي مخيمات وادي غزة لرعب حقيقي!

2024-10-20T17:49:00+03:00
تصميم موقع شمس (22).jpg
شمس نيوز - عبدالله نصيف

جلس محمد على ركبتيه خائفًا يترقب وجسده يرتجف من هول المشهد، يدور بعينيه الدامعتين يمنة ويسرة باحثًا عن قطعة قماش مهترئة داخل خيمته الصغيرة؛ لإنقاذ ابنته (لينا 8 أعوام) ووقف النزيف الذي انفجر فجأة في تمام الساعة الثالثة فجرًا بفعل رصاصة إسرائيلية أطلقت من طائرة أباتشي، صارخًا على أفراد أسرته "هاتوا قطعة قماش بسرعة..".

امتلأت عيناه بالدموع، حيث تسيل الدماء من بين أصابعه وهو يُمسك قدم ابنته الصغيرة لينا بقوة مرددًا مرة ثانية وسط ظلام الليل: "هاتي قطعة القماش.."، وبصعوبة وجدت زوجته قطعة صغيرة، مزقتها على عجل ومررتها بيد ترتجف إلى يد زوجها الذي تمكن من وقف النزيف؛ إلا أن إطلاق النار من طائرات الاحتلال لا زال مستمرًا.

قبل تلك الحادثة المروعة كانت عقارب الساعة تشير إلى الثالثة فجرًا، إذ عم الهدوء في المنطقة الحدودية شمال غرب مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، وبات الجميع في خيمته علهم يستيقظون على نبأ "وقف الحرب على غزة، والعودة إلى بيوتهم التي نزحوا منها".

اضطر محمد النجار تحت القصف والدمار والمجازر المروعة للنزوح من منزله في حي النصر بمدينة غزة إلى مدينة رفح عله يجد الأمان الذي زعم الاحتلال أنه متوفرٌ جنوب وادي غزة، وبعد الاجتياح البري انتقل محمد وأسرته إلى مواصي خانيونس ثم إلى البريج وسط القطاع لكنه لم يجد الأمان حيث مدفعية الاحتلال وقصف الطائرات المستمر لينتقل مباشرة إلى مخيم إيواء شمال غرب مخيم النصيرات قرب منطقة "نتساريم" الحدودية.

حاول محمد التأقلم مع الأحداث الصعبة قدر المستطاع، ليتخذ قرارًا نهائيًا بالنزوح جوار "نتساريم" قائلًا لمراسل "شمس نيوز": "أنا تعبت جدًا من قصة النزوح من مكان لآخر، في كل مرة نخسر أموال طائلة؛ لذلك قررت الاستقرار حتى لو تم استهدافي مع أسرتي داخل الخيمة".
المخيم الذي اختاره محمد تبتعد حدوده نحو 500 متر فقط عن منطقة نتساريم ويضم نحو 180 أسرة كلها نازحة وتترقب بعيون متلهفة انسحاب الاحتلال من تلك المنطقة والعودة لمنازلهم في مدينة غزة وشمال القطاع.

المسافة القريبة من نتساريم جنوب وادي غزة باتت خطرة جدًا لا سيما في الشهور الأخيرة إذ كثف الاحتلال الإسرائيلي من نسف المباني والطرق التي تطل مباشرة على نتساريم، يقول محمد النجار: "في الأسابيع الماضية بدأنا نشعر بالخطر الكبير حيث تحلق طائرات "كواد كابتر" فوق خيام المخيم مباشرة بينما تتحرك آليات الاحتلال بشكل جنوني قرب المنطقة الحدودية".

لمتابعة آخر المستجدات الميدانية والسياسية للحرب على غزة اشترك بقناة شمس نيوز على منصة تيلجرام

ويعود النجار بشريط ذاكرته إلى حادثة مرعبة جدًا، عندما حلقت في أحد الأيام طائرات "كواد كابتر" وأمرتهم بالبقاء في الخيام، وبعد دقائق معدودة فقط تحركت مجنزرات الاحتلال الإسرائيلي من جانب الخيام ما أثار حالة من الرعب لدى الأطفال والنساء.

وهنا يتوقف النجار برهة من الوقت ثم يعود للحادثة المؤلمة حيث إصابة طفلته لينا برصاصة من طائرة "كواد كابتر" إسرائيلية، فقد قال: "كان الهدوء سيد الموقف حتى وصل مؤشر الساعة إلى الثالثة والثلث فجرًا عندما بدأت طائرات الاحتلال بإطلاق النار على الحدود بين نتساريم ومنطقة جنوب وادي غزة، وهذا المشهد يتكرر يوميًا مع ساعات الفجر الأولى".

فزع محمد من اقتراب طائرات كواد كابتر من خيمته وإطلاق الرصاص صوب الخيام، فاستيقظ من نومه ليرى أن جميع أطفاله قد استيقظوا، بينما علا صراخ طفلته الصغيرة لينا وهي تضع يدها على قدمها، فزع الأب من فراشه وبات غير مدرك لما يجري أمامه.

حاول محمد الخروج من الخيمة؛ إلا أن طائرة "كواد كابتر" أجبرته على البقاء داخلها حيث قدم الإسعافات الأولية لطفلته قائلًا: "بصعوبة وجدت زوجتي قطعة قماش بسبب ظلام الليل وقمت بربط قدمها ووقف النزيف".

"وفرضت طائرة كواد كابتر الحصار علينا داخل الخيمة وظلت طفلته تدعوا الله لإنقاذها حتى وصلت عقارب الساعة إلى السادسة صباحًا حينها تمكنت من الذهاب إلى مستشفى العودة لتلقي العلاج اللازم"، وفقًا لما قاله محمد لمراسلنا.

يستذكر محمد تلك الليلة بالألم والحزن، فقد أشار إلى أنها أصعب ليلة مرة عليه في حياته "فقد كانت لينا تصرخ من شدة الألم لكن لم أتمكن من إسعافها مباشرة اعتقدت للوهلة الأولى أنها ستلحق بركب الشهداء؛ لكن بحمد الله أصيبت وتم علاجها".

وتواصل طائرات الاحتلال الإسرائيلي استهداف المنطقة الحدودية بين منطقة "نتساريم" ومخيمات الإيواء شمال غرب مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، ما يسبب حالة من الرعب والقلق بين صفوف العائلات والمدنيين لا سيما الأطفال والنساء.

اخترنا لكم: نيران القصف تلتهم شعبان الدلو ووالدته.. حكاية الوداع الأخير ومشهد الرعب في ذاكرة والده

اخبار ذات صلة