دخل العدوان الإسرائيلي المُتصاعد على مناطق شمال قطاع غزة مرحلة جديدة أكثر خطورة، اعتباراً من مساء أول من أمس، بعد تعميق المجازر على نحو واسع، وتشديد الحصار والتجويع.
ولجأ الاحتلال إلى عدة طرق جديدة من أجل دفع المواطنين إلى النزوح قسراً من مناطق شمال القطاع، بعد رفضهم جميع أوامر الإخلاء السابقة، التي صدرت عن جيش الاحتلال.
ووفق نشطاء وصحافيين يوثقون المجازر والجرائم الإسرائيلية في شمال قطاع غزة، فإن الاحتلال لجأ إلى طرق أكثر دموية وإجراما من أجل تنفيذ ما بات يُعرف بـ"خطة الجنرالات"، التي تهدف إلى إخلاء شمال القطاع من سكانه، أول هذه الطرق قصف مربعات سكنية كاملة، وإبادة عدة عائلات في نفس الوقت، كما حدث في منطقة بيت لاهيا شمال القطاع، ومن قبلها منطقة "تل الزعتر"، في مخيم جباليا المُجاور.
وأشار المواطن أسامة خليل، إلى أن هذا الأمر مشابه تماماً لما كان يحدث إبان نكبة العام 1948، حيث جرى تنفيذ مجازر مُروّعة منها "دير ياسين"، و"كفر قاسم"، وهدفت في حينها إلى إثارة الخوف والرعب، ودفع الناس إلى الهجرة.
بينما أكد منقذون وأطباء أن عدد الشهداء الحقيقي أكبر بكثير من المُعلن، حيث قال مدير مستشفى كمال عدوان شمال القطاع، حسام أبو صفية، إن هناك عشرات المفقودين تحت ركام منازل جرى قصفها في الساعات الماضية، وللأسف لا تستطيع فرق الإنقاذ انتشالهم.
أما الأمر الثاني فهو تشديد الحصار والتجويع والتعطيش، على نحو غير مسبوق عبر عدم السماح بوصول الطعام والماء إلى المواطنين، حتى خزانات المياه العلوية في المنازل جرى إطلاق النار عليها من طائرات مُسيّرة "كواد كابتر"، وإفراغها من المياه، للتسريع في قتل المحاصرين.
وقال خليل: "كان أجدادنا في السابق يخبرونا بأنه لا يموت أحد من الجوع، لكن في غزة مات الناس من الجوع، حيث أكدت وزارة الصحة وفاة المزيد من المواطنين المُحاصرين في منازلهم جوعاً وعطشاً".
أما الأمر الثالث وفق مصادر متعددة، فيشمل حصار مستشفيات قطاع غزة الثلاثة وقصفها، بهدف إخراجها عن الخدمة.
وتصاعد الهجوم الإسرائيلي على مستشفيات شمال القطاع الثلاثة، وهي كمال عدوان، والإندونيسي، والعودة، إذ تعرضت تلك المستشفيات للقصف، والحصار، والتهديد بالاقتحام.
وأعلنت وزارة الصحة في غزة، أن جيش الاحتلال كثف استهدافه للمنظومة الصحية في شمال القطاع، وذلك بحصاره واستهدافه المباشر لمستشفيات الأندونيسي وكمال عدوان، والعودة خلال الساعات الماضية، وإصراره على إخراجها عن الخدمة.
لمتابعة آخر المستجدات الميدانية والسياسية للحرب على غزة اشترك بقناة شمس نيوز على منصة تيلجرام
أما الطريقة الرابعة وهي إخراج المواطنين من شمال القطاع عنوة، واعتقال بعضهم، كما حدث خلال اليومين الماضيين، إذ اقتحمت قوات الاحتلال عدداً من مراكز الإيواء المكتظة بالنازحين شمال القطاع، واعتقلت عدداً كبيراً من الرجال، وأجبرت النساء على مغادرة شمال القطاع باتجاه مدينة غزة، عبر شارع صلاح الدين، كما اقتحمت قوات الاحتلال المستشفى الأندونيسي، وأحدثت جرافة حفرة كبيرة داخل ساحة المستشفى، وأجبر الرجال على الدخول فيها بعد تقييد أيدهم من الخلف، وأُفيد بتنفيذ إعدامات ميدانية بحق بعض المعتقلين.
وكان مواطنون رصدوا وصول أرتال من الدبابات تتقدم نحو مخيم جباليا، وبلدتي بيت لاهيا وبيت حانون المجاورتين، ما يُشير بشكل واضح إلى نية جيش الاحتلال توسيع رقعة العدوان في الأيام المقبلة، حيث أعلن جيش الاحتلال انضمام "فريق القتال" التابع للواء "غفعاتي"، إلى القوات المتواجدة شمال القطاع، بهدف توسيع العمليات البرية في مخيم جباليا، تحت قيادة ما يسمى "الفرقة 162 الإسرائيلية".
وبات واضحاً أن ما يُنفذ من جرائم في مناطق شمال القطاع، تنفذ تحت غطاء دولي، يسمح لإسرائيل بالمضي قدماً في خطتها، التي تنتهك كل القوانين والأعراف الدولية، دون أن يعترضها أحد.
وقال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، إنه وثق جرائم مُروعة ضد المدنيين في مخيم جباليا وعموم شمال قطاع غزة، مع تصاعد وتيرة الهجوم الإسرائيلي الذي بلغ ذروته مطلع الأسبوع الجاري، بقصف بات يستهدف مربعات سكنية مكتظة.
وأكد المرصد أن أعدادا أخرى من المواطنين، لم يعرف عددهم، ما زالوا في عداد المفقودين، ويُرجح أنهم فارقوا الحياة تحت الأنقاض، ليرتفع عدد الذين استشهدوا منذ بداية الهجوم الأخير على شمال القطاع إلى أكثر من 500 شخص.
وشدد على أن جيش الاحتلال يعمل بشكل منهجي على إخراج ما تبقى من المنظومة الصحية عن العمل بالكامل في شمال غزة، رغم أنها تعمل أصلاً بشكل جزئي.
وأوضح المرصد أن أكثر منن 400 ألف مواطن يواجهون خطر الموت قتلاً بالقصف أو الموت جوعاً شمال وادي غزة، حيث تمنع قوات الاحتلال إدخال أي مساعدات منذ بداية الشهر الجاري.
وطالب بالتعامل مع ما يجري في شمال غزة كمنطقة منكوبة بما يقتضيه ذلك من تدخلات عاجلة أولها إلزام إسرائيل بوقف هجومها ضد المدنيين، وتوجيه مساعدات طارئة منقذة للحياة بشكل عاجل، ووقف حملة الإبادة الجماعية العنيفة التي ترتكبها ضده.