تعيش محافظة شمال قطاع غزة واقعًا صحيًا وإنسانيًا كارثيًا، مع توقف المؤسسات الطبية والإسعافية الطارئة عن تقديم خدماتها بعدما أخرجها جيش الاحتلال عن الخدمة تحت التهديد والاستهداف المتكرر وتشديد الحصار والإمعان بجريمة الإبادة الجماعية لليوم الـ21 تواليًا.
خلال الساعات الماضية، صعّد جيش الاحتلال عملياته ضد طواقم الإسعاف والدفاع المدني والمستشفيات في محافظة شمال غزة لا سيما "جباليا وبيت لاهيا وبيت حانون"، مهددًا المركبات التابعة لهذه المؤسسات "بالاستهداف" في حال تحركت بالشوارع.
تزامن توقف هذه الخدمات مع معاناة الأهالي الذين رفضوا الاستجابة لأوامر التهجير القسري الإسرائيلية شمال غزة والنزوح جنوبًا، جراء منع إسرائيل وصول إمدادات المياه والغذاء والأدوية والمساعدات الإغاثية للمحافظة، في إطار حصار مطبق تفرضه منذ 3 أسابيع.
ولليوم الـ21 على التوالي يواصل جيش الاحتلال قصفه الجوي والمدفعي المكثف وإطلاق النار شمال قطاع غزة، وخاصة مخيم جباليا وبلدة بيت لاهيا في مشاهد يقول مراقبون إنها "إبادة جماعية يشاهدها العالم على الهواء مباشرة، وتهجير قسري للسكان بهدف احتلال الشمال وتحويله إلى منطقة عازلة".
ونقل تقرير لوكالة "الأناضول"، عن الفلسطيني الغزي، محمود نصار، الذي بقي حتى الآن في منطقة "مشروع بيت لاهيا" مع عائلته، قوله: "الاحتلال يحاول بكل الطرق دفعنا للنزوح وترك منازلنا حتى يستفرد بالأرض ويحولها مستقبلاً لمستوطنات".
وتابع: "الجيش بدأ حصاره بقطع إمدادات الماء والغذاء عن محافظة الشمال، وكثف عمليات النسف والقصف والحرق، وأخيرا حيّد الخدمات الطبية والصحية في محاولة لإفراغ الشمال من كل سكانه".
وأشار إلى توقف مركبات الإسعاف عن انتشال المصابين والقتلى جراء الاستهدافات الإسرائيلية، لافتًا إلى أن هذه المهمة باتت ملقاة على عاتق المواطنين.
وبيّن أن مناطق بيت لاهيا ومخيم جباليا وتل الزعتر والعلمي في محافظة الشمال، "لا تزال تكتظ بالمواطنين الذين هم بحاجة حقيقية إلى خدمات طبية وإسعافية على مدار الساعة".
وختم حديثه بتأكيد أن "آلاف المواطنين حتى اللحظة صامدون ويرفضون فكرة النزوح إلى أي مكان آخر غير منازلهم أو المناطق القريبة منها".
من جهته، يقول الشاب، عاهد المصري، المحاصر في بلدة بيت لاهيا، إن "الجيش يحاول من خلال جرائم الإبادة هذه إفراغ الشمال من سكانه وهو ما لا يقدر عليه وهو يعلم ذلك".
وشدد خلال حديثه، بحسب ما تنقله "الأناضول"، على أن "كثيرًا من المواطنين صامدون حتى النهاية"، لافتًا إلى أنه "من المستحيل قبولهم فكرة النزوح وترك أرضهم والانتقال إلى مكان آخر".
وتابع: "ما رفضناه بداية هذه الحرب لا يمكن أن نقبله اليوم".