يبدو أن الاحتلال الصهيوني لا يتعلم من تجاربه، فهو يظن ان اغتيال القادة سيمنحهم السيادة والقدرة على تحقيق الانتصار وحسم المعركة ، سجل طويل من عمليات الاغتيال التي نفذها الاحتلال الصهيوني ضد قادة المقاومة الفلسطينية واللبنانية، ونتائجه في كل مرة كانت كارثية على الاحتلال، اغتالوا من قبل الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي الشهيد المؤسس الدكتور فتحي الشقاقي، كما اغتالت اسرائيل ابرز قادة الحركة وعلى رأسهم القادة الشهداء محمد الجمل ومصباح الصوري وهاني عابد، وبهاء ابو العطا، وخالد منصور، وغيرهم من القادة الكبار، لكن حركة الجهاد لم تنته بل ازدادت قوة وصلابة واستمرت على نهج الجهاد والمقاومة، وتمددت جماهيريا وقويت عسكريا، كما اغتال الاحتلال الصهيوني مؤسس حركة حماس الشيخ المجاهد الشهيد احمد ياسين، واغتال من بعده الدكتور عبد العزيز الرنتيسي، ويحيى عياش وإبراهيم المقادمه وصالح العاروري ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس الشهيد القائد اسماعيل هنية، والعديد من كبار قادة حركة حماس وبقيت حماس متماسكة وقوية ورقما صعبا لا يمكن تجاوزه، كما اغتال الاحتلال المئات من قادة منظمة التحرير الفلسطينية بداية بالشهيد القائد ياسرعرفات ابو عمار مرورا بالشهيد القائد خليل الوزير ابو جهاد وصلاح خلف ابو إياد وأمين عام الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين الشهيد القائد ابو على مصطفى، وغيرهم من القادة الكبار دون أن ينتهي الفعل المقاوم او يضعف فما لا يفهمه الاحتلال الصهيوني ان المقاومة لن تخمد باستهداف قادتها، ولن تتوقف بمجرد غياب شخص فالفعل المقاوم يمثل ثقافة للشعوب المناضلة لا تخفت او تنتهي بغياب الاشخاص.
واستمرارا في القراءة الخاطئة قدرت إسرائيل انها ستضعف من قوة حزب الله عندما تغتال قادته فاغتالت الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصرالله، واغتالت نائبه العسكري السيد فؤاد شكر وقادة آخرين كبارًا وراهنت على استسلام حزب الله وانهياره، أمام الضربات المتتالية الموجهة التي استهدفت أبرز قياداته، لكنها فوجئت بتماسك وصلابة الحزب وقدرته على استعادة قوته السياسية والعسكرية سريعا وترتيب بيته الداخلي لمواجهة الخطر الأكبر الذي يواجهه وهو إنهاء الحزب ووقف كل أشكال المقاومة في لبنان، فإسرائيل التي غرقت في رمال غزة تاهت في جغرافيا لبنان وتضاريسه الوعرة ووقفت عاجزة عن تسويق انتصار حقيقي في قطاع غزة او لبنان، فتعاملت مع الانتصارات التكتيكية التي حققتها من خلال استهداف القادة الكبار رحمهم الله جميعا على انها انتصارات حاسمة وانها ستجبر الفصائل المقاومة على الاستسلام، واستمرت في تعنتها وصلفها ورفضها لاية وساطة لايجاد حلول لمعاركها في غزة او لبنان، معتقدة ان الاستمرار في المعركة سيجبر المقاومة على الاستسلام، ورفعت شعار التفاوض من تحت النار، لانها تبحث عن حسم للمعركة يرضي الاسرائيليين ويعيد الهيبة للجيش المهزوم، وتسترد ماء وجهها مرة اخرى بعد ان استطاعت المقاومة الفلسطينية واللبنانية اظهار هذا الجيش الصهيوني الذي قالوا عنه زورا وبهتانا انه لا يهزم، انه مهزوم، وواهن وضعيف، رغم كل الجرائم التي يرتكبها والمجازر الجماعية بحق المدنيين الفلسطينيين واللبنانيين الابرياء، فالجندي الاسرائيلي موصوف بأنه جندي قاتل وليس جنديًا مقاتلًا، وشتان بينهما، فصورة النصر المطلق لا زالت غائبة ولن يستطيع الاحتلال الوصول اليها ما دامت هناك مقاومة.
اسرائيل اغتالت قبل ايام رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الشهيد القائد يحيى السنوار ابا ابراهيم، وصورت اغتياله على انه انتصار مطلق لاسرائيل، ودعا قادة الاحتلال حركة حماس وجناحها العسكري كتاىب عز الدين القسام للاستسلام ورفع الراية البيضاء، وظنوا ان المعركة حسمت لهم تماما، وبدؤوا هم والامريكان يشددون من مطالبهم لحث الفلسطينيين على الاستسلام، ويرسلون مبعوثيهم الى المنطقة لفتح مجال لاملاء المزيد من الشروط وتشديد الاجراءات على الارض، وبدلا من ان ينالوا من حماس والمقاومة ، كان المشهد للقاىد يحيى السنوار الرجل الاول في حماس وهو يمتشق سلاحه ويقاوم الاحتلال في الميدان ويجابه ذلك الجيش المدعوم من كل قوى الشر حول العالم، وحيدا يقاتل بالرشاش والقنابل اليدوية والعصي، وكل ما تصل اليه يداه، كان مشهدا محفزاً للفلسطينيين، ودافعا لهم للتمسك بنهج المقاومة كخيار لا بديل عنه، فانقلب السحر على الساحر، وتحول السنوار الى اسطورة، ذلك الرجل الشجاع الذي اتهموه باطلا انه يختبيء في الانفاق ويتخذ من اسرى الاحتلال درعا بشريا، ويتنقل بملايين الدولارات من نفق الى نفق، واخفى افراد اسرته وانه ترك المدنيين الفلسطينيين يدفعون الاثمان، كان مشهد القائد السنوار وهو يقاوم الاحتلال حافزا للمجاهدين في الميدان، وحافزا للحاضنة الشعبية، وكان برهانا امام الشعب الفلسطيني كله ان قادة المقاومة في الصفوف الاولى يقاتلون ضد الاحتلال، ويقودون معاركهم من فوق الارض ومن تحتها، غير ابهين بالاحتلال وألته القمعية، دون ان يساورهم اي خوف أو فزع.
لقد رأي الفلسطينيون المعذبون والمشردون والمضحون والمنكوبون تلك الصورة للقائد الكبير يحيى السنوار وهو يقاوم فشعروا ان قادة المقاومة لا يتاجرون بهم وبدمائهم، وبدلا من ان تضعف اسرائيل من ارادة الفلسطينيين قوتهم وحفزتهم من حيث لا تدري، وهى تحتفل من خلال تلك الصور المسربة للقائد يحيى السنوار وهو يقاوم بكل ما يملك من وسائل حتى الرمق الاخير، فالرحمة لابا ابراهيم السنوار ولقادة المقاومة ولكل الشهداء الاطهار الذين رسموا لشعبهم بدمائهم الطاهرة والزكية طريق الانتصار، فطوبى لكم وحسن مآب.