*بقلم/ د. جمال أبو نحل
قبل أيام قليلة خلت أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية عن إبرام صفقة أسلحة كبيرة تتضمن طائرات وآلاف الصواريخ الخارقة للتحصينات الأرضية والدروع، وكذلك أسلحة فتاكة لا عد لها ولا حصر لدولة الاحتلال الإسرائيلي، قُدِرّت تلك الصفقة بمبلغ قارب على الملياري دولار؛ وهذا الدعم بلا حدود وغير المحدُد بصورة سنوية يتكرر وتُقدم تلك الأسلحة المتطورة جدًا لدولة الاحتلال والفصل العنصري على طبق من ذهب، ويدفع مُجمل ثمن تلك الصفقات الدول الأوروبية وذلك بسبب أن اليهود تعرضوا لكذبة كبيرة اسمها:( المحرقة)، ودائما يتفنن اليهود بإبراز صورة أنهم شعب مسكين وأنهم قد تعرضوا لمحرقة قتلت الملايين !!!
ولمن لا يعلم هذه اكبر كذبة كذبها الموساد الصهيوني في تاريخه وليست المصيبة أنهم كذبوا هذه الكذبة فقط، بل إن أوروبا تدفع سنويًا لليهود تكفيرًا عن كذبة المحرقة أموالاً كثيرة؛ ومنها على سبيل المثال تدفع الحكومة الألمانية أكثر من ملياري يورو كل سنة كهدية لليهود وذلك تعويضًا عما تعرضوا له في المحرقة الكاذبة المزعومة .
وكذلك سويسرا وهولندا وكثير من الدول الأوربية يدفعون مبالغ خيالية لليهود كل سنة، والولايات المتحدة تدفع سنويا مبالغ خيالية لليهود بسبب المحرقة المكذوبة والمزعومة، وتقدم للصهاينة الأسلحة المحرمة دوليًا؛ ليكون الدم واللحم الفلسطيني الزكي هو حقل تجارب وهو من يدفع الثمن لتلك الأسلحة الجبارة والتي منها المسمارية والفسفورية والعنقودية الخارقة الحارقة.
ويقولون إنهم يريدون السلام ويسعون للسلام كذبًا وزورًا، وقد أكل الاستيطان الأخضر واليابس وابتلع الأرض؛ والقدس تُهود ليل نهار على مرأى ومسمع من العالم الظالم ولا أحد يُحرك ساكنًا.
وما زاد الطين بلةً أن الحكومة الإسرائيلية الحالية اليمينية المُتطرفة لم يأت مثلها من قبل على تاريخ سنوات الاحتلال ونكبة الشعب الفلسطيني واغتصاب أرضه منذ سبع وستين عامًا؛ فعن أي سلامٍ يتحدثون؟.
إن الدعم السخي المُقدم من الولايات المتحدة لدولة وكيان مُجرم غاصب، يؤكد بأن السلام حُلم بعيد المنال والمفاوضات ما هي إلا مضيعة للوقت، وذرًا للرماد في العيون من الغرب لنا؛ لأن الدعم الأمريكي لكيان الاحتلال بغير حدود ولا يقتصر على الناحية المادية والسياسية والدبلوماسية والاقتصادية والاستخبارية فقط، إنما يتعداه للنواحي العسكرية؛ وبالرغم من أن (إسرائيل) تنتج 12% من السلاح العالمي، إلا أنها تستمر بتلقي مساعدات عسكرية ضخمة من الولايات المتحدة الأمريكية بلا حسيب أو رقيب.
كما أن (دولة الاحتلال) تقاسم العالم الغربي المنفعة والمصلحة وتعمل على حماية المصالح الأمريكية والغربية عموماً في الشرق الأوسط؛ لتكون ككلب الحراسة وكالخنجر المسموم في خاصرة الوطن العربي الكبير، وهي المنطقة الأهم في العالم من حيث مصادر الطاقة، لأن دعم (إسرائيل) حسب اعتقادهم يحول دون قيام دول إقليمية قوية تظهر نوعاً من الاستقلالية عن الدول الغربية.
وقد تجلى ذلك في مصر عندما حاول رئيسها السابق جمال عبد الناصر بناء دولة تتزعم العالم العربي وقام عام 1956بتأميم قناة السويس كخطوة على تلك الطريق. فكان جواب الغرب شنّ حرب قامت بها فرنسا وبريطانيا وبمؤامرة (إسرائيلية) لاحتلال أراض مصرية، وخاصة ضفتي القناة وإعاقة المشروع الوحدوي. وتكرر ذلك مع العراق عندما حاول الرئيس الأسبق صدام حسين وضع لبنة وطن قوي وتأسيس قاعدة علمية أعدّ لها 30 ألف عالم وباحث كمقدمة لبناء عراق جديد.
وقد شاركت (إسرائيل) عبر اللوبي اليهودي والمحافظين الجدد وتيار المسيحيين الصهاينة في هذه الحرب مع أمريكا التي أعادت العراق مئات السنين إلى الوراء. وكانت (إسرائيل) قد دمرت المفاعل النووي العراقي ((أوزيراك)) عام 1981 للهدف ذاته.
ويؤكد مؤيدو تقديم الدعم لـ(إسرائيل) على دورها الوظيفي لحماية المصالح الغربية عموماً والأمريكية خصوصاً في ظل أزمة النفط العالمية وازدياد أسعاره. فموقع الدولة الصهيونية في وسط العالم العربي الغني بالنفط وقربها النسبي من طرق إمداداته يحتم على الولايات المتحدة تمويل ذلك الحارس.
وتجدر الملاحظة أن الشركات العاملة في مجال النفط استشرفت أهمية المنطقة الجيواقتصادية والجيوسياسية بعد الحرب العالمية الثانية، وبدأت بالضغط على البيت الأبيض للعمل على تأمين مصالح تلك الشركات؛ حيثُ تلعب (إسرائيل) دور القائم بأعمال الولايات المتحدة في الشرق الأوسط في حماية الأنظمة الحليفة للغرب.
وبرز دور (إسرائيل) كحليف موثوق ووكيل للمصالح الأمريكية في الحرب الأخيرة التي شنتها على قطاع غزة وقبل ذلك على لبنان والتي تقوم بها ضد الشعب الفلسطيني لتسويق فكرة الشرق الأوسط الجديد وفق المقاييس الأمريكية.
ويفسر عدد من الاقتصاديين أن أحد أسباب دعم الولايات المتحدة عسكرياً لـ(إسرائيل) هو اقتصادي بالدرجة الأولى، وذلك لأن قسماً كبيراً من الدعم المادي مخصص لشراء أسلحة أمريكية، وبالتالي تكون الولايات المتحدة قد دعمت اقتصادها وحافظت على فرص عمل لآلاف العاملين الأمريكيين.
وينظر أصحاب القرار الأمريكيون إلى (إسرائيل) على أنها قاعدة أمريكية متقدمة ومخزن أسلحة للقوات الأمريكية وساحة لإجراء المناورات المشتركة.
أما السبب الأخير والذي لا يقل أهمية عن ما ورد أعلاه فهو قيام (إسرائيل) بتجريب واختبار الأسلحة الأمريكية ميدانياً ودراسة مدى تأثيرها الفعلي على أرض الواقع ولهذه الأسباب وغيرها ترى الإدارات الأمريكية ضرورة دعم (إسرائيل)؛ بل وجعلت ذلك على رأس سياستها الخارجية؛ وواهنٌ من يظُن أن أمريكا تريدُ سلامًا حقيقيًا للفلسطينيين، بل إنها تريد مصالحها في منطقة الشرق الأوسط أولاً وثانيًا إدارة الصراع وليس حل الصراع ويبقي الضحية الشعب الفلسطيني والجلاد هو الجلاد الصهيوني، فهل نصحو من السُبات العميق.
*أمين سر الأمانة العامة لشبكة كتاب الرأي العرب
المقال يعبر عن وجهة نظر كاتبه