قائمة الموقع

بالصور عبد العزيز البرديني.. مسعف لم يتمكن من إنقاذ "ست الحبايب": كنت بدي أكتب اسمك مجهول يمَّا"

2024-10-31T16:12:00+02:00
المسعف عبد العزيز البرديني فقد أمه.jfif
شمس نيوز - مطر الزق

يحاول المسعف عبد العزيز البرديني بسرعة والدماء الحمراء تكسي ملابسه البيضاء، نقلَ عربة إنقاذ الجرحى داخل غرفة العناية المكثفة في مستشفى شهداء الأقصى؛ لإنقاذ سيدة أصيبت بشظايا صاروخ إسرائيلي استهدف سيارة مدنية بمخيم المغازي وسط قطاع غزة.

عاين عبد العزيز السيدة المصابة في موقع الاستهداف بشكل سريع لكثرة الإصابات، وعندما تأكد أنها لفظت أنفاسها الأخيرة تركها داخل سيارة الإسعاف واتجه مباشرة إلى المصابين حيث وضع بين ذراعيه طفلًا صغيرًا أُصيب بشظايا الصاروخ القاتل.

وما أن وصلت سيارة الإسعاف إلى مستشفى الأقصى، حتى قفز عبد العزيز حاملًا الطفل الصغير واتجه مباشرة إلى غرفة العناية المكثفة، كان متعبًا جدًا يشعر بتوتر وألم وحزن، فالمشاهد التي يراها يوميًا من جرحى وشهداء "تهد الجبال" كما يُقال.

أدار عبد العزيز جسده وعاد لسيارة الإسعاف -كأن شيئًا ما يجذبه- وعلى الفور نقل السيدة التي تأكد من استشهادها إلى نقالة الجرحى ودخل بها إلى المستشفى حيث الطبيب ليتأكد بذاته، يقول لمراسل "شمس نيوز": "كنت متأكد أن السيدة استشهدت فحصتها بالسماعة الطبية وعن طريق النبض، لكن قلت في نفسي يجب أن يُؤكِّد الطبيب ذلك حتى نعلن وفاتها".

وصل عبد العزيز حاملًا نقالة الإسعاف إلى الطبيب، مطالباً إيَّاه بالتأكد من استشهاد السيدة، يقول: "كانت قد أصيبت بشظية صغيرة لا تتعدى الـ (2 سم) لكنها اخترقت العين والدماغ، وباتت حياة السيدة شبه مستحيلة".

لم يفارق عبد العزيز السيدة رغم انتهاء مهمته الإنسانية حتى نطق الطبيب بالقول الفصل: "السيدة فارقت الحياة -الله يرحمها-"، رد عبد العزيز بالقول: "الله يرحمها ربنا يصبر أهلها"؛ لكن فجأة شعر عبد العزيز بقشعريرة في جسده تجذبه إلى السيدة بشكل أكبر، فقام برفع الغطاء عن وجهها ليصاب بصدمة قاسية، اغرورقت عيناه بالدموع وانفجر صارخًا: "هذه أمي! والله أمي!، معقول أمي يا ناس".

صرخة مدوية أطلقها عبد العزيز من أعماق قلبها، أصابت أجساد من حوله من الناس بقشعريرة لا يمكن تصديقها، في تلك اللحظة فقد عبد العزيز أعصابه وضرب على نقالة الجرحى وهو يقول: "والله ما اعرفت أتعامل معك، قسمًا بالله ما اعرفت اتعامل معك"، صرخة عبد العزيز دفعت زميله طارق للامساك به والاستفسار عن سبب صراخه ليجيبه بصوت فقد كل قوته وامتلأ بالحزن والألم: "أمي هذه، هذه أمي!".

لم يدرك عبد العزيز أن السيدة التي لفظت أنفاسها الأخيرة تحت يديه أنها والدته، يحاول الإفلات من بين زملائه وهو يصرخ من أعماق قلبه: "بدي أشوفها بدي أشبع منها، كنت بدي أكتب اسمك مجهول يمَّا".

وبصعوبة بالغة تمكن زملاء عبد العزيز من السيطرة عليه ونقل والدته الشهيدة إلى ثلاجات الموتى في مستشفى شهداء الأقصى، وبعد ساعة واحدة أدى المسعفون صلاة الجنازة على الشهيدة، ليرافقوا زميلهم حتى مواراة جثمان والدته الثرى.

يُشير عبد العزيز إلى أنه أصيب بصدمة عندما تيقن من أن السيدة التي أمامه هي والدته، فأضاف: "لم أكن أتوقع مطلقًا أن تكون أمي، فالمنزل كان بعيدًا عن موقع الاستهداف، وحاولت مرارًا وتكرارًا تكذيب نفسي بأنها أمي لكن قدر الله نافذ -الحمد لله على كل حال-".

لمتابعة آخر المستجدات الميدانية والسياسية للحرب على غزة اشترك بقناة شمس نيوز على منصة تيلجرام

عبد العزيز البرديني (29 عامًا) مسعف متطوع في جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني منذ عام 2018 من مخيم البريج وسط قطاع غزة، يقول: "تطوعت منذ سنوات عدة في قسم الإسعاف التابع لجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، فأنا أومن بالعمل الإنساني والخدماتي للناس، وأحب هذا العمل وهو من طبيعة مهنتي ودراستي".

فقد عبد العزيز الكثير من أصدقائه وزملائه المسعفين منذ بداية حرب الإبادة التي تشنها "إسرائيل" بدعم أمريكي ضد سكان قطاع غزة المدنيين منذ السابع من أكتوبر 2023؛ إلا أنه واصل رسالته الإنسانية لعلاج جرحى الحرب، ويبين أن استشهاد والدته لن تمنعه من إكمال مسيرته ورسالته الإنسانية.
 

 

توقف عبد العزيز برهة من الوقت ليقول: "والدتي هي التي ربتني وعلمتني، فقد حبَّبَت في قلبي العمل الإنساني، وكل نجاحي كان بسبب دعائها لي ورضاها عني، والله سأفتقد أمي كثيرًا، فهي سندي وقلبي وحياتي".

ولا يملك عبد العزيز سوى رسالة واحدة للعالم أجمع، يقول: "أناشد العالم أن يحشد كل طاقته لوقف الحرب عن قطاع غزة عاجلًا وليس آجلًا، نحن نشعر بالألم والمعاناة ولا نستطيع الوقوف على أقدامنا، ولا نملك القدرة على التحمل، نرجوكم أوقفوا الحرب".





 

اخبار ذات صلة