اعتبر عضو المجلس الوطني الفلسطيني والكاتب والمحلل السياسي، الدكتور شفيق التلولي، أنَّ قانون حظر وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" في فلسطين و(المناطق التي تسيطر عليها "إسرائيل)" الذي الذي أقرَّه كنيست الاحتلال "الإسرائيلي"، إعلان حرب "إسرائيلية" مفتوحة على الفلسطينيين والعالم بأكمله، وخطوةً خطيرة تهدف إلى استكمال حلقات تصفية القضية الفلسطينية.
وكان الكنيست الإسرائيلي صوَّت، يوم الاثنين الماضي، على قانون يمنع عمل "الأونروا" في فلسطين، و(المناطق التي تسيطر عليها "إسرائيل")، وينتظر أن يدخل هذا القرار حيز التنفيذ خلال 90 يوماً.
ويرى د. التلولي، في حوار مع "شمس نيوز"، أن هذه الخطوة تمثل تطوراً خطيراً يؤكد استمرار حكومة الاحتلال في تكريس سيطرتها "كدولة" قائمة بفعل القوة، على الرغم من أن "الأونروا" هي منظمة دولية معترف بها من قِبَل الأمم المتحدة، وهو ما يُعدّ تحدياً لقرارات الشرعية الدولية وللمواثيق والأعراف المعترف بها.
"إن إصدار قرار كهذا ضد منظمة معتمدة من الأمم المتحدة يعتبر إعلاناً صارخاً للحرب على العالم، ومحاولة لضرب المنظمات الدولية والإنسانية، خاصة تلك العاملة في قطاع غزة بشكل خاص وفلسطين بشكل عام"، -وفقاً لعضو المجلس الوطني الفلسطيني-.
وطبفاً له، فإن هذه السياسة العدائية ليست جديدة على حكومة الاحتلال، حيث سبق لها استهداف المؤسسات الإنسانية والدولية، كما حدث مع "مؤسسة المطبخ العالمي" في الحرب المستمرة على غزة، وكذلك الاعتداءات التي طالت قوات "اليونيفل الدولية" في لبنان.
ويضع هذا القرار "إسرائيل" خارج إطار الشرعية الدولية وحدود العمل الدولي، كما يشدد د. التلولي؛ وهو ما يتطلب من المجتمع الدولي الوقوف أمام مسؤولياته وحماية الفلسطينيين من هذا التغول الذي يأخذ أشكالاً عدة، سواء أكان تغولاً سياسياً كإصدار مثل هذه القرارات، أو تغولاً عسكرياً من خلال استمرار قتل المدنيين في وضح النهار أمام مرأى العالم.
إن هذا القرار يأتي ضمن مساعي "إسرائيل" لعزل الفلسطينيين حتى عن المنظمات الإغاثية وطردها، لتركهم وحيدين أمام الحصار والحرب، ومحاولة لثني الشعب الفلسطيني عن الاستمرار في الحياة على أرضه والاستمرار في المطالبة بحقوقه السياسية، وعلى رأسها إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، -كما يُبيِّن د. التلولي-.
ويعتقد المحلل التلولي أن أهداف حكومة الاحتلال تتجاوز الجانب السياسي في إطار تصفية القضية الفلسطينية، إذ تستهدف رمزية "الأونروا" التي ترتبط مباشرة بحق العودة وحقوق اللاجئين.
وبالنسبة لما يعتبره، فإن "بقاء الأونروا يعني استمرار الحلم الفلسطيني بالعودة إلى الديار التي هُجروا منها قسراً عام 1948، ولذلك فإن ضرب رمزية الأونروا له تأثيرات سياسية كبيرة، فضلاً عن التأثيرات الإنسانية المتعلقة بالخدمات التي تقدمها الوكالة من إغاثة، وتعليم، ورعاية صحية، وإغلاق الأونروا يعني إغلاق عشرات المدارس والمراكز الصحية ومراكز التغذية، وترك عشرات الآلاف من الفلسطينيين دون خدمات أساسية، خاصة في ظل العدوان المستمر على غزة.
وحذّر التلولي من أن هذه الخطوة ستفاقم الأزمة الإنسانية لدى الفلسطينيين، خاصةً أن "إغلاق" الأونروا سيتسبب بتسريح عشرات الآلاف من الموظفين في القطاعات الأساسية والإنسانية كافة، مما يضاعف من معدلات البطالة ويفاقم الأوضاع الاقتصادية.
وفيما يخص الجهود الممكنة لمواجهة هذا القرار، أوضح عضو المجلس الوطني أن المجتمع الدولي، بما فيه الأمم المتحدة ومجلس الأمن، قد عبّروا عن رفضهم لهذه الخطوة، داعياً المجموعة العربية وجامعة الدول العربية إلى الاستمرار في تقديم شكاوى للأمم المتحدة لوقف هذا القرار.
وأضاف أن السلطة الفلسطينية قدّمت شكاوى رسمية واحتجاجات لدى الدول المستضيفة للأونروا؛ للضغط على حكومة الاحتلال وإجبارها على التراجع عن قرارها ولجم عدوانها المتواصل على الفلسطينيين.
وشدد د. التلولي على ضرورة تفعيل الحراك الشعبي الفلسطيني على الصعيدين الإقليمي والدولي، وتشكيل ضغط على الحكومات الغربية لفرض التزام حكومة الاحتلال بقرارات المجتمع الدولي، مؤكدًا أن "الكنيست الإسرائيلي وحكومة نتنياهو بهذا القرار، ورفضهم لقرارات مجلس الأمن والأمم المتحدة، يرفعون راية الحرب في وجه العالم بأسره، وليس فقط الشعب الفلسطيني".
ويرى أن "العالم أمام اختبار حقيقي لكي ينتصر لقيم العدالة والإنسانية، ويتحرك سريعاً لوقف هذا القرار، ووضع حد للعدوان والحرب، وإنهاء الاحتلال بشكل كامل".
وكان أعضاء مجلس الأمن الدولي أعربوا عن "قلقهم" البالغ إزاء التشريع الذي تبناه كنيست الاحتلال "الإسرائيلي"، وحثُّوا الحكومة "الإسرائيلية" على الالتزام بالتزاماتها الدولية واحترام امتيازات وحصانات الأونروا والوفاء بمسؤولياتها في السماح بتسهيل وصول المساعدات الإنسانية الكاملة والسريعة والآمنة وغير المعوقة بجميع أشكالها إلى قطاع غزة وفي جميع أنحاءه، بما في ذلك توفير الخدمات الأساسية التي يحتاج إليها السكان المدنيون بشدة.
وحذر أعضاء مجلس الأمن بشدة من أي محاولات لتفكيك أو تقليص عمليات الأونروا وتفويضها، مدركين أن أي انقطاع أو تعليق لعملها من شأنه أن يخلف عواقب إنسانية وخيمة على ملايين اللاجئين الفلسطينيين الذين يعتمدون على خدمات الوكالة، فضلاً عن الآثار المترتبة على المنطقة.
وتأسست وكالة "الأونروا" عام 1949 لرعاية شؤون اللاجئين، حينما برزت قضية اللاجئين الفلسطينيين، الذين نزح معظمهم في اتجاه الضفة الغربية وقطاع غزّة، فضلاً عن دول الجوار في الأردن ولبنان وسوريا، نتيجة الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية عام 1948، وتهجير الفلسطينيين من أرضهم.