قائمة الموقع

في ظل الحرب.. غزيّون يكافحون للبقاء وينتجون الفحم

2024-11-02T11:06:00+02:00
عمال ينتجون الفحم.jpg
شمس نيوز -الأناضول+الأيام

 تحت أزيز الطائرات ووسط مخاوف من توغل إسرائيلي مفاجئ، يحاول مجموعة من المواطنين تحدي الظروف التي خلّفتها الحرب المتواصلة منذ أكثر من عام على قطاع غزة، وإنتاج الفحم الصناعي من الحطب.

هذه المهنة، التي يمارسها عدد من المواطنين في منطقة قريبة من الحدود الشرقية لمدينة خان يونس جنوب القطاع، محفوفة بخطرين متوازيين هما الموت برصاص أو استهداف إسرائيلي، أو المرض جراء انبعاثات الدخان الكثيف الناجم عن احتراق الحطب.

وهم يترقبون بالمنطقة، يرتب العمال الحطب الذي يقطعونه إلى قطع صغيرة على شكل هرم، ويغطونه بقش ثم بالتراب الذي يتخلله فوهات صغيرة يوقد به القش وينبعث منه دخان كثيف.

لعدة أيام ينتظر هؤلاء العمال، وسط انبعاثات الدخان، احتراق الحطب وتحوله إلى فحم في ظل تخوفاتهم من الهجمات الإسرائيلية.
ويأتي اللجوء إلى هذه المهنة من أجل توفير الفحم للسكان والنازحين للتخفيف من معاناتهم، في ظل شح توفر غاز الطهي والوقود، في حين يزداد الاحتياج له لغرض التدفئة مع برودة الأجواء وحلول موسم الشتاء.

ويستخدم الغزيون الفحم كبديل عن غاز الطهي أو للتدفئة في ظل برودة الأجواء في مراكز الإيواء وخيام النزوح، رغم المخاطر الصحية المترتبة على استخدامه المتواصل.

ومع ذلك، إلا أن شراء الفحم لا يكون في متناول الجميع بقطاع غزة لارتفاع أسعاره في ظل وضع اقتصادي ومعيشي متردّ، وانعدام السيولة لدى غالبية النازحين.

ومع مرور أكثر من عام على العدوان الإسرائيلي وتزامناً مع تشديد الحصار المفروض على قطاع غزة للعام الثامن عشر على التوالي، شهدت أسعار السلع الأساسية ارتفاعاً قياسياً، لما كانت عليه قبل الحرب.
هذا الارتفاع يفاقم من المعاناة الإنسانية والمعيشية لسكان القطاع البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة، والذين حولتهم الحرب إلى "فقراء"، حسب بيانات سابقة صدرت عن البنك الدولي.
ومنذ اندلاع الحرب تغلق إسرائيل المعابر مع القطاع وتمنع دخول البضائع والسلع الأساسية، كما تفرض قيوداً على دخول المساعدات الإنسانية والإغاثية، وتمنع في بعض الأحيان وصولها للقطاع مسببة بذلك أزمة معيشية كبيرة.
وفي 17 تشرين الأول الماضي، شدد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، على ضرورة فتح البوابات الحدودية بشكل عاجل وإزالة العقبات البيروقراطية وضمان النظام العام، لإدخال المساعدات للقطاع.

المواطن فايز أبو عودة، الذي يدير أعمال صناعة الفحم، قال: إن تحويل الحطب إلى فحم يأتي من أجل تخفيف المعاناة على المواطنين التي خلّفتها الحرب الإسرائيلية المتواصلة.

وأضاف: "في ظل نقص غاز الطهي، يلجأ الكثير من المواطنين لاستخدام الفحم كبديل".

وأوضح أن الغزيين باتوا يعتمدون على الفحم في صناعة الخبز وذلك لعدم توفر الحطب الأقل سعراً إلا في المناطق الحدودية الخطيرة.
ومع تشديد إسرائيل حصارها على القطاع بداية الحرب شهد غاز الطهي نقصاً حاداً في القطاع، ما دفع الناس للبحث عن بدائل حيث توجهوا أولاً للحطب.
ومع استنزافه واستعماله بكثافة خلال أشهر الحرب الأولى شهدت الكميات المتوفرة من الحطب نقصاً، ما دفع السكان لاستخدام الأوراق والأقمشة والنايلون لإشعال النيران وتجاوز الأزمة، رغم المخاطر الصحية المترتبة على انبعاثات الاحتراق.

كما اعتاد الغزيون على استخدام الفحم أو الحطب للتدفئة في أوقات البرد القارس نظراً لانخفاض سعره مقارنة بوسائل التدفئة الأخرى، وذلك في الفترة التي سبقت الحرب التي جاءت وتسببت في ارتفاع غير مسبوق بأسعار غالبية البضائع.
إلى جانب ذلك، فإن هذه المهنة توفر مصدر دخل لعشرات العائلات التي يعمل ذووهم فيها، ما يسهم بالتخفيف من معاناتهم المعيشية والإنسانية.
وأشار أبو عودة إلى وجود عدة مخاطر وصعوبات تواجه مهنة صناعة الفحم وسط حرب إبادة مستعرة ومتواصلة. وقال أبو عودة: نواجه صعوبات كبيرة للحصول على الحطب الذي نحوله إلى فحم.

وبيّن أنهم يجلبون الحطب من المناطق الأكثر قرباً للحدود مع إسرائيل، وهي مهمة خطيرة للغاية حيث يواجهون احتمالية كبيرة للتعرض لأي استهداف.
وأوضح أبو عودة أنه في الفترة التي سبقت الحرب، كانوا يشترون الحطب من التجار، لكن اليوم في ظل ارتفاع أسعاره وشح توفره تتم المخاطرة بجلبه مباشرة من تلك المناطق.

ولفت إلى أن التخفيف من المعاناة وتوفير قوت العيش لأطفاله وعائلته أمر يستحق المخاطرة بالنفس، مبيناً أن سعر الفحم ارتفع خلال الحرب إلى 25 شيكلاً للكيلو، فيما كان يباع قبل الحرب بنحو 4-5 شواكل. وقال: إن البعض يعجز عن توفيره لارتفاع الأسعار وتردي أوضاعهم الاقتصادية.
إلى جانب ذلك، فإن حالة عامة من الخوف والرعب تنتاب العاملين في صناعة الفحم، ما من شأنه أن يلقي بظلال سلبية على طبيعة العمل، وفق قول أبو عودة.
وأضاف: كما أنه في حال حدوث توغل إسرائيلي مفاجئ في هذه المنطقة التي يتم فيها تحويل الحطب إلى فحم، فإن خسائر مادية كبيرة ستعود على أصحاب المشروع، وذلك لعدم إمكانية نقل المعدات والمستلزمات إلى أماكن أخرى.
وتشن إسرائيل منذ 7 تشرين الأول 2023، حرب إبادة على غزة خلّفت أكثر من 144 ألف شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة أودت بحياة عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية في العالم.

اخبار ذات صلة