شهدت مدن جنوب قطاع غزة لأول مرة منذ نحو أكثر من عام على حرب الإبادة الجماعية، حراكًا شعبيًا ضد غلاء أسعار السلع والمنتجات الغذائية والتموينية، ورفضًا لمبررات التجار تزامنًا مع ضعف الدور الرقابي لوزارة الاقتصاد في حماية المستهلكين سواء النازحين أو السكان.
ويأتي الحراك الشعبي ضد غلاء الأسعار جنوب قطاع غزة في ظل تفاقم أزمة المجاعة؛ لاختفاء جميع أصناف السلع والمنتجات الغذائية من الأسواق والمحال التجارية وبسطات الباعة المتجولين، فلا يوجد سوى بعض المعلبات والتي ارتفعت أسعارها بشكل جنوني إن وجدت.
وأغلق الحراك الشعبي منذ صباح اليوم الثلاثاء (5 نوفمبر 2024) جميع أسواق "دير البلح وخانيونس والزوايدة" حيث ألقى المتظاهرون باللوم على التجار وضعف الرقابة الحكومية رافعين شعارات مناهضة لرفع الأسعار منها: "يسقط جشع التجار"، "قطاع الطرق مجرمون"، "نحن الشعب جياع".
وتغلق قوات الاحتلال الإسرائيلي كرم أبو سالم -الحاجز التجاري الوحيد جنوب القطاع- منذ بداية شهر أكتوبر الماضي بحجة الأعياد الإسرائيلية، وتمنع دخول البضائع والسلع التجارية، فيما تسمح بدخول 30 شاحنة يوميًا من المساعدات الإنسانية للمؤسسات الدولية تهدف إلى ذر الرماد في العيون، ومنذ تلك اللحظة ارتفعت أسعار السلع والمنتجات بشكل غير مسبوق في الأسواق، ومع مرور الوقت اختفت جميع السلع والمنتجات ما أدى إلى اشتداد أزمة المجاعة بين النازحين.
المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) فيليب لازاريني قال، أمس الاثنين: "إن إسرائيل قلصت عدد شاحنات المساعدات المسموح لها بالدخول لقطاع غزة إلى 30 شاحنة فقط يومياً خلال أكتوبر/ تشرين الأول 2024".
وأكد لازاريني، في بيان نشره على حسابه عبر منصة إكس، أن "دخول 30 شاحنة مساعدات يومياً فقط إلى غزة خلال أكتوبر الماضي، هو أدنى مستوى من المساعدات منذ فترة طويلة، وبذلك تكون المساعدات انخفضت إلى المستوى الذي كانت عليه في بداية الحرب".
وتكمن أزمة المجاعة جنوب قطاع غزة بمنع قوات الاحتلال إدخال البضائع والسلع التجارية، فيما يتهم النازحون والمواطنون التجار بالتلاعب بأسعار ما تبقى من بضائع ومنتجات لأضعاف مضاعفة للأسعار الحقيقية.
الناشط محمد خالد نصر كتب على حسابه الخاص بمنصة "فيسبوك" -للتواصل الاجتماعي-: "إغلاق الأسواق في دير البلح بشكل كامل هو نجاح لحملة مواجهة ارتفاع الأسعار؛ ويؤكد بأن القوة الشعبية هي الأكبر في الأسواق"
وفي السياق ذاته رأى الداعية الإسلامي الدكتور أبو طارق السعودي، أنه من الواجب محاسبة التجار على جشعهم واحتكارهم، وتوزيع بضائعهم على الناس المحتاجين"، ويقول: "أنا مع صلب التجار الفجرة.. وتوزيع بضائعهم على الناس المحتاجة".
بينما قال باسل خليل لمراسلنا: "إن ارتفاع أسعار السلع والمنتجات سببه التجار"، مشددًا على أن التجار قاموا بإخفاء جميع المنتجات والبضائع في بركسات تجارية، واستأجروا فرق لحماية بضاعتهم، وهذا يتسبب بارتفاع أسعار المنتجات بشكل أكبر والمتضرر من ذلك النازح الذي نزف جميع أمواله".
ضعف الرقابة
ويرى النازح عبد الرحمن بدر أن سبب ارتفاع أسعار المنتجات واختفائها من الأسواق هو ضعف الرقابة الحكومية من قبل طواقم وزارة الاقتصاد ما دفع التجار لابتكار طرق خبيثة للغنى الفاحش بأسرع وقت وذلك برفع الأسعار واختلاق مبررات تبيح لهم رفع الأسعار".
وأشار إلى أن ضعف الرقابة الحكومية منح التجار فرصة ثمينة للتلاعب بالشعب كيفما أرادوا ذلك، وضرب مثالًا على ذلك برفع سعر السكر قائلًا: "قبل أزمة المعبر كان السكر يباع بـ5 شيكل وعندما أعلنت إسرائيل منع إدخال البضائع التجارية ارتفع السكر ضعفي سعره ليصل إلى 15 ثم 20 شيكل والآن 40 شيكل إن وجد".
وناشد بدر عبر حديثه مع شمس نيوز"، الجهات الحكومية واللجان الإدارية بضرورة الضرب بيد من حديد للتجار الذين يثبت تلاعبهم بالأسعار وإخفاء السلع والمنتجات لوقت الغلاء الفاحش".
بينما عبر النازح نافذ عليان عن امتنانه وشكره من أعماق قلبه للخطوة الجريئة لأهالي دير البلح على إغلاقهم للأسواق التجارية، قائلًا: "إن محاربة التجار بإغلاق الأسواق في طريقهم أمر مهم وفي الطريق الصحيح، ونأمل أن يتم ردعهم لخفض الأسعار إلى طبيعتها".
فيما كتبت النازحة داليا اللبابيدي عن فرحتها لما أصاب للتجار في دير البلح وخانيونس اليوم قائلة: "شكل السوق اليوم بشفي الغليل.. ولا أرنب من تجار الحروب موجود".
واشتكت الشاعرة أمل أبو عاصي عبر منصة -التواصل الاجتماعي- من ارتفاع الأسعار في أسواق دير البلح واختفائها من المحال التجارية وبسطات الباعة المتجولين حيث قالت: "ذهبت لشراء زجاجة سيرج لعمل الفلافل كطبخة رسمية، لكن لم أجد إلا عند بائع واحد فقط وببيع الـ ١٠٠ جرام فقط، للحظة فكرت حالي بمحل ذهب، قررت ألغي الطبيخ والأكل بكل هالفترة بحياتي".
وفي السياق ذاته علق النازح مدحت أبو السعود على إغلاق الأسواق في الجنوب قائلًا: "إحنا الشعب إحنا اللي صوتنا لازم ينسمع.. إحنا بنموت.. وأنت عايش على معاناتنا.. عاش الأحرار".