تشهد الأسواق في شمال قطاع غزة أزمة حقيقية باختفاء غالبية الأصناف والسلع الغذائية، وارتفاع الأسعار بشكل غير مسبوق لما تبقى منها إن وجد، ما تسبب باشتداد المجاعة بشكل أكبر عما كانت عليه بداية حرب الإبادة التي تشنها "إسرائيل" بدعم أمريكي منذ السابع من أكتوبر 2023.
وأمام الغلاء الفاحش اتخذ المواطنين شمال قطاع غزة قرارًا حاسمًا بإغلاق أسواقا مركزية منها "الصحابة" و"الساحة" و"عمر المختار" بمدينة غزة احتجاجا على ارتفاع الأسعار، إذ اتهم المواطنون بعض التجار باستغلال غياب الرقابة والمحاسبة لرفع الأسعار.
الشاب فارس عليوة لم يتخيل مطلقًا بأن يعيش وأسرته على بضع حبات من الخضروات طوال أسابيع عدة، مؤكدًا وجود فرق شاسع بين أسعار المنتجات والسلع في بداية الحرب وما هي عليه الآن بعد مرور عام وشهر (398 يومًا).
ووصف عليوة خلال حديثه مع مراسل "شمس نيوز" ما تشهده الأسواق شمال القطاع بالمأساة والكارثة الحقيقية التي تُمهد الطريق للعودة إلى المجاعة، حيث ألقى باللوم على الاحتلال الإسرائيلي أولًا ثم اتهم التجار بالتحكم بالأسعار وباختفاء السلع والمنتجات من الأسواق.
يُشير عليوة الذي كان يعمل عامل بناء قبل الحرب إلى أن 200 شيكل كانت تكفيه لمدة أسبوع كامل أما اليوم في ظل الحرب والغلاء الفاحش فهي لا تكفي لإعداد وجبة واحدة من الطعام، قائلًا: "لم أتخيل أن أشتري فص الثوم بالدرس، ولم أتوقع أن أشتري -قرن- فلفل أو حبة طماطم واحدة فقط لإعداد وجبة الغداء لأطفالي".
ولفت إلى أن إعداد وجبة طعام لشخص واحد تزيد عن 200 شيكل، متسائلًا: "كيف سيكون حال من لديه 5 أطفال أو من يُعيل 10 أشخاص في ظل انعدام فرص العمل وقلة توفر السيولة"، مبينًا أن الخضروات اختفت من الأسواق بسبب جشع التجار.
ويبلغ سعر كيلو الباذنجان -الحبة الكبيرة- نحو 35 شيكل بينما علبة الصلصة التي كانت تباع بـ 2 شيكل باتت تباع بـ 10 شيكل.
وعلى جانب آخر من أحد الطرق يجلس المواطن سيف الشوبكي يأكله الهم والحزن بسبب الغلاء الفاحش واختفاء الطعام من الأسواق قائلًا: "كل شيء اختفى من الأسواق، وأصبحنا ننسى أشكال وأحجام الفواكه والخضروات، قبل الحرب كنا نشتري كل ما تحتاج الأسرى لمدة أسبوع كامل بـ200 شيكل أما اليوم الـ200 شيكل لا تكفي لسد رمق أطفالنا في يوم واحد".
وعدد الشوبكي خلال حديثه لـ"شمس نيوز" الأسعار الفلكية للطعام، فسعر كيلو الفلفل يصل إلى 400 شيكل وكيلو الطماطم 200 شيكل والدجاج 300 شيكل"، وفيما يتعلق بالمساعدات قال: "لا تدخل مساعدات شمال قطاع غزة بأمر من جيش الاحتلال والهدف منها تجويع أهالي شمال القطاع".
ويخشى الشوبكي استمرار تناول المعلبات لما تسببه من أمراض ونقص فيتامينات لدى الأطفال، مع إشارته إلى أن أسعار المعلبات عالية جدًا، وأرجع سبب الغلاء الفاحش واختفاء السلع والبضائع من الأسواق لجشع بعض التجار الذي وصفهم بـ"تجار الحرب".
فيما يقول المواطن حاتم شلدان: "عندما قررت قوات الاحتلال منع إدخال المساعدات والشاحنات التجارية إلى شمال قطاع غزة اتخذ التجار خطوات سريعة وأخفوا السلع والبضائع بشكل عاجل ورفعوا الأسعار أضعاف مضاعفة عما كانت عليه سابقًا، مستذكرًا سعر علبة الجبنة فكان سعرها 60 يوما وبعد 24 ساعة باتت تباع بـ65 شيكل إلى أن وصل سعرها اليوم إلى 75 شيكل.
وأوضح شلدان وهو صاحب بسطة صغيرة أن الفرق بين الأسعار كبيرة جدًا ما قبل وخلال أيام حرب الإبادة، وضرب مثالًا عن سعر شوال السكر إذ كان يباع قبل الحرب بـ150 شيكل، أما اليوم يحتاج إلى 3000 شيكل، سعر كيلو الرز الذي يباع بـ7 شيكل قبل الحرب بات يباع اليوم بـ60 شيكل، وأكد أن السبب الأول هو الاحتلال والثاني اختفاء الرقابة والمحاسبة والثالث عدم وجود وازع ديني لدى بعض التجار.