غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

الغزي حمد يُصلح ألواح طاقة شمسية لكسر عتمة الحرب

الشاب حمد يصلح ألواح الطاقة.jpg
شمس نيوز -الأيام

لم يبقَ صنف من الإبادة الجماعية إلا ومارسته إسرائيل في قطاع غزة المحاصر، فأجهزت على المواطنين بالقتل والتجويع والتهجير ونسف المنازل وقطع الإمدادات عنهم، بما في ذلك توقيف العمل بمحطة توليد الكهرباء، لتزيد عتمة الظلم ظلاماً.

إلا أن المواطنين الذين انعدمت الخيارات أمامهم، راحوا يبحثون عن بدائل تعينهم على البقاء، فابتكروا حلولاً جزئية لأزماتهم المتلاحقة، بما فيها أزمة انقطاع التيار الكهربائي.

في مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة، أعاد الشاب محمد حمد (30 عاماً) تفعيل ألواح الطاقة الشمسية المتضررة بفعل الغارات والهجمات الإسرائيلية المتواصلة، للتخفيف من تداعيات أزمة انقطاع التيار الكهربائي.

ومنذ أكثر من عام، يعيش سكان قطاع غزة في ظلام دائم جراء انقطاع التيار الكهربائي، بعد أن أوقفت إسرائيل محطة توليد الكهرباء الرئيسية عن العمل، وتدمير البنية التحتية والشبكات وخطوط الكهرباء.

وفي 7 تشرين الأول 2023 ومع بداية العدوان الإسرائيلي على غزة، أعلن يسرائيل كاتس الذي كان حينها وزيراً للطاقة والبنية التحتية، قطع إمدادات الكهرباء عن القطاع، كما أمر وزير الدفاع السابق يوآف غالانت بقطع إمدادات الماء والوقود، واصفاً الفلسطينيين بأنهم "حيوانات بشرية".

وأثرت تلك الإجراءات العقابية على محطات تحلية المياه والآبار، ما تسبب بأزمة مياه خانقة في قطاع غزة، لتترك إسرائيل الفلسطينيين يقاسون العطش والجوع معاً، وسط ظلام دامس، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية في العالم.

وسط هذه الحالة المأساوية التي خلقتها دولة الاحتلال، برزت الطاقة الشمسية كحلّ ضروري للمواطنين في غزة، لكن القصف الإسرائيلي المستمر ألحق أضراراً كبيرة بألواح الطاقة الشمسية، ما هدّد هذا الحل البديل بالانهيار.

الشاب حمد يمتلك خبرة 12 عاماً في مجال الكهرباء، خصص معظم وقته لإصلاح الألواح الشمسية المتضررة في خان يونس، عملاً بالقول المأثور: "أن تشعل شمعة خير من أن تلعن الظلام".

وقال: "الكهرباء هي مهنتي ومجال شغفي، وفي ظل الحرب الإسرائيلية أصبحت صيانة الألواح الشمسية أكثر من مجرد عمل، إنه واجب تجاه أهلي في قطاع غزة".

وبفضل مهارته وابتكاراته، استطاع محمد أن يعيد العمل لعدد كبير من الألواح التالفة، في ظل نقص الأدوات والمعدات اللازمة، حيث اعتمد على حلول مبتكرة.

وبشأن تحديات عمله، قال الشاب المكافح: "بسبب الحصار الإسرائيلي نفتقر إلى القصدير الضروري للصيانة، فبتّ أقوم بتجميعه من الألواح التالفة وتذويبه لإعادة استخدامه، كما نواجه نقصاً في مكاوي القصدير وساعات الفحص".

وتابع: "لن أسمح لهذه التحديات أن توقفني عن القيام بعملي وواجبي تجاه أهلي المنكوبين الذين يحلمون ببريق الضوء وسط هذا الظلام القاتم".

ولم يقف محمد عند حدود الحلول التقليدية، بل لجأ إلى استراتيجيات غير مألوفة لإصلاح الألواح الشمسية المتضررة. فعندما يكون اللوح متضرراً بشكل كبير، يقص الجزء المتضرر للاستفادة من الجزء الصالح، وبالتالي تقليل قدرته التشغيلية بحيث يخدم للاستخدامات الأساسية كشحن الهواتف والإضاءة.

وأوضح: "إذا كان اللوح بقدرة 320 وات كهربائي، أحياناً أقوم بإجراء عملية صيانة بإزالة الجزء المتضرر وتحويله إلى 150 وات، بما يبقي المواطنين قادرين على الاستفادة منه بشكل جزئي، رغم انخفاض كفاءته بنسبة تتراوح بين 50 و70 بالمئة".

وبفضل قدرته على الابتكار، تمكن حمد من تشغيل الألواح الشمسية المتاحة، حتى وإن كانت بقدرة متوسطة أو ضعيفة، ما وفر على العائلات التي لا تملك خيارات أخرى الكثير من الأعباء المالية الناجمة عن شحن الأجهزة في أماكن بعيدة عن منازلهم.

لم تقتصر جهود حمد على تقديم خدمات الصيانة فقط، بل حرص أيضاً على تعليم الزبائن كيفية استخدام الألواح المتضررة بطرق آمنة، حفاظاً على سلامتهم وسلامة أجهزتهم الكهربائية.

ومعبراً عن اعتزازه بصنيعه، ووقوفه إلى جانب المنكوبين في القطاع، قال حمد: "رغم التحديات، أشعر بالفخر لأنني أساعد الناس على تجاوز هذه الأزمة أو التخفيف من حدتها. فكل لوح أقوم بإصلاحه، أعلم أنني أخفف من معاناة أسرة بأكملها".

ويقف حمد أمام ورشته الصغيرة التي أقامها داخل خيمة صغيرة في منطقة المواصي غرب خان يونس، وهو يشرح لأحد الزبائن طريقة تشغيل اللوح الشمسي، حتى بقدرة أقل، ليستفيد منه بأقصى درجة ممكنة.

وتوقفت محطة توليد الكهرباء في قطاع غزة بشكل كامل عن العمل، بسبب نفاد الوقود واستمرار العدوان الإسرائيلي، ما تسبب بكارثة إنسانية على جميع الصعد الحيوية الأساسية، كالقطاع الصحي الذي يحتاج إلى مصدر مستمر للكهرباء.

وتشن إسرائيل منذ 7 تشرين الأول 2023، حرباً على غزة خلفت أكثر من 145 ألف شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة أودت بحياة عشرات الأطفال والمسنين.