ذكرت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية في تقرير لها أن " بنيامين نتنياهو، يبحث عن تسوية في لبنان ملتزماً الحذر، لكنه متجه نحو استمرار الحرب في غزة".
وكتب عاموس هرئيل المحلل العسكري بصحيفة "هآرتس": "على وقع عمليات تبادل إطلاق النار المستمرة بين إسرائيل وحزب الله، والتي تستمر كل يوم في أغلب ساعاته، هناك اتصالات مكثفة لوقف إطلاق النار بين الطرفين بتشجيع أمريكي، ويتم أحيانا تسريب توقعات متفائلة، إما من واشنطن وإما من القدس، بشأن فرص التوصل إلى تسوية عما قريب، أما التقارير التي تأتي من بيروت، فهي في الأغلب أكثر تشكيكا".
وأضاف: "لا يبدو أن هناك حماسة كبيرة لدى حزب الله أو لدى الحكومة اللبنانية لتسوية تقضي بإبعاد جميع المقدرات العسكرية للحزب عن الحدود، وتخول إسرائيل بصلاحية فرض تنفيذ الاتفاق، بما يشمل استخدام القوة المستقلة في حال حدوث انتهاكات من الجانب اللبناني، وعلى الرغم من أن كفة الحرب تميل لمصلحة إسرائيل، وعلى الرغم من أن جميع الأطراف، بما فيها إيران، معنية بوقف الحرب في الشمال على ما يبدو، فإنه ليس واضحا بعد ما إذا كان تحقيق هذا الهدف ممكنا قريبا".
وأوضح في التقرير: "لقد سارع وزير الحرب الجديد، يسرائيل كاتس، الأسبوع الماضي إلى إعلان تحقيق الانتصار على حزب الله، لكن المفاجأة بالنسبة إليه كانت أن تصريحاته كان لها وقعها، وكانت مهمة، بعكس حالها حينما كان يتولى منصبه السابق في وزارة الخارجية، وفي هذه الأثناء، تدفع قيادة الجيش الإسرائيلي، في معظمها، نحو إنهاء القتال مع حزب الله، راغبة في تسريع إنهاء الحرب على جميع الجبهات، وربما أيضا لتحقيق الإفراج أخيرا عن الأسرى الذين تحتجزهم حركة حماس في قطاع غزة".
وأشار إلى أن "هناك أيضا من يشككون بأن هذه الحماسة في السعي للتوصل إلى اتفاق الآن ربما تكون سابقة لأوانها، فعلى الرغم من سلسلة الإنجازات العسكرية الإسرائيلية في لبنان خلال الشهرين الماضيين، فإن حزب الله لم يتعرض، بحسب أصحاب هذا الرأي، لضربات كافية تمكن من ردعه لسنوات قادمة، كما حدث بعد حرب لبنان الثانية سنة 2006. لذلك، يدعو هؤلاء إلى تكثيف الهجمات على مواقع الحزب، برا: على الشريط الحدودي وحتى نهر الليطاني، وجوا: في البقاع وبيروت، لتحقيق الردع المطلوب".
وأردف المحلل العسكري: "إذا ما قمنا بمقارنة تصريحات رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بشأن لبنان بتصريحاته بشأن غزة، فإن الفارق الكبير يتضح في النبرة، ففي غزة، يستمر نتنياهو في اتخاذ موقف متشدد، وأحيانا يعد بتحقيق انتصار كامل، على الرغم من أن بعض مؤيديه بدأوا يشككون في ذلك، أما في لبنان، فهو يلتزم الحذر. يبدو أن نتنياهو يسعى لإنهاء القتال في الشمال، ومردّ ذلك لأسباب عديدة: تخفيف الضغط على قوات الاحتياط لتسهيل تمرير قوانين الإعفاء من الخدمة العسكرية تحت ضغط شركائه الحريديم، ثم السعي للحصول على صورة انتصار في الجبهة اللبنانية، وتلبية توقعات الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، الذي يولي أهمية كبيرة لإنهاء الحرب في الشمال، بينما يبدو أقل اهتماما بما يحدث في غزة".
ولفت إلى أن "إنهاء الحرب في الشمال وسحب قوات الاحتياط من هناك سيمكن نتنياهو من الاستمرار في الحرب في غزة باستخدام القوات النظامية من دون الحاجة إلى التوصل إلى صفقة".
وقال: "كما كتبت هنا سابقا، يبدو أن نتنياهو يخطط لحرب طويلة الأمد في غزة، ويتجنب التوصل إلى صفقة تبادل أسرى مع حماس، وذلك خوفا من أن يتسبب ذلك في انهيار حكومته تحت ضغط اليمين المتطرف، الذي يضغط من أجل إعادة التواجد العسكري الإسرائيلي الدائم في غزة، كتمهيد لإعادة المستوطنات هناك وتهجير السكان الفلسطينيين، على الأقل من شمال القطاع".
واختتم المحلل قائلا: "هذه الاعتبارات جميعها يمكن أن تتعارض مع حسابات ترامب، الذي يحلم، على الرغم من دعمه الكبير لإسرائيل، بتحقيق تطبيع سعودي - إسرائيلي يعيد تشكيل وجه الشرق الأوسط، ويوفر مليارات الدولارات في مبيعات الأسلحة للصناعة الأمريكية. وقد أعلن ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، شرطه، الاعتراف العلني من جانب نتنياهو بحل الدولتين. وخلال الأسابيع الأخيرة، تبنى بن سلمان موقفا أكثر انتقادا للإجراءات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين".