قائمة الموقع

ملابس "البالة".. ملاذ النازحين الوحيد من برد الشتاء وارتفاع الأسعار زمن الحرب

2024-11-18T10:51:00+02:00
ملابس البالة.jpeg
شمس نيوز - خاص

يُرتِّب "أبو محمد بدوان" مجموعةً من الملابس القديمة (البالة) بعناية على طاولة خشبية صغيرة، ويُعلِّقُ خلفه بعضاً منها، ويقول بعرضها في سوق دير البلح وسط قطاع غزة؛ لتظهر بشكل جذاب للنازحين الذين يتوافدون عليها؛ بحثاً عن كساءٍ يسترهم ويقي أطفالهم برد الشتاء، سيما في ظل تحذير الراصد الجوي من منخفضٍ جويٍّ يضرب الأراضي الفلسطينية وقطاع غزة، إيذاناً بإعلان قرب دخول الفصل الماطر، في ظل حرب الإبادة الجماعة التي تشنها "إسرائيل" على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر 2023م.

يقول "بدوان"، إنه لجأ إلى بيع الملابس القديمة لتوفير قوت عياله، بعد نزوحه من مدينة رفح جنوبي قطاع غزة، في ظل العدوان المستمر وعدم وجود أفق واضح، في ظل الغلاء الفاحش وارتفاع أسعار المنتجات".

بجواره، يُحاول "محمد" وهو الآخر صاحب "بسطة" لبيع ملابس (البالة)، إقناع أحد النازحين بجدوى تلك الملابس وملائمة سعرها مقارنةً بالظروف الحالية، يقول: "بدأتُ العمل في سوق "البالة" قبل عدة أشهر خصوصاً بعد نزوحي من رفح، ووجدتُ أن بيع الملابس المستخدمة قد يكون مُجدياً أكثر من الأعمال الأخرى، في ظل الإقبال الكبير من النازحين"، ويضيف: "حتى الموظفين يلجؤون للشراء بسبب الارتفاع الفاحش في الأسعار".

ويحرص "محمد" على شراء الملابس من أشخاص يعرفهم، ويتجنب التعامل مع أي بضائع مشبوهة أو مسروقة، مشيراً إلى أنه يحصل عليها من المواطنين الذين يبيعون الملابس الزائدة عن الحاجة؛ للحصول على لقمة العيش.

ومع استمرار الحرب على غزة وإغلاق المعابر، لا يجد النازحون سبيلاً سوى ملابس (البالة) كبديل جبري، أمام عجزهم الشديد وانعدام قدرتهم على شراء الملابس الجديدة التي وصل ثمنها أسعاراً "فلكية"، بسبب استغلال التجار واحتكارهم، وصعوبة دخولها إلى قطاع غزة.

في السابق، كانت أسعار القطعة الواحدة من تلك الملابس تتراوح بين (شيكل واحد - 3 شواكل إسرائيلية) وهو ما يعادل أقل من دولار أمريكيٍّ واحد، ولكنَّها ارتفعت بشكل "جنونيٍّ" خلال الحرب ليبلغ سعر القطعة الواحدة (80 -100 شيكل) بما يعادل ( 22 - 26 دولاراً)؛ مما يفاقم من معاناة النازحين الذين يعيشون تحت خط الفقر المدقع، وأوضاعاً اقتصاديةً صعبة للغاية.

أما النازحة "أم أحمد" تقف مع ابنتها الصغيرة، تمسك بيدها معطفاً (جاكيت) ممزقاً، وتقول: "كنا نحلم بشراء ملابس جديدة، لكننا اضطررنا لشراء ملابس البالة بسبب الغلاء".

على بُعد خطوات، يمسك النازح "أبو خليل" قميصاً قديماً، ويُحدِّق فيه طويلاً، قبل أن يسأل البائع "بدوان" عن سعره، ليًصدم بإجابة الأخير: "84 شيكلاً"، يقول "أبو خليل": "هذه الحرب لم أرَ لها مثيلاً في حياتي، حتى البالة أصبحت غالية جداً ولا نستطيع شراءها".

وفي زاوية أخرى من السوق، يعكف أحد الخياطين، على تدوير القماش، إذ يُحوِّل القطع القماشية ذات الأحجام الكبيرة، من خلالها قصها وخياطتها وتطريزتها؛ لتلائم الأطفال وتناسبهم. يقول وهو يقص إحدى الثياب الكبيرة: "هذا قماش لملابس الكبار، نقصّه لنصنع منه ملابس للصغار، وبالرغم من أن المواد الخام غير متوفرة بشكل كافٍ، إلا أننا نحاول قدر الإمكان توفيرها من خلال استخدام قماش الكنب أو الستائر؛ للتخفيف عن النازحين، وبيعها بأسعار معقولة".

 

اخبار ذات صلة