كشفت صحيفة العربي الجديد ، أن الجهود المصرية الرامية إلى التوصل إلى اتفاق بين حركتي فتح وحماس بشأن تشكيل لجنة مشتركة لإدارة قطاع غزة، توقفت منذ فترة، وذلك بعد فشل آخر لقاء جمع ممثلي الحركتين في القاهرة، مطلع الشهر الحالي.
وأكدت المصادر أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس رفض حتى الآن إصدار قرار بتشكيل لجنة إدارة غزة ما عرقل تحقيق أي تقدم في هذا الملف.
خريطة طريق لما بعد الحرب
وفي السياق قالت مصادر مصرية لـ"العربي الجديد"، إن القاهرة "تعمل على التفاهم مع القوى الدولية، مثل الولايات المتحدة والأمم المتحدة، بالإضافة إلى الدول الإقليمية ذات التأثير المباشر مثل قطر وتركيا"، مضيفة أن "هدف هذه الجهود وضع خريطة طريق لمرحلة ما بعد الحرب، تشمل إعادة إعمار القطاع وتمكين السلطة الفلسطينية من استعادة دورها في إدارة الشؤون المدنية والأمنية".
وبموازاة الحديث عن تشكيل لجنة إدارة غزة لفتت المصادر إلى أنه "على الرغم من تعثر ملف المصالحة، تستمر مصر في إرسال المساعدات الإنسانية إلى غزة عبر معبر كرم أبو سالم، مع التركيز على توفير الإمدادات الطبية والغذائية العاجلة، كما تتعاون مع المنظمات الدولية لضمان إيصال المساعدات بفاعلية إلى المحتاجين".
وأشارت إلى أن التحركات المصرية "تعكس رؤية شاملة لتحقيق استقرار مستدام في القطاع من خلال معالجة القضايا الإنسانية والسياسية على حد سواء". وترى القاهرة، وفق المصادر "أن نجاح جهودها يعتمد على تحقيق توافق فلسطيني داخلي وتهيئة الأجواء لتفاهمات دولية وإقليمية تضمن إعادة إعمار غزة بشكل منصف".
وشدّدت المصادر المصرية على أنه "رغم العقبات التي تواجه مسار المصالحة، تبقى مصر ملتزمة بلعب دورها المحوري في تعزيز وحدة الصف الفلسطيني، وتهدئة التوترات في المنطقة، والعمل على وضع حلول طويلة الأمد للقضية الفلسطينية".
موافقة مبدئية على تشكيل لجنة إدارة غزة
و قال عضو المكتب السياسي لحركة حماس، محمد نزال، إن الحركة "أجرت حوارات معمقة مع وفود قيادية على أعلى المستويات من مختلف القوى الفلسطينية، بما في ذلك حركة فتح والجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية والجبهة الديمقراطية والمبادرة الوطنية". وأشار إلى أن "الحوارات تناولت عدة محاور رئيسية، من بينها وضع غزة بعد توقف الحرب، مع التركيز على ضرورة ترتيب البيت الداخلي الفلسطيني".
وأضاف نزال أن حركة حماس "أبدت انفتاحاً على جميع الأفكار والمقترحات، وقدمت تصورات وآليات عملية لمستقبل قطاع غزة، بما في ذلك مشروع تشكيل إدارة وطنية مدنية للقطاع، والتي تحظى بتوافق وطني فلسطيني". وبشأن لجنة إدارة غزة شدّد على أن "فكرة تشكيل إدارة مدنية لقطاع غزة لاقت موافقة مبدئية من الفصائل الفلسطينية، رغم انتظار الموقف النهائي لحركة فتح، التي طلبت مهلة للتشاور مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس".
وفي السياق، صرّح مصدر قيادي في حركة حماس، بأن "الأمور توقفت عند رد حركة فتح التي طلبت الرجوع للرئيس عباس قبل اتخاذ أي قرار"، مشيراً إلى أن "ذلك حدث في أعقاب لقاءات القاهرة الأخيرة".
وأضاف القيادي أن "عباس نفسه زار القاهرة بالتزامن مع اللقاءات، لكن ذلك لم يحقق أي اختراق في الملف".
وأوضح أن "الفكرة التي ناقشتها حماس مع كل الفصائل، بما فيها حركة فتح، تتمثل في إنشاء قيادة وطنية لإدارة غزة خلال وبعد الحرب"، مشدّداً على أن "الباب لم يغلق بعد، واحتمالية الوصول إلى نتيجة ما زالت قائمة"، كما أعرب عن أمله في "رد إيجابي من حركة فتح للتخفيف من معاناة شعبنا في قطاع غزة".
وفي سياق متصل، طالب مندوب مصر لدى الأمم المتحدة، أسامة عبد الخالق، خلال اجتماع في مجلس الأمن ليل الثلاثاء- الأربعاء، بتمكين السلطة الفلسطينية من تولي إدارة قطاع غزة. واعتبرت مصر أن وجود إدارة فلسطينية موحدة يعد خطوة ضرورية لتحقيق استقرار طويل الأمد في القطاع، ولضمان نجاح جهود إعادة الإعمار. في هذا الصدد، قال المساعد السابق لوزير الخارجية المصري، السفير رخا أحمد حسن، لـ"العربي الجديد"، إن "التنسيق المصري متواصل مع الولايات المتحدة وقطر لإعداد فريق إداري مستقل، يضم شخصيات لا تنتمي إلى أي فصيل فلسطيني، لإدارة القطاع سياسياً وأمنياً، بالتوافق بين حماس والسلطة الفلسطينية، مع موافقة جميع الأطراف ذات الصلة".