غزة

19°

وكالة شمس نيوز الإخبارية - Shms News || آخر أخبار فلسطين

أغلى من مهر العروس.. "الحمير" تتربع على عرش الغلاء الفاحش في غزة

أسعار الحيوانات في غزة
شمس نيوز - وليد المصري

بالقرب من شارع "المسلخ" غربي مدينة خانيونس جنوبي قطاع غزة، ينشغل "سيد"، في جدال مع أحد الزبائن حول تفاصيل سعر بيع حماره الرمادي فاتح اللون، وبعد احتدام الاختلاف بينهما، قال الزبون بحاجبين معقودين: "يا سيد، أنا مش أول مرة أشتري حمار، السعر إللي بتطلبه غالي، كيف بدي أدفع هيك مبلغ في هاد الوقت والحرب وأنا يا دوب أقدر أجيب أكل لأولادي"، ليرد عليه الأول الذي كان يمسك بلجام حماره، وقد بدأ يزفر بأنفاسه وصبره على وشك النفاد: "يا رجل، شوف منيح وين بدك تلاقي مثل هذا الحمار؟ أنا كنت أجر عليه كارة مليانة حمولة بدون ما يتعب، ولولا الحاجة ما اضطريت لبيعه".  

في هذه اللحظة، تدخل "محمود بربخ" الذي كان يراقب حوار الطرفين، وهو معروف في السوق كـ"دلَّال وخبير في تجارة الحمير"، وبابتسامة مكرٍ تُخفي خبرته الطويلة في حل مثل هذه النزاعات، قال: "عشان الحرب والظروف صعبة خلينا نقسم البيدر بالنص، ونرضي الطرفين"، وبعد الانتهاء من شرح تفاصيل عرضه، ظهرت بوادر الرضا على وجه "سيد"، ثم نظر إلى الزبون الذي تقدَّم ووضع يده متفحصاً الحمار وأخذ في التفكير للحظات قبل أن يمد يده ليصافح "سيد"، في إشارة إلى القبول وإتمام الصفقة.

أضحت الحيوانات لا سيما "الحمير" وسيلة النقل الأساسية لدى أهالي قطاع غزة الذين يرزحون تحت حرب إبادة جماعية تشنها "إسرائيل" منذ 414 يوماً، وتفرض حصاراً مطبقاً جوياً، وبرياً، وبحرياً، على القطاع، وتضع قيوداً صارمة على إدخال السولار والوقود في ظل عدم قدرة أهالي القطاع على شرائه بسبب الارتفاع الكبير في أسعاره، بعد سيطرة قوات الاحتلال الإسرائيلي على معبر رفح البري. 

لكن أسعار الحيوانات -الحمير تحديداً- هي الأخرى، وصلت أرقاماً "فلكية"، إذ تجاوزت حاجز 3500 دينار أردني خلال الحرب، وهو مبلغٌ باهظٌ جداً بالنسبة للقطاع الذي يعاني أوضاعاً كارثية صعبة للغاية، مع الإشارة إلى أن أسعار الحمير كانت لا تتجاوز 1000 دينار قبل حرب الإبادة.

يقول بربخ، لمراسل "شمس نيوز": "هذا المكان (شارع المسلخ) تحول إلى سوق مزدحم لبيع الحيوانات، التي أصبحت وسيلة النقل الرئيسية في قطاع غزة بسبب الحرب وارتفاع أسعار الوقود"، مضيفاً: "لكن أسعار الحيوانات -الحمير- ارتفعت بشكل جنوني نتيجة الغلاء الفاحش في الشعير والتبن (..)". 

في زاوية أخرى من سوق بيع الحيوانات، يبحث "سمير" وهو نازح من شمال قطاع غزة، عن "حيوان “حمار” بمواصفات جيدة"، بعد أن أجبرته الحاجة الشديدة إلى إيجاد مصدر رزق له وتوفير قوت لعائلته وأسرته في ظل تفشي المجاعة في جنوبي قطاع غزة، لكنه يصطدم كل مرة بغلاء أسعارها.

يقول: "لا يوجد سولار، والناس أصبحت تستعين بالحيوانات للنقل والتوصيل للبيوت، والدواب غليت أسعارها ومش قادرين نشتريها".

أما وائل أبو عرمانة، وهو تاجر معروف ولديه خبرة طويلة في بيع الحيوانات، فيصف الأسعار بأنها غير مسبوقة و”فاحشة".

ويضيف: "حتى من يتسنى له تدبير ثمن الحيوان -الحمار-، سيكون عليه أيضاً تدبير طعام له في ظل نقص الشعير وارتفاع أثمان بدائله".

كما ارتفع سعر الشعير اللازم لإطعام الحيوانات، إذ وصل ثمن الرطل الواحد (3 كيلوغرامات) إلى أكثر من 100 شيكل إسرائيلي وهو ما يقارب (30 دولاراً أمريكياً)، مقارنة بـ 5 شواكل إسرائيلية (1.3 دولارات أمريكية) قبل الحرب.

لمتابعة آخر المستجدات الميدانية والسياسية للحرب على غزة اشترك بقناة شمس نيوز على منصة تيلجرام

ويشكو المواطنون والنازحون من ارتفاع تكلفة النقل عبر العربات التي يجرها حيوان، حيث يضطرون -على سبيل المثال- لدفع مبلغ 7 شواكل (1.8 دولار) للانتقال من شارع البحر بمدينة خانيونس إلى منطقة المواصي، وهو تقريباً ضعفي ما كانوا يدفعونه لسيارات الأجرة قبل الحرب (2 شيكل فقط).

وفي المقابل، يرى أصحاب تلك العربات التي يجرها الحيوان، أن الأسعار عادلة، خاصة مع تضاعف تكلفة طعام الحيوانات، والإرهاق الذي يصيبها في التنقل يومياً.

ويحتاج قطاع غزة إلى مليون لتر من الوقود يومياً، كي يبدأ في مرحلة التعافي، وللتمكن من إمداد المستشفيات والمرافق الحيوية مثل المخابز ومحطات تشغيل آبار المياه ومحطات الصرف الصحي وغيرها من المرافق المُهمَّة، وفقاً للمكتب الإعلامي الحكومي.