قائمة الموقع

خبر غزة تئن تحت وقع الحصار وتعطيل الإعمار

2015-05-24T19:53:23+03:00

تقرير وإعداد: تهاني الناصر ومحمد الشريف 

يجلس المواطن “جمعة الغول” وأخوه “أحمد” وابن أخيه “إسماعيل” على أنقاض منزلهم الذي دمرته طائرة حربية إسرائيلية خلال العدوان الأخير على غزة، وحولته إلى مقبرة جماعية لعشرة من أفراد عائلتهم، وبقوا هم أحياء شهداء على هذه الجريمة البشعة.

يشير “جمعة” إلى أن الجريمة لم تنته بدفن شهداء العائلة، إذ إن المنزل الذي تحوّل إلى كومة من الحجارة، ما زال على حاله، ووعود الإعمار ما هي إلا سراب وأضغاث أحلام مع اقتراب الذكرى الأولى للعدوان الإسرائيلي.

ولا يخفى على المواطن جمعة -35 عامًا- دوافع المماطلة في إعمار منزله، وعدم تنفيذ وعود مؤتمر القاهرة لإعادة إعمار غزة، والتي تندرج ضمن سياسة حصار غزة سياسيًّا واقتصاديًّا، المستمرة منذ فوز حماس بانتخابات 2006، وتشكيلها الحكومة الفلسطينية العاشرة برئاسة إسماعيل هنية لرفضها الاعتراف بشروط الرباعية وأهمها: “نبذ العنف والاعتراف بإسرائيل“.

ويجمع مراقبون أن “إسرائيل”، تحاول كسر المقاومة وتأليب المواطنين ضدها من خلال الحصار والتضييق، غير أن المواطن جمعة قال: “ما لم يأخذوه بالحروب لن يأخذوه بالحصار، ولا نزال على هذا العهد منذ 9 سنوات، وسنبقى حتى نعمر بيوتنا ونحرر أرضنا دون أن نتنازل عن ثوابتنا“.

وحاصرت “إسرائيل” قطاع غزة الذي يسكنه قرابة 1.8 مليون فلسطيني على مساحة لا تتجاوز 360 كلم2، من الجو والبحر والبر، ومنعت دخول البضائع للسكان، حتى حليب الأطفال والدواء وغيره من الاحتياجات الأساسية ومواد البناء، الأمر الذي أثر سلبًا على جميع مناحي الحياة في القطاع، خاصة القطاع الصحي، الأمر الذي أودى بحياة أكثر من 400 فلسطيني من الأطفال والنساء والشيوخ، كانوا يعانون من أمراض مزمنة.

أضف إلى ذلك؛ شن الجيش الإسرائيلي ثلاثة حروب عدوانية كان آخرها قبل عام تقريبًا، أوقعت عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى، إضافة إلى دمار كبير في المنازل والأحياء السكنية والبنى التحتية، والتي ظلت على حالها دون إعمار إلى يومنا هذا.

وازداد الأمر سوءًا؛ عقب القصف الإسرائيلي لمحطة الكهرباء المركزية، الأمر الذي أغرق القطاع في أزمة لم تحل إلى يومنا هذا، وقد وقع عشرات الشهداء نتيجة احتراق بيوتهم جراء الاستخدام الخاطئ لبدائل الكهرباء من الشموع والمولدات وغيرها.

لم ترفع غزة الراية البيضاء، وواجه السكان تحديات الحصار والإغلاق، حتى اهتدوا إلى حفر الأنفاق مع مصر، والتي كانت بمثابة شريان الحياة للغزيين، حيث ساهمت في تخفيف حدة الحصار من خلال تهريب البضائع ومواد البناء والأدوية وغيرها من مستلزمات الحياة، إلى أن جاءت الثورة المصرية وفاز الرئيس محمد مرسي بأول انتخابات نزيهة تشهدها مصر، والذي أمر بدوره بفتح معبر رفح المنفذ الوحيد للفلسطينيين في غزة إلى العالم الخارجي، الأمر الذي أعاد الحياة إلى أرواح الغزيين التي أرهقتها سنوات الحصار السابقة.

لكن فرحة الغزيين بهذا الفرج لم تدم طويلاً، على إثر انقلاب 3 يوليو وإعادة تشديد الحصار على غزة وإغلاق معبر رفح وتدمير الأنفاق الأرضية بين حدود البلدين “حتى أصبح الغزيون يترحمون على زمن مبارك على سوء ما فعل بهم، فهو أرحم -في نظرهم- من قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي“.

مؤشرات صادمة

وكشف المرصد الأورو متوسطي لحقوق الإنسان عن مؤشرات وصفها بالصادمة نتيجة الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة منذ تسع سنوات.

وقالت الناطقة باسم المرصد (مها الحسيني): إن نحو 70% من سكان غزة يعانون من انعدام الأمن الغذائي، وإن معظمهم أصبحوا عاجزين عن توفير الاحتياجات الأساسية.

وأوضح التقرير الذي صدر في غزة قبل أيام، أن السلطات المصرية أغلقت معبر رفح لفترة تقدر بحوالي 70% من الوقت منذ فرض الحصار الإسرائيلي على القطاع، بينما بقي المعبر في عام 2014، مغلقًا لحوالي 66% من الوقت.

وأشار التقرير إلى أن حوالي 95% من المياه في غزة لا تطابق معايير منظمة الصحة العالمية للمياه الصالحة للاستخدام، حيث يضطر نحو 80% من السكان إلى شراء مياه الشرب، بينما تعجز العائلات الفقيرة جدًا عن توفير مياه صالحة للشرب لتغطية كافة احتياجاتها اليومية.

وأوضح التقرير أن العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة صيف 2014، فاقم أزمة القطاع على كافة المستويات، حيث تسبب في دمار غير مسبوق للبنية التحتية، وأدى إلى تردي الأوضاع الاقتصادية -المتدهورة أصلاً- بفعل الحصار، إذ إن نصف سكان القطاع عاطلون عن العمل.

وذكر التقرير أن نحو ثلث الأطفال الجرحى في العدوان الأخير سيعانون من إعاقات طويلة الأمد، بينما لا يزال هناك نحو عشرة آلاف نازح يعيشون حاليًا في مدارس تابعة للأونروا.

ولفت التقرير إلى أنه تم تقديم نحو 17% فقط من مجموع التعهدات المعلنة في مؤتمر إعادة الإعمار الذي عقده المجتمع الدولي في القاهرة، حيث تعهدت الدول المشاركة بتقديم 5.4 مليارات دولار.

وقال المرصد: إن عملية إعادة الإعمار قد تتطلب نحو 23 عامًا إذا استمرت الأوضاع في القطاع على ما هي عليه الآن.

ومن جهته؛ أفاد البنك الدولي بأن معدلات البطالة في صفوف سكان قطاع غزة بلغت أرقامًا قياسية هي الأعلى على مستوى العالم بنسبة وصلت إلى 43%، غالبيتها من الشباب وخريجي الجامعات.

واتهم البنك في أحدث تقرير له، “إسرائيل” و”مصر” بفرض الحصار المشدد على قطاع غزة

ونسب التقرير للمدير الإقليمي للبنك الدولي في الضفة الغربية وغزة (ستين لاو يورغنسن) القول: إن الحصار الحالي وحرب 2014 كان لهما تأثير سلبي كبير على اقتصاد غزة ومصادر معيشة الأفراد، حيث اختفت صادرات القطاع فعليًّا وتقلص التصنيع المحلي إلى 60%.

وأكد أن هذا الحصار تسبب في انخفاض إجمالي الناتج المحلي إلى النصف، مشيرًا إلى أن نصيب الفرد من الدخل العام أقل بنسبة 31 في المائة مما كان في عام 1994.

وأشار إلى أنه لولا القيود الصارمة والحروب التي تعرض لها القطاع، لكان الاقتصاد الغزيّ أكبر بأربعة أضعاف ما هو عليه الآن.

ولفت التقرير الذي سيصدر رسميًّا في مؤتمر المانحين في بروكسل الأسبوع المقبل، إلى سوء جودة الخدمات الأساسية في غزة؛ مثل: الكهرباء، والمياه، والصرف الصحي.

ولإعلاء صوت غزة، من وسط عتمة الحصار، أطلق نشطاء على موقع التواصل الإجتماعي تويتر هاشتاق #9YearBlockade وذلك لفت أنظار العالم إلى الحصار الخانق الذي يدخل عامه العاشر.

حملات لكسر الحصار:

بدوره؛ أكد رئيس الحملة الأوروبية لرفع الحصار عن غزة الدكتور “مازن كحيل” أن أي اعتداء من طرف الاحتلال على أسطول الحرية الثالث المتجه إلى قطاع غزة سيكلفه ثمنًا كبيرًا.

وأشار كحيل في تصريح صحفي، إلى أن الحملة الأوروبية تعمل جاهدة لتجاوز أي عقبات يمكن أن تقف في مسيرة الأسطول، عبر الحشد السياسي والشعبي في كافة المدن والعواصم الأوروبية، دعمًا ومساندة لتحركاته، وللضغط على سلطات الاحتلال بألا تعتدي على النشطاء الدوليين على متن الأسطول، مؤكدًا أن الأسطول تشارك فيه شخصيات رسمية وبرلمانية أوروبية ودولية رفيعة المستوى.

من جانبه قال “زياد العالول” نائب رئيس الحملة: “إن الجهود التي تبذلها الحملة متواصلة على مدار اللحظة، ويجري التحضير والإعداد من قبلهم لضم سفن أخرى للأسطول خلال الأيام المقبلة”، مشددًا على ضرورة رفع الحصار بشكل فوري وعاجل عن قطاع غزة.

وكانت الحملة الأوروبية لرفع الحصار عن غزة قد شاركت بأسطول الحرية الذي انطلق باتجاه قطاع غزة في 29 مايو 2010، محملاً بعشرة آلاف طن من التجهيزات والمساعدات، والمئات من الناشطين الساعين لكسر الحصار الذي كان قد بلغ عامه الثالث على التوالي.

شاركت شخصيات كثيرة في قافلة كسر الحصار من 50 دولة مختلفة، وكان من أبرز المشاركين فيها: أعضاء من البرلمان الأوروبي، والألماني، والإيطالي، والأيرلندي، وأعضاء آخرين من البرلمان التركي، والمصري، والكويتي، والمغربي، والجزائري، والأردني، وكذلك أعضاء عرب من الكنيست الإسرائيلي، بالإضافة إلى أكثر من 750 شخصية ناشطة في المجال الحقوقي تضم عددًا من الإعلاميين.

وحذر الكيان الصهوني من أنه سيستخدم القوة لاعتراض القافلة، وسيرحل الناشطين الموجودين على متنها. حيث قال متحدث باسم جيش الكيان الصهيوني:إأن سفنا حربية صهيونية قد تحركت إلى عرض البحر لاعتراض قافلة السفن، ومنعها من الوصول إلى غزة، وكسر حصارها.

وفي فجر يوم 31 مايو 2010 بعد الساعة الرابعة فجرًا؛ تم الهجوم على سفن أسطول الحرية في المياه الدولية من قبل القوات الصهيونية؛ حيث قتل 9 وأصيب أكثر من 26 من المتضامنين، في أحداث وصفتها مصادر عديدة “بالـمجزرة” و”الجريمة” و”إرهاب الدولة” وقد نفّذت عملية الهجوم على الأسطول قوات صهيونية خاصة، حيث استخدمت هذه القوات الرصاص الحي والغاز. وروى شهود عيان ممن كانوا على متن سفينة مرمرة التركية، أن قوات البحرية الصهيونية قامت بإضعاف البث حتى لا يستطيع الإعلاميون نقل الحدث إلى العالم.

فيديو يوضح جزءًا من هجوم جيش الكيان الصهيوني على الأسطول:

يُشار إلى أن الحملة الأوروبية لرفع الحصار عن غزة تم تأسيسها في العام 2007 ، وينضوي تحتها عشرات المؤسسات ومئات المتضامنين الغربيين.


اخبار ذات صلة