لم يكن إعلان المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) فيليب لازاريني، بإيقاف إيصال المساعدات إلى قطاع غزة بسبب استيلاء عصابة مسلحة على شاحنات أغذية يوم السبت الفائت، خبرًا عاديًا على النازحين، بل صادمًا وحزينًا؛ إذ يعتمدون بشكل كبير وأساسي على المساعدات التي توزعها الأونروا على الآلاف من النازحين داخل مدارس الوكالة.

يجلس ياسر العمارين على باب خيمته داخل مدرسة تابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين "أونروا"، واضعًا كفًا على كف، ويتأفف من الخبر الذي نزل عليه كالصعقة يقول لمراسل "شمس نيوز": "أشعر بالحزن والألم نتيجة توقف الأونروا من توزيع المساعدات الإنسانية لا سيما كيس الطحين".

وكان العمارين ينتظر إدارة مدرسة الأونروا لتوزيع كيس طحين؛ من أجل إطعام أبنائه الصغار فتات الخبز، بعدما ارتفع سعر كيس الطحين الـ (25 كيلو إلى 650 شيكل نحو 200 دولار أمريكي)، إلا أن قرار لازاريني أثار غضبه وحزنه الشديد.

ويعتمد العمارين على ما توزعه إدارة مدرسة الأونروا من مواد تموينية من أرز وسكر ومعلبات وبسكويت وطحين لإشباع أطفاله الصغار الذي وصل بهم الحال إلى حد المجاعة، لافتًا إلى انه يُعيل نحو 7 أفراد إضافة إلى 6 آخرين هم أبناء شقيقه الشهيد.

ويضيف: "أولادي وأولاد شقيقي الشهيد يشعرون بالجوع الشديد؛ لعدم توفر الطعام اللازم منذ عدة أشهر لارتفاع الأسعار بشكل جنوني نفسي بحبة بندورة ورغيف خبز، نعيش على بعض المعلبات من عدس وفول"، كان قد أخفاها العمارين لمثل هذه الأوقات الصعبة.

"هيك خربت ع الأخر".. بهذه الكلمات عبر النازح يوسف بعلوشة عن صدمته للخبر الذي أعلنه فيليب لازاريني عن توقف الأونروا من إدخال شاحنات الأغذية قائلًا: "بالأمس القريب أعلن برنامج الأغذية العالمي توقف أنشطتهم احتجاجًا على استهداف الاحتلال لبعض الموظفين بشكل مباشر ما أدى لاستشهاد 3 من العاملين، واليوم تعلن الأونروا توقف ادخال المساعدات الغذائية إلى القطاع".

لمتابعة آخر المستجدات الميدانية والسياسية للحرب على غزة اشترك بقناة شمس نيوز على منصة تيلجرام

ويقول بعلوشة: "إن معظم القطاع يعتمد بشكل أساسي على المساعدات الإغاثية "مع العلم أن جل سكان غزة يعتمدون على المعونات التي تقدم عبر هذه المنظمات الدولية، وما يجري الآن تكريس للمجاعة، والظروف الإنسانية من سيء إلى أسوأ، فالنازحون لا يتوفر لديهم طعام حتى المادة الأساسية وهي الطحين"

 

انقذوا ما تبقى من أرواحنا

تتأفف أم محمد عبدو بشكل لافت أثناء وقوفها على باب مدرسة للأونروا وهي تقول: "والله اتعبنا يا عالم، من وين انجيب أكل لأولادنا، الأونروا وقفت المساعدات والغذائي العالمي وقف كمان، طيب مين يدخل الأكل والشرب التجار الفجار يا عالم ارحمونا وانقذوا ما تبقى من أرواحنا".

نزحت أم محمد من مدينة غزة واستقرت بعد 5 عمليات نزوح داخل خيمة من النايلون على حائط يتبع لإحدى مدارس الأونروا وتقول: "أعيل 4 أطفال وزوجي مصاب جراء الحرب، واعتمد بشكل أساسي على ما تقدمه الاونروا من مساعدات اغاثية وإنسانية".

وتوضح أم محمد بأن أبنائها يعانون من سوء تغذية لعدم توفر الأغذية المناسبة واللازمة لأجسادهم، ومنذ أسابيع عدة تعتمد ام محمد على العدس والفول لإطعام أبنائها الصغار بالمعلقة، مؤكدة أنها لا تستطيع شراء رغيف خبز بسبب الغلاء الفاحش.

وناشدت أم محمد الأونروا والمنظمات الاغاثية للعمل بسرعة على إدخال المساعدات الإنسانية والاغاثية للنازحين بسبب المجاعة والغلاء الفاحش، فما ذنب أطفالنا ينامون جوعى بسبب عصابة تسرق الشاحنات داعية العالم بالتدخل العاجل لإنقاذ أرواح أطفالنا.

وعلى يمين أم محمد كان النازح عبد الله أحمد يحمل في يده كيس من الطحين ويدخل باب إحدى مدارس "الأونروا" يقول لمراسلنا: "استدنت كيلو جرام من الطحين بسبب ارتفاع سعره بشكل جنوني في الأسواق"، متسائلًا: "كيف سيكون حالنا بعد توقف إدخال المساعدات الاغاثية والإنسانية من قبل الأونروا ومنظمات دولية أخرى؟".

وفي السياق ذاته يعتقد عبد الله أن السبب في سرقة الشاحنات من قبل بعض اللصوص هو استمرار المجاعة وعدم إدخال المساعدات بشكل كافِ من الجهات المانحة، قائلًا: "لو تم إدخال المساعدات بشكل مستمر من قبل الاحتلال الإسرائيلي لشعرنا بانخفاض الأسعار في الأسواق وتوقف اللصوص من اللحاق بشاحنات الأغذية".

ويضيف عبد الله: "أمام أزمة شح المواد الأساسية والإغاثية يجب على الجهات الدولية والمنظمات الاستعانة ببعض العائلات الكبيرة لتأمين شاحنات الأغذية حتى وصولها إلى المخازن المؤمنة داخل المدن جنوب ووسط قطاع غزة".

 

الأونروا: الاحتلال يسمح للعصابات بسرقة المساعدات

 

قال المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، فيليب لازاريني، إن الاحتلال الإسرائيلي يسمح للعصابات وقطاع الطرق بسرقة المساعدات التي تدخل من المعابر التي يسيطر عليها على حدود غزة على بعد مئات الأمتار منه دون التدخل.

وأعلن "لازاريني"، في تصريح له نشره على منصة "إكس"، اليوم الاثنين، أن وكالة "الأونروا" علّقت الأحد 01 ديسمبر/كانون الأول إدخال المساعدات الإنسانية من معبر كرم أبو سالم بسبب عدم أمان قوافل المساعدات والعاملين عليها.

وبين مفوض "الأونروا"، أن معبر كرم أبو سالم غير آمن بالمطلق، مشيرا إلى أن عصابات مسلحة سرقت في 16 نوفمبر/تشرين الثاني قافلة كبيرة من شاحنات المساعدات.

وأضاف "بالأمس حاولنا إدخال عدد قليل من شاحنات الأغذية عبر الطريق نفسه وتم الاستيلاء عليها جميعها".

وأكد "لازاريني" أن العملية الإنسانية باتت "مستحيلة" بسبب "الحصار الإسرائيلي المستمر والعوائق التي تضعها سلطات الاحتلال والقرارات السياسية التي تقيّد كمية المساعدات، ونقص الأمان، واستهداف الشرطة المحلية الذين يقومون بتأمين المساعدات".

وحمل مفوض "الأونروا"، "إسرائيل كامل المسؤولية عن تأمين وحماية عمال المساعدات والإمدادات، مؤكدا أنه "يجب عليها ضمان تدفق المساعدات إلى غزة بأمان والامتناع عن شن هجمات على عمال الإغاثة".

وتأتي تصريحات لازاريني غداة مقتل ثلاثة من المتعاونين مع منظمة "وورلد سنترال كيتشن" الخيرية الأميركية، قبل عدة أيام، باستهداف سيارة كانوا يستقلونها أثناء تأديتهم واجبهم الإنساني.

وكانت الأونروا قد حذرت من أن الفلسطينيين في غزة باتوا يعتمدون حصرا على المساعدات الإنسانية في ظل التقويض المستمر لقدرة الأمم المتحدة على الوفاء بتفويضه.

 

الأردن تدعوا لإدخال المساعدات فورًا

يُشار إلى أن وزير خارجية الأردن أيمن الصفدي دعا اليوم الاثنين، المجتمع الدولي للممارسة "كل أشكال الضغط الممكنة" على "تل أبيب"؛ لتسمح بدخول المساعدات إلى قطاع غزة الذي يشهد حرب إبادة إسرائيلية منذ أكثر من 14 شهرا.

وقال الصفدي في "مؤتمر القاهرة الوزاري لتعزيز الاستجابة الإنسانية في غزة" الذي تستضيفه العاصمة المصرية: "الناس في قطاع غزة جوعى ولا بد من التحرك الآن"، داعيًا المجتمع الدولي إلى "ممارسة كل أشكال الضغط الممكنة على إسرائيل لإدخال المساعدات" إلى قطاع غزة.

وأكد الصفدي أن "الأردن قام بكل ما في وسعه لإدخال المساعدات إلى غزة"، مشيرا إلى أنه "يجب تمكين الأمم المتحدة من توزيع المساعدات في القطاع".

وأضاف: "الأردن طور خطة لتقييم حجم المساعدات الانسانية المطلوبة في قطاع غزة، بما لا يقل عن 250 شاحنة يوميا".