قائمة الموقع

أزمة مياه الشرب في غزة.. إنتاج متدنٍ وأوضاع كارثية تهدد صحة النازحين

2024-12-03T12:56:00+02:00
أزمة المياه في غزة .. مياه الشرب غير صالحة.jpg
شمس نيوز - خاص

يبدأ خالد أبو عاصي يومه الشاق مع إشراقة كل صباح على خيام النازحين في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة ليبحث عن مصدر للمياه الصالحة للشرب ليروي ظمأ عائلته، ويتجول أبو عاصي بخطوات متثاقلة بين أزقة المخيمات والطرقات المتعثرة وبيده "جالون" -مياه فارغ- أحيانًا كثيرة يتمكن من العثور على المياه وأحيانًا أخرى يعود بخفي حنين.

‫ودمر جيش الاحتلال الإسرائيلي منذ (السابع من أكتوبر 2023) حتى اليوم (1 ديسمبر 2024) غالبية آبار المياه في قطاع غزة؛ وهو ما دفع سكان المدينة لشرب ‫المياه الملوثة، وفقًا للمؤسسات والمنظمات المحلية والدولية.

وبعيون مليئة بالحزن والألم يَعبُر الشاب أبو عاصي طرقات مخيم النصيرات حتى يصل لمحطة تحلية مياه الشرب وهي تبتعد عن خيمته نحو 300 متر تقريبًا، يقول لمراسل "شمس نيوز": لا يوجد أماكن لتعبئة المياه الصالحة للشرب وإن توفرت بين خيام النازحين تكون بمبالغ مرتفعة لا أستطيع أن أوفرها كل يوم".

ويحتاج أبو عاص نحو 10 شيكل يوميًا لشراء المياه الصالحة للشرب له ولعائلته المكونة من 7 أفراد، ويضطر في بعض الأحيان لشراء مياه ملوثة بسبب بُعد المسافة بين خيمته ومحطة تحلية مياه الشرب، يقول: "غالبية الأيام أسير على أقدامي مئات الأمتار بدلًا من شراء مياه ملوثة تسبب الأمراض لأبنائي، لكن في أيام عدة أجد المحطة مغلقة لأسباب تتعلق بعدم توفير السولار لتشغيلها أو لأعطل أصابها".

وعندما ينقطع أبو عاصي من محطة تحلية مياه النصيرات يتجه إلى الآبار الجوفية التي تم حفرها بين خيام النازحين فيُشير إلى أنها ملوثة وذات رائحة كريهة، قائلًا: "في هذه اللحظة ‫نعمل على غليها على نار الخشب قبل أن نشربها ولا يوجد بديل؛ لذلك نضطر ‫لشربها كي نبقى أحياء".

ويمتد نقص المياه بشكل كبير في كافة أنحاء قطاع غزة من شماله إلى جنوبه بسبب ما خلفته آلت القتل الإسرائيلية خلال حرب الإبادة الجماعية المستمرة.

 

المهندس الجدي: المحطة تنتج نصف القدرة الإنتاجية الطبيعية

 


 

في السياق أكد مدير دائرة المياه والصرف الصحي في مدينة النصيرات المهندس محمد الجدي أن محطة تحلية مياه الشرب في مخيم النصيرات تأثرت سلبًا منذ بداية حرب الإبادة الجماعية سواء فيما يتعلق بالقدرة الإنتاجية أو نقص الوقود أو فقدان أدوات الصيانة اللازمة لتشغيل المحطة.

وأوضح الجدي في تصريح لـ"شمس نيوز" أن المحطة تعمل على استخراج المياه من الآبار الجوفية عن طريق مضخات فيرتكال بقدرة إنتاجية تقدر بـ "80 كوب في الساعة"، لافتًا إلى أن المياه المستخرجة من الآبار تكون مختلطة بمياه الصرف الصحي ما يزيد من نسبة الملوحة والفضلات ويؤدي لانتشار الأمراض بين النازحين".

وتستخدم محطة التحلية كما يبين الجدي، أنظمة مختلفة من ابريمات ومضخات تم تجهيزها مسبقًا بهدف تنقية المياه من الشوائب ويضاف إليها مادة الكلور ومواد معالجة ومعقمة ثم يتم ضخ تلك المياه في خزانات ليستفيد منها الناس.

وتغطي محطة تحلية مخيم النصيرات التي تعرف باسم "محطة الفرقان" كما يشير الجدي جميع مناطق مخيم النصيرات ومحيطها وحوالي 400 ألف نسمة من النازحين لتنتج حاليًا نحو 25 كوب في الساعة بدلًا من 80 كوبًا وهي أقل من نصف القدرة الإنتاجية الطبيعية، ما ينذر بمخاطر حقيقية في توريد المياه الصالحة للشرب.

ولفت الجدي إلى أن محطة التحلية الوحيدة في النصيرات تعطلت مرات عدة بسبب الحرب على غزة وهذا دفعها للعمل بطاقة إنتاجية ضعيفة جدًا، وانتشار الأوبئة والأمراض بين النازحين، مع إشارته إلى أن بلدية النصيرات تقوم بالتعاون مع مصلحة مياه الساحل والمؤسسات الشريكة بمعالجة المياه بشكل جيد من خلال استخدام مواد التعقيم وإزالة الشوائب، إضافة إلى إصلاح الشبكات التي دمرها الاحتلال بشكل فوري.

ودعا الجدي المؤسسات الشريكة والأوروبية المهتمة بصحة الانسان للمساعدة في إيصال المواد اللازمة لإصلاح محطات التحلية وسط قطاع غزة لتقديم مياه صالحة للشرب لأكثر من مليون ونصف نازح في المحافظة الوسطى بما في ذلك توفير السولار بشكل كاف لتشغيل المحطة، إضافة إلى قطع الغيار اللازمة".

لمتابعة آخر المستجدات الميدانية والسياسية للحرب على غزة اشترك بقناة شمس نيوز على منصة تيلجرام

وكان المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان قال في بيان سابقٍ: "إن استهداف إسرائيل المتواصل والمنهجي والواسع النطاق لمصادر المياه ومحطات التحلية في قطاع غزة، يظهر أنها تتخذ من التعطيش سلاحًا آخر ضد المدنيين الفلسطينيين تتعمد من خلاله تقليص مصادر المياه المتاحة لهم، وبخاصة الصالحة للشرب، وفرض المجاعة والتسبب عمدًا في إهلاك أكثر من 2.3 مليون نسمة، في إطار جريمة الإبادة الجماعية الحاصلة منذ أكتوبر 2023".

 

ألحقت خسائر لقرابة 80% من مرافق المياه

من جهته قالت سلطة المياه إنّ المياه في مختلف أنحاء قطاع غزة لا تصل إلى الحد الأدنى الموصي به عالميًا لبقاء الإنسان على قيد الحياة، بسبب الحرب الإسرائيلية التي دمرت وألحقت خسائر لقرابة 80% من مرافق المياه.

وأوضحت سلطة المياه في بيانٍ لها اليوم الثلاثاء "إنّ ما يشهده قطاع غزة اليوم هو انعدام لأهم مقوم من مقومات الحياة وهو المياه، حيث من المفترض أن يصل للفرد يوميًا 15 لتر مياه، لكن ذلك لا يحصل بسبب العدوان والحصار.

وأكدت سلطة المياه" أن هذا التدمير الكبير في البنية التحتية أدى إلى أن المواطنين في غزة لم يحصلوا على حصتهم الموصى بها من المياه، وتسبب في انخفاض حصة الفرد من المياه إلى مستويات غير كافية.

وأشارت إلى أن النقص الكبير في المياه أدى إلى تدفق المياه العادمة في الشوارع والأحياء، بما في ذلك مناطق تجمعات النازحين.

 


 

ووفقًا لسلطة المياه، فإن هذا الوضع يهدد الصحة العامة بشكل خطير، حيث يمكن أن يؤدي إلى تفشي الأمراض نتيجة للمياه الملوثة في هذه المناطق المأهولة بالسكان.

وحذرت سلطة المياه من استمرار توقف محطات التحلية، التي تعد المصدر الرئيسي للمياه الصالحة للشرب، نتيجة استهدافها المباشر أو تضرر محيطها بسبب العدوان.

وأوضحت أن ثلاث محطات رئيسية توقفت عن العمل أو انخفضت طاقتها الإنتاجية بشكل كبير بسبب الأضرار.

وتشمل هذه المحطات محطة تحلية الشمال (السودانية)، التي توقفت تمامًا نتيجة الأضرار التي لحقت بها وتواجد القوات الاحتلالية في محيطها، ومحطة تحلية الوسطى التي تضررت الآبار المغذية لها، بالإضافة إلى محطة تحلية الجنوب التي كانت قد توقفت إمدادات الطاقة لها قبل أن يتم ربطها مجددًا بشبكة الكهرباء.

وأكدت سلطة المياه أنها بذلت جهودًا كبيرة منذ بداية العدوان لتوفير ما يمكن من المياه للمواطنين، خاصة في مراكز الإيواء ومناطق النزوح، وللتخفيف من تدفق المياه العادمة في المناطق المأهولة.

 

أزمة حادة في قطاع المياه..


 

وأشارت سلطة المياه إلى أنها تمكنت من تنفيذ عدة تدخلات هامة، بما في ذلك صيانة وصلات المياه الثلاث والخطوط الرئيسية من ميكروت التي تغطي 58% من إمدادات المياه في قطاع غزة.

وفيما يخص محطات التحلية، أكدت سلطة المياه أنها تواصل جهودها لصيانة محطتي تحلية الجنوب والوسط، حيث تم استعادة حوالي 62% من قدرة الإنتاج قبل العدوان، مع التأكيد على أن العمل جاري لتوفير الوقود وقطع الغيار والمعدات اللازمة لدعم تشغيل المحطات.

ووزعت سلطة المياه الوقود على آبار المياه في شمال القطاع لتشغيل نحو 60-65 بئراً، مما أسهم في توفير 40,000 متر مكعب من المياه يومياً، بالإضافة إلى إعادة تفعيل بعض الآبار المتضررة جزئياً في جباليا.

على صعيد قطاع الصرف الصحي، تم تخصيص حصة من الوقود لتشغيل محطات ضخ المياه العادمة في بعض المناطق، وذلك للحد من الفيضانات ومنع تفشي الأمراض، بما في ذلك محطات ضخ رئيسية في مدينة غزة وخان يونس وجباليا.

ورغم هذه الجهود، حذرت سلطة المياه من أن استمرار منع إدخال الوقود من قبل الاحتلال قد يؤدي إلى توقف كامل لآبار المياه ومحطات ضخ مياه الصرف الصحي، وهو ما يشكل تهديداً كبيراً لحياة المواطنين في شمال غزة، حيث أن أكثر من 95% من مرافق المياه والصرف الصحي قد توقفت بسبب نفاد الوقود.

وأشارت إلى أن المجتمع الدولي يجب أن يتدخل بشكل عاجل لضمان إدخال الوقود والمواد الضرورية لتشغيل هذه المرافق الحيوية. ورغم إدخال كمية ضئيلة من الوقود خلال هذا الأسبوع، لا تزال احتياجات القطاع ماسة بشكل كبير.

وأكدت سلطة المياه أن الوضع الحالي في غزة يشير إلى انعدام إمدادات المياه الأساسية التي تعتبر من أهم مقومات الحياة، مما يهدد حياة السكان ويزيد من معاناتهم في ظل الظروف الإنسانية الصعبة.

ومؤخرًا لفتت التقارير الدولية والأممية إلى تراجع كبير في قدرة الآبار على إنتاج المياه، حيث انخفضت طاقتها الإنتاجية إلى حوالي 10-20% فقط مما كانت عليه قبل العدوان.

وتعود هذه الخسائر إلى الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية للآبار والمرافق المائية، بالإضافة إلى انقطاع التيار الكهربائي اللازم لضخ المياه ونقص الوقود.

 


 

اخبار ذات صلة