تتواصل المباحثات في العاصمة المصرية القاهرة، للوصول إلى صفقة تبادل بين المقاومة الفلسطينية و"إسرائيل" من شأنها وقف الحرب المستمرة على قطاع غزة، منذ السابع من أكتوبر 2023م، وسط تفاؤل كبير من سكان القطاع.
ونقلت وسائل إعلام عبرية، عن مسؤول إسرائيلي "كبير" قوله: إنه "تم إحراز تقدم في المفاوضات، لكن لم يتم التوصل بعد إلى تفاهم يسمح لإسرائيل وحماس بالمضي قدماً نحو مفاوضات مفصلة حول اتفاق نهائي".
وأضاف المسؤول الإسرائيلي، أن "حماس أبدت استعداداً أكبر للتحلي بالمرونة والبدء في تنفيذ اتفاق ولو جزئي"، مُشيراً إلى أنه "حتى وقت قريب، كان التفكير في إسرائيل هو أن حماس لا تريد التوصل إلى اتفاق - والآن يبدو أن هناك نقطة تحول وربما غيرت حماس رأيها" -حسب زعمه-.
وكان رئيس أركان جيش الاحتلال هرتسي هاليفي، ورئيس جهاز الشاباك رونين بار، زارا القاهرة الثلاثاء الماضي، والتقيا برئيس المخابرات المصرية حسن رشاد وكبار المسؤولين العسكريين المصريين، وفقاً لمصدر مطلع.
وقال المصدر إن "المواضيع التي نوقشت خلال اللقاء هي صفقة تبادل ووقف إطلاق النار في غزة"، حيث إن "إسرائيل" قدَّمت، الأسبوع الماضي، اقتراحاً محدثاً لحماس للوصول إلى اتفاق تبادل ووقف لاطلاق النار في غزة.
وأكد مسؤولون إسرائيليون كبار، أن "الاقتراح المحدث لا يختلف بشكل كبير عن الاقتراح الذي تم التفاوض عليه في أغسطس والذي لم يؤت ِثماره، لكن التركيز الآن ينصب بشكل أساسي على محاولة تنفيذ المرحلة الأولى من الاتفاق مع بعض التغييرات".
ترقب وأمل!
ووسط أجواء يملؤها الترقب والأمل، يُكثِّف النازحون في جنوبي قطاع غزة، متابعتهم للأنباء القادمة من العاصمة المصرية، آملين هذه المرة التوصلَ إلى اتفاق حقيقي لوقف الحرب.
ما إن انتهى النازح “أبو عوني” من تصفح آخر مستجدات المباحثات، خاصةً ما نقلته صحيفة الأخبار اللبنانية، أنه “من المنتظر أن يعود الوفد الإسرائيلي إلى القاهرة خلال الساعات المقبلة حاملاً أجوبة ستعرض على المسؤولين المصريين على أمل أن يعلن الوسطاء، مصر وقطر، دخول التهدئة حيز التنفيذ”، حتى قال بصوتٍ مسموعٍ لعائلته: “تفاءلوا خيراً، هذه المرة يُمكن أن يتوصل الطرفان لاتفاق، كل الأخبار مبشرة بصفقة إن شاء الله”.
أما جاره أبو محمد، وهو نازح من حي تل الهوى بغزة، فلم يُخفِ أمله وثقته بالتوصل إلى الصفقة، يقول:" الأرض حنت لأهلها..يا رب العوض والجبر من عندك..إن شاء يتم على خير".
على غير عادته، انقلبت أراء "أبو أحمد البنا"، وهو نازح في مدينة دير البلح وسط قطاع غزة، فهو بعد محطات من التشاؤم في كل جولة تفاوضية، يرى إمكانية الوصول إلى صفقة خلال هذه الجولة تحديداً.
ويتفق النازح "أبو الوليد عناية" مع ما قاله سابقه، فهو يأمل أن تفضي تلك المحادثات إلى إنهاء الحرب الهمجية، بدليل "الاجتماعات المكثفة في القاهرة، ومساعي "الوسطاء" لتقريب وجهات النظر، ورغبة طرفي التفاوض بالحفاظ على الإنجازات التي انتزعها من الطرف الآخر: "هناك مرونة من الجانبين، وضغوط من الوسطاء”.
ويترقب سكان قطاع غزة، بفارغ الصبر نتائج هذه الجولة من المباحثات على أحر من الجمر، إذ يُبدي قسم كبير منهم تفاؤلاً بشأن إتمامها، في ظل سعي "الوسطاء" للتقليل من الفجوات بين الطرفين، في حين يُقلل قسمٌ آخر من إمكانية التوصل إلى صفقة؛ نظراً للعقبات المستمرة التي يضعها رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي "بنيامين نتنياهو" والتي تعرقل الصفقة لأسباب شخصية، إذ يهدد وقف الحرب على غزة ائتلافه الحكومي ويُنهي مستقبله السياسي وفق مراقبين.
فعلى الضفة الأخرى من نهر النزوح، يتكئ "أبو محمد حجازي" في ظل عريشته" المتشكلة من جريد النخيل وبعض الأقمشة، ويومئ بيده بإشارة النفي والنظرة السلبية للمفاوضات، يبرر تشاؤمه بقوله: "نتنياهو يريد أن يعيد الأسرى ثم يستمر في الحرب مرة أخرى، وقف الحرب ليس في صالحه، وأمريكا تمنحه الضوء الأخضر للمجازر".
وأضاف: "ما مرت به المفاوضات من بدايتها هو تضييع للوقت وإهدار للمزيد من دماء الأبرياء في شعبنا الفلسطيني، ففي كل جولة يفشلها الاحتلال بمجزرة جديدة، وهذا استخفاف منهم ورسالة أنهم لا يريدون وقفاً للحرب".
ولا تختلف رؤية النازح "أبو العبد يونس" عن سابقه "حجازي"، فيوضح أن "المفاوضات هدفها تكريس المزيد من معاناة الشعب الفلسطيني في غزة، في مقابل هذا الصمت الواضح على جرائم الاحتلال البشعة وتمرير مخططاته".
ويقول: "المفاوضات ستتم فقط إذا كانت تخدم الاحتلال، ولا أحد في العالم يشعر بمعاناتنا أو يهمه أمرنا".
وبالعودة لما أوردته صحيفة الأخبار اللبنانية، فقد نقلت عن مصادر ومسؤولين مصريين قولهم: “إن القاهرة تأمل بعد وصول الرد الإسرائيلي في الوصول إلى “تهدئة” وإعلان دخولها حيز التنفيذ عند الساعة 12:00 بتوقيت القاهرة، نهاية هذا الأسبوع أو بداية الأسبوع المقبل.
وقال مصدر مصري، إن القاهرة سلمت الوفد الإسرائيلي أسماء 30 “مختطفاً” تنطبق عليهم الشروط الأولية للمرحلة الأولى من الصفقة، وهم فوق الخمسين ويحتاجون إلى علاج طبي.
وذكر المصادر المصرية أن “حالة الأسرى الآخرين سيتم الاتفاق عليها خلال فترة وقف إطلاق النار”، وأوضحت أن التوجه هو “إطلاق سراح أسير واحد إسرائيلي كل يومين، ونقل الدواء والعلاج لعدد من الأسرى، مقابل إطلاق سراح عشرات الأسرى الفلسطينيين من سجون الاحتلال، ونقل عدد من الشاحنات المحملة بالمستلزمات الطبية والطبية والمساعدات الإنسانية للقطاع، كما تقرر إطلاق سراح الجنود في المرحلة التالية من الاتفاق”.
وحتى اللحظة، لم تفلح جولات من المحادثات على مدى عام وشهرين في التوصل إلى اتفاق ينهي العدوان الإسرائيلي على غزة، وُيفضي إلى صفقة تبادل تشمل إطلاق سراح أسرى إسرائيليين لدى المقاومة وأسرى فلسطينيين في سجون الاحتلال.
وتستمر القاهرة والدوحة، اللتان تلعبان دور الوسطاء في تلك المفاوضات في إجراء مباحثات من أجل التوصل لاتفاق بين الجانبين، من شأنه وقف الحرب على غزة، وتبادل الأسرى.