قائمة الموقع

الشيف محمود المدهون: طباخ الرحمة الذي أطعم الجوعى رغم أهوال الحرب

2024-12-12T16:20:00+02:00
الشيف محمود المدهون.webp
شمس نيوز - عبدالله عبدالعال

في شمال غزة حيث يمتزج هدير الطائرات مع صرخات الأطفال وحطام البيوت، برز اسم الشيف محمود المدهون كقصة إنسانية لا تُنسى، لم يكن محمود مجرد طاهٍ؛ كان رجلًا استثنائيًا حمل على عاتقه مهمة نبيلة في زمن الحرب، حين قرر أن يواجه الجوع والقهر بقدر مليء بالطعام وأيدٍ تفيض بالكرم.

حين اندلعت الحرب، وانقطعت الإمدادات عن الناس المحاصرين، رفض محمود أن يبقى متفرجًا على الجوع وهو ينهش أجساد الصغار والكبار، في مطبخه البسيط، بدأ مهمته، لم تكن المهمة سهلة، فالطائرات لا تتوقف عن القصف، والموارد شحيحة، لكن قلب محمود الكبير كان ممتلئًا بالإصرار، كل يوم، مع طلوع الفجر، كان يشعل النار في أفرانه، ليس ليطعم نفسه أو عائلته فقط، بل ليطعم كل من أنهكتهم الحرب.

على مدار 400 يوم، صار محمود أكثر من مجرد شيف، كان ملاذًا للجائعين، رجلًا جعل من مطبخه مركزًا للأمل في وقتٍ طغت فيه الكارثة، كان يطهو الطعام بحب، يوزعه بنفسه على البيوت المدمرة والملاجئ المكتظة، لا يخشى القصف ولا الحصار. بابتسامته الطيبة، كان يقول دائمًا: “ما دمت حيًا، لن يجوع أحد”.

أصبح محمود رمزًا للصمود في شمال غزة، رأى الأطفال فيه أبًا، والنساء فيه منقذًا، والرجال فيه مثالًا للتضحية؛ لكنه، رغم كل شيء، كان يعلم أن عمله هذا قد يكلفه حياته، ورغم ذلك، لم يتوقف يومًا عن عطاءه.

اختار محمود أن يستمر في رسالته، على أمل انتهاء الحرب، وعودة الناس لإعادة بناء حياتهم؛ لكنه لم يُكمل المشوار طويلًا، في يومٍ عادي، بينما كان محمود يعد الطعام كعادته، استهدفت طائرات الاحتلال الإسرائيلي مطبخه، كان ذلك في ذروة العمل، استشهد محمود في لحظة كانت يداه مشغولتين بإعداد لقمة العيش للجوعى في شمال غزة.

لمتابعة آخر المستجدات الميدانية والسياسية للحرب على غزة اشترك بقناة شمس نيوز على منصة تيلجرام

لم يكن رحيله مجرد فقدان طاهٍ؛ بل كان خسارة إنسان وقف بشجاعة أمام أهوال الحرب ليبقى نورًا يهدي الناس في ظلماتها. في غزة، يُذكر اسمه كل يوم في البيوت، وفي كل موائد الطعام. أصبح محمود رمزًا للعطاء الذي لا يتوقف، للإنسانية التي تتحدى الموت، وللحب الذي يترك أثرًا خالدًا حتى بعد الفقد.

رحل محمود، لكن ذكراه باقية في قلوب كل من أطعمه، وكل من شهد كيف يمكن للإنسان أن يُضيء حياة الآخرين، حتى في أحلك الظروف.

اخبار ذات صلة